الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
لا تُخفي ايرلندا مواقفها المؤيّدة للقضية الفلسطينيّة، ولا تترك مناسبةً إلّا وتُشدّد على رفضها القاطع للسياسات الإسرائيليّة، ومن هنا فإنّ تحذير سفير تل أبيب في دبلن، زئيف بوكير، من أن الحكومة الأيرلندية بصدد اتخاذ قرار بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في المُستقبل القريب جدًا، ما هو إلّا تحصيل حاصل، حيث طالب حكومته بالعمل من خلال إدارة الرئيس الأمريكيّ الجديد، دونالد ترامب، للضغط على ايرلندا ومنعها من الإقدام على خطوةٍ من هذا القبيل.
وكانت صحيفة (يديعوت أحرونوت) ذكرت في وقتٍ سابقٍ وزير الخارجية الايرلنديّ، دعا دول الإتحاد الأوروبي، إلى مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلّة.
وبحسب الصحيفة فقد أوضح وزير الخارجية الايرلنديّ في رسالة بعث بها إلى رئيس لجنة الخارجية والتجارية في البرلمان الايرلنديّ أنّ بلاده تُفكّر بتطبيق مقاطعةٍ شاملةٍ لمنتجات المستوطنات، داعيًا دول الإتحاد الأوروبيّ لفرض مقاطعة على منتجات المستوطنات.
علاوة على ذلك، أكّد على أنّ مقاطعة منتجات المستوطنات ستعمل على تخفيف المعاناة التي يعاني منها المواطنون الفلسطينيون، بالإضافة إلى كونها واجبًا أخلاقيًا على جميع دول الإتحاد الأوروبيّ، بحسب تعبيره.
وبيّن الوزير أنّ مقاطعة منتجات المستوطنات ستُسهم في وقف البناء والتوسّع غير القانوني داخل المستوطنات الإسرائيليّة في الضفة الغربيّة المحتلّة.
وأشارت الصحيفة العبريّة إلى أنّ هذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها وزير خارجية أوروبيّ إلى فرض مقاطعة على بضائع من المستوطنات، حيث كان جلّ اهتمام دول الإتحاد الأوروبيّ ينصبّ على تأثير بضائع المستوطنات وليس مقاطعتها.
ومن الجدير بالذكر أنّ العديد من دول الإتحاد الأوروبيّ كانت قد قررت وضع علامات خاصة، توضح للمستهلكين مكان إنتاج السلع التي تصدرها إسرائيل، بعد مطالبة العديد من المنظمات الحقوقيّة مقاطعة منتجات المستوطنات.
وكان سفير تل أبيب في دبلن، قد اتهّم السلطات الأيرلنديّة، بالتغاضي عن أعمال التنكيل والإساءة التي يتعرض لها الإسرائيليون على أراضيها. ونقلت الإذاعة العامة عنه قوله إنّه كان من المقرر أنْ يُقام في دبلن خلال مهرجان الثقافة الإسرائيليّة حيث تعرض خلاله مقاطع موسيقية وأفلام، إلّا أنّ منظميه واجهوا صعوبةً في إيجاد مبانٍ للعرض على ضوء رفض أصحاب المحال تأجيرها. وأضاف سفير تل أبيب لدى دبلن أن عددًا من الشباب الأيرلنديّ حطموا بوابات ونوافذ أحد المواقع الذي اختير لإقامة المهرجان في دبلن وأطلقوا التهديدات ضده وطاقم السفارة.
وأوضحت الإذاعة العبرية أنّ السفير الإسرائيليّ اجتمع في أعقاب هذا الاعتداء مع وزير الخارجية الأيرلندي إلّا أنّ السلطات في دبلن لم تستجب له. ونقلت عن مصادر وصفتها بأنّها عالية المستوى قولها إنّ الحكومة الايرلندية تقوم بتشجيع المواطنين على كره إسرائيل، متهمةً إيّاها بالعمل من منطلق معاداة السامية. وزادت المصادر عينها قائلةً إنّ ايرلندا بدون أدنى شك تحولّت إلى أكثر دولةٍ أوروبيّةٍ معاديةٍ لإسرائيل وتقوم بدفع الدول الأوروبيّة الأخرى لاتخاذ مواقف متطرفةٍ وغير قابلة للتهاون ضدّ الدولة العبرية.
ولفتت المصادر أيضًا إلى أنّه عندما وصل السفير الإسرائيليّ، إلى العاصمة دبلن استقبلته إحدى الصحف المركزية في ايرلندا بعنوانٍ ضخمٍ على الصفحة الأولى: أهلا وسهلا بك في جهنم، وساقت المصادر قائلة إنّه في الفترة الأخيرة ظهرت فرقة جديدة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، والتي طالبت المشاركين والمتصفحين بإلقاء الصخور الكبيرة على مبنى السفارة الإسرائيلية في دبلن، كما أنّه في الفترة الأخيرة، أوضحت المصادر، منعت مجموعة مؤيدة للفلسطينيين المطرب الإسرائيلي، يزهار أشدوت، من إحياء حفلةٍ كانت مقررة له بعد أنْ قاموا بتخريب القاعة التي كان من المزمع إحياء الحفلة فيها، ولفتت المصادر أيضًا إلى أنّ المجموعات الايرلنديّة المؤيدة للشعب الفلسطينيّ قامت بمهاجمة الحسابات الشخصية للدبلوماسيين والعاملين في السفارة الإسرائيليّة على مواقع التواصل الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، تعرضّ السفير الإسرائيليّ في دبلن لهجومٍ حادٍّ في شهر نيسان (أبريل) الماضي من قبل النائب في لجنة الخارجيّة والأمن في البرلمان الأيرلنديّ، ريتشارد باريت، حديثه خلال اجتماع اللجنة مع سفير السفير الإسرائيليّ، حيث قال له النائب: أيُّها السفير سأقولها بصراحة، أنا من هؤلاء الذين يعتقدون بوجوب طردك من هذا البلد، ولكن هذا لا علاقة له بكَ شخصيًا، إنمّا بسياسات دولتك، وتابع: إلى جانب القس ديزموند توتو أقول إنّ الوقت لمعاملتكم كدولة طبيعيّة قد انتهى، لأنّكم لا تتصرّفون كدولةٍ طبيعيّةٍ.
وتابع قائلاً: أود أنْ أطرح بعض الأسئلة المتعلقّة بمزاعمك، وأود أنْ أوضّح أنّ أقوالي ليس مدفوعة من باب معاداة الساميّة وشدّدّ على أنّه سيفعلها ثانيةً في حال حاول أحدهم التقليل من الأهوال التي ارتُكبت بحقّ اليهود، و”هذا لأنّي على وجه الخصوص مُعارض للعنصريّة، ولذلك أُعارض ما تقوم به دولتك وما تقف عليه، لذلك أود طرح بعض الأسئلة التي لها علاقة بذلك: حاولت التغطية على ما قمتم بفعله من قتل للأبرياء خلال ثلاثة أحداث منفصلة في غزّة في السنوات الماضية، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينيّة وغيرها”. ولفت أيضًا: “قمتُ بالتغطية على كلّ ذلك بالهجوم على حماس. وسأله: لماذا لا تعترف بأنّ حماس لم تكُن موجودةً أصلاً خلال اشتعال الانتفاضة الأولى؟ ولم تُقِم ذراعًا عسكريًا إلّا في التسعينيات من القرن الماضي. والسبب وراء ذلك أنّ منظمة التحرير الفلسطينيّة كانت في الخارج بذلك الوقت، ولم يكُن لها تواجد فعليّ”.