الثنائي المتآلف جداً "برناديت حديب" و "طلال الجردي" عرفا نجاحاً نادراً عندما جسّدا دوري زوجين في فيلم" لمّا حكيت مريم" بإدارة المخرج اللبناني "أسد فولادكار"، وتنوّعت لقاءاتهما فيما بعد حتى وصلت قبل أيام إلى مسرح "الجميزة" مع " بتقتل"بإدارة المخرج "جو قديح"، الذي سبق وتعاون مع "برناديت" في آخر مسرحياته" غرام وإنتقام" .
بطلا المسرحية برناديت حديب وطلال الجردي
النص إقتبسته " ماري كريستين طيّاح" عن مادة كتبها الفرنسي من أصل بلجيكي "إيريك إيمانويل شميت" بعنوان" petits crimes conjugues " لكن الأمور بين بطلي المسرحية الزوجين ليلى( برناديت) وفريد( طلال) لم تصل إلى حد إرتكاب جريمة، وقاما بمحاولات عديدة لكي يقضي أحدهما على الآخر، من دون نتيجة تذكر طوال سنوات، بينما تفاعلت الكراهية بينهما، وبلغت حدّها الأقصى مع إنكشاف كامل التفاصيل الكاذبة من كليهما في آن واحد.
تنطلق أحداث المسرحية من لحظة خروج "فريد"من المستشفى ، وعودته برفقة "ليلى" إلى المنزل، على أساس أنه فاقد لذاكرته، وتتولّى هي مهمة تذكيره بأشيائهما الحميمة كنوستالجيا تساعد على دخوله الأجواء التي تعيده رويداً رويداً إلى حالته الطبيعية، تعبت معه، وهو يبدو في حالة غير العارف ماذا يجري معه، وراحت إجاباته تكشفه، حيناً يبدو فاهماً بالتفاصيل ماذا يريد، وحيناً يُدخل نفسه في كوما مصطنعة لا يعود معها مفهوماً في أي دنيا يحلق، إلى أن تحين لحظة الحقيقة.حوارات ساخنة، حوصر بها فأعلن أنه لم يفقد ذاكرته بل إخترع ذلك للقوطبة عليها وكشف حقيقة مشاعرها تجاهه، هل تحبه فعلاً أم أنها تمثل أمامه هذه العاطفة، وهي مثّلت بالتالي دور الزوجة الخاضعة، حتى أبلغها بأنه إخترع المرض وحسب لتذكّره بأنه حاول قتلها مرة، ولأكثر من مرة حمل كل منهما حقيبته للمغادرة ثم كانا يعودان بعد لحظات. وتستمر هذه الأجواء حتى يفضفضا عن مكنوناتهما وكل الكذب المعشش في داخلهما تجاه بعضهما البعض. الحصيلة أن الزواج تركيبة مفبركة لا تستوي ولا تتوازن ولا تستمر إلاّ لأن الطرفين يمدّانها بأكبر قدر من التكاذب لتكون الحياة دائماً على كف عفريت.مسرحية متكاملة العناصر الناجحة، النص رائع، الإخراج شفاف، والتمثيل في أعلى درجاته حيث لا أحد يقترب من مربع "برناديت" التمثيلي، لأنها حالة فريدة.