الدكتور سامر البوش
إن الانتخابات الرئاسية أو المستشارية في جمهورية ألمانيا الاتحادية تتم وفق منظومة محسنة وفريدة من نوعها تتفادى مساوئ الانتخاب المباشر من القاعدة الشعبية ، حيث أن الطريقة التقليدية في الانتخاب كما هو في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعتمد على الانتخاب المباشر، تتعرض لمجموعة عوامل تؤثر سلبا على نتائجها فالحملات الانتخابية لديها أدواتها المشروعة أو غير المشروعة في كسب الأصوات بغض النظر عن مدى تعبيرها عن الآراء الحقيقية لأصحابها، كذلك فإن الكثير من الناخبين يحكمون على جدارة المرشح من خلال مواقف بعينها قد تكون خاطئة أو من خلال بعض تصريحاته التي لا تصلح أن تكون مقياسا لتقدير جدارته بالفوز ، وبالتالي ستساهم تلك العيوب باستبعاد أشخاصا قد يكونون أكثر قدرة وجدارة على قيادة البلاد من غيرهم .
وتفاديا لكل تلك العيوب فإن منصبي الرئيس والمستشار في المانيا يتم انتخابهما من قبل المجمع الانتخابي المؤلف من مجلس البرلمان ” البوندستاغ” ومجلس مندوبي الولايات ” البوندسرات” وليس من قبل الشعب مباشرة حيث أن المسؤولية في إدلاء الأصوات تكون أكبر وذات مهنية ومرجعية عالية الدقة وخاصة مع ثقل ومساهمة الصوت وتأثيره بنتائج الانتخابات، حتى وإن كان للتكتلات السياسية الدور المهم والتأثير الفعال في الترشيح والانتخاب لهذين المنصبين .
وأمام الحالة الالمانية نجد أن هذة المنظومة الديمقراطية الفريدة تقوم على حماية هذين المنصبين الأكثر أهمية في الجسم السياسي الذي يقود البلاد من وصول الأشخاص الذين لا يملكون الكفاءة والخبرة والمهنية علاوة على ضرورة تمتعه الأكثرية التي تمثل القاعدة الشعبية تمثيلا حقيقيا لإدارة أكثر المناصب حساسية ، وبذلك تقوم هذه المنظومة بحماية الشعب نفسه من الوقوع في مصائد الحملات الانتخابية وتعمل على أبطال تأثيرها السلبي إبان العملية الانتخابية ، أما في منظومة الانتخاب التقليدية فإن عوامل التأثير على الناخبين من استغلال الخوف والفقر والحاجة والنأي بالنفس أحيانا عن الشأن السياسي لدى القاعدة الشعبية والتي تعتبر الانتخابات بالنسبة لها حق يمكن المتاجرة به أكثر من كونها واجب يؤثر وبشكل مباشر لوصول أشخاص يستخدمون النفوذ والاستغلال والمال السياسي وأحيانا التهديد والترهيب كما في بعض الدول العربية للوصول إلى مناصب يعتبرونها حقا للأقوياء وليست للأكفاء.
فهل ستتجه ديمقراطياتنا العربية البالية إلى الديمقراطية المحسنة بعد تجاوز ربيعها العربي الذي لم يولد بعد .
استاذ العلاقات الدولية
باحث في الوكالة الالمانية للتعاون الدولي