الموصل (العراق)- (أ ف ب) – يلقي بعض التلامذة قصائد شعر تمجد مشاعر الحب أمام حشد من رفاقهم في باحة مدرسة في شرق الموصل، بينما يتناقل غيرهم أقلاما رسمت عليها قلوب، وبالونات وورودا بلاستيكية، وسط قالب حلوى كبير بمناسبة عيد الحب.
تقول التلميذة آمال وهي ترتدي النقاب الذي لا يكشف سوى عن عينين عسليتين جميلتين، “لن ننسى هذا اليوم. كنت اعرف سابقا ان هناك عيدا للحب، لكنها المرة الاولى التي تتاح لنا الفرصة للاحتفال به”.
وبما ان شرق الموصل لم يتحرر من تنظيم الدولة الاسلامية الا قبل فترة قصيرة، وبما ان المعارك لا تزال متواصلة في القسم الغربي من المدينة، فان الحذر لا يزال سيد الموقف. وطلب منظمو هذا الاحتفال من تلامذة مدرسة الزهور الانتقال الى داخل المبنى بدلا من البقاء في الباحة.
ذلك ان الطائرات من دون طيار التابعة لتنظيم الدولة لاسلامية لا تزال تحلق في سماء شرق الموصل الذي حررته القوات العراقية.
وقال فريد العضو في مجموعة “نهضة جيل” لفرانس برس “اقمنا هذه الاحتفالية بهدف نشر المحبة والسلام بين العراقيين وبين الجميع″ مضيفا “نحن لسنا متطرفين ولا فكرنا افكار داعش. ان أفكار داعش بعيدة عنا، نحن مسلمون مسالمون ونأمل بان يحل السلام والامان في هذا البلد”.
وتم انشاء هذه المجموعة قبل نحو شهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تضم شبانا وشابات من الموصل تتراوح اعمارهم بين 15 و30 عاما. وقد حددت هدفا لها ازالة الركام من المدارس والمستشفيات لاعادة تشغيلها، ودهن جدران الشوارع وزرع الاشجار لاعادة احياء هذا الجزء من المدينة الذي تحرر من سيطرة التنظيم المتطرف الذي سيطر عليه لاكثر من سنتين.
-“ازالة اثار داعش”-
ويبلغ فريد السادسة والعشرين من العمر وهو واحد من نحو 300 متطوع يعملون في مجموعة “نهضة جيل”. وقال في هذا الاطار “لا بد من ازالة آثار داعش الظاهر منها او غير الظاهر”.
وتمكن هؤلاء المتطوعون من ازالة كل شعارات التنظيم التي تمجد “الخليفة” البغدادي بشكل كامل تقريبا عن واجهات المباني، الا ان ممارسات هذا التنظيم القاسية لا تزال حاضرة في اذهان الجميع.
واضاف الشاب فريد في اشارة الى الاحتفال بعيد الحب “نسعى للقيام باعمال رمزية تتعارض تماما مع كل ما عشناه خلال السنتين الماضيتين”.
وخلال الاسبوع الماضي نظف الشبان، وهم جميعا من المسلمين، كنيسة كبيرة في شرق الموصل تعرف باسم “تيتانيك” لشكلها الذي يشبه السفينة. والهدف حسب منال هو “التشديد على ان تنوعنا في الموصل هو مصدر قوتنا”.
كما قالت التلميذة نور (14 عاما) بهذا الصدد “ان اقامة حفلة يشارك فيها الصبيان والبنات في قاعة واحدة مع موسيقى وسط جو من الفرح كان امرا مستحيلا حتى قبل اسابيع قليلة”.
الا ان الفرحة التي كانت ظاهرة على وجوه التلامذة تختلف عن القلق الذي كان مسيطرا على منظمي هذه الاحتفالية خوفا من اي تطور امني.
وكان تنظيم الدولة الاسلامية سجن لمدة شهرين محمد نامق احد مؤسسي هذه المجموعة لانه كان يقرا اشعارا عبر احدى الاذاعات اعتبرت تحريضية.
وقال وهو يقف في المدرسة “حتى ولو كنا مهددين، لا يستطيع احد ان يمنعنا من قول كل ما نريده بصوت عال بعد ان سكتنا طويلا”.
حنين (17 عاما) تؤكد انها تريد المشاركة في اعادة اعمار مدينتها. تقول “على الجميع ان يشارك في الاعمار وليس الصبيان فقط بل البنات ايضا”.
واضافت وهي تضحك ببراءة “ان الاحتفال بعيد الحب امر “ساحر، اذ كيف نستطيع ان نعيش من دون الحب؟” قبل ان توضح انها لم تعثر بعد على شريكها في الحب.