زيد فهيم العطاري
يبدو بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد أن يطوي صفحة قرابة 70 عاماً من الجهود الدبلوماسية والسياسية التي بُذلت لتسوية الصراع مع اسرائيل بما فيها قراراتٍ دولية خاصة بالقضية الفلسطينية.
إن هذا المنحى الذي نحاه ترمب لا يعدو كونه ألية جديدة من أليات إدارة المشكلة وليس حلها، إدارة يكون فيها الانحياز للجانب الإسرائيلي حراً لا تقيده ضغوطٌ دولية أو قراراتٌ أممية خاصة قرار مجلس الأمن الأخير والمتعلق بوقف الاستيطان.
ترمب أراد ايصال عديد الرسائل للجانب الفلسطيني أولها أن الجهود والانجازات السياسية التي تحققت كما يرى الفلسطينييون سواءً فيما يخص قرارات الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن والمنظمات التابعة للأمم المتحدة لن تكون ورقةً بيد المفاوض الفلسطيني، فالدعم والتأييد الدولي لن يجد طريقاً للتأثير في سير عملية السلام، وحديث ترمب عن ضرورة أن يكون التفاوض فلسطينياً إسرائيلياً يؤكد أن الإدارة الامريكية تريد عزل القضية الفلسطينية عن المجتمع الدولي ما أمكن، مع الاكتفاء بالدور العربي للدول الشريكة في عملية السلام علماً بأن أي ضغط يمكن ممارسته من جانب هذه الدول لن يكون كافياً لكسب أي جولة من جولات التفاوض إن استؤنفت المفاوضات كذلك فإن تفضيل المفاوضات الثنائية وعدم انخراط المجتمع الدولي بفاعلية من شأنه طرح خيار المفاوضات السرية الأمر الذي قد يؤدي إلى ولادة تفاهمات قد لا تكون أساسية في ملفات القضية الفلسطينية إلا أنها مؤثرة إن حدثت.
من جهة أخرى فالرئيس الأمريكي أبقى الباب موارباً فيما يخص حل الدولتين، كأحد الحلول بعد ان كان الحل الوحيد الخاضع للبحث والنقاش، وفي هذا الصدد تبادر إلى الذهن الرقم ثلاثة فقد نشهد دولة في الضفة وأخرى في غزة في ظل المشهد الفلسطيني الحالي، اما خيار الدولة الواحدة فليس قابلاً للحديث فلسطينياً وعربياً وحتى اسرائيلياً في ظل تمسك نتنياهو بشرط يهودية الدولة، إذن فمسألة العودة عن حل الدولتين كأساس للتسوية يبدو ضرباً من المستحيل والعودة عنه أشار اليها ترمب بالقول أن الولايات المتحدة ستوافق على ما يتفق عليه الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
نتنياهو بقي واضحاً بشروطه المتمثلة بيهودية الدولة والسيطرة الأمنية على الضفة الغربية،كما أنه لم يلقي بالاً لمسألة وقف الاستيطان الأمر الذي يؤشر على نيته الإمعان في السياسات الاستيطانية.
إن الصورة التي يمكن تكوينها عن عملية السلام في المرحلة القادمة لن تكتمل إلا بعد لقاء ترمب بالرئيس الفلسطيني، فالحديث في المؤتمر الصحفي الذي جمع ترمب بنتنياهو كان يهدف إلى التأكيد على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وألية تقديم هذا الدعم في عملية السلام، كما ان المؤتمر الصحفي جدد رغبة ترمب بنقل السفارة هذه الرغبة التي وصفها بالأمل بمعنى ان نقل السفارة ليس سهلاً ويحتاج للدراسة والبحث ليدخل حيز التنفيذ كما أنه ليس بيد ترمب لوحده.
في نهاية المطاف فإن المُضي قُدماً في عملية السلام يتطلب خارطة طريق وخطوات على الأرض أشبه بما يسمى اجراءات حسن النوايا خاصة من الجانب الإسرائيلي فالبدء بالمفاوضات الثننائية يحتاج وسيطاً يحقق التقارب بين الجانبين لبدء المفاوضات وهذا ما يُنتظر من إدارة ترمب فعله وليس الاكتفاء بالموافقة على ما يتفق عليه الجانبين.