رام الله ـ لبابة ذوقان:
بدت معالم مستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، تتضح بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الولايات المتحدة، الأربعاء الماضي، بحسب مراقبين فلسطينيين.
وكان ترامب، قد أعلن الأربعاء خلال مؤتمر صحفي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن عدم تمسكه بخيار “حل الدولتين”. وقال:” أؤيد الحل الذي يوافق عليه الجانبان”.
وتمسكت الإدارة الأمريكية السابقة بحل الدولتين، واعتبرت مع الشركاء الآخرين في اللجنة الرباعية أنه الحل الوحيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وكانت اللجنة الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، قد طرحت على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، عام 2003، خارطة طريق تنص على قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، ولذلك سمي بمبدأ “حل الدولتين”.
وأشار محللان سياسيان، في حديثين لوكالة الأناضول، إلى أن اللقاء الأول بين الرئيسين، شكّل قاعدة للانطلاق بمرحلة تتميز بالتناغم الأمريكي الإسرائيلي، للاستراتيجية التي ستحكم العلاقة الإسرائيلية الفلسطينية، وتحدد طبيعتها.
ويشير أيمن يوسف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين، إلى أن “زيارة نتنياهو لأمريكا، والتصريحات المختلفة للأمريكان والإسرائيليين قد وضعت الأساس الجديد لما يسمى بعملية السلام ولمستقبل العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
وأضاف في حديث لوكالة الأناضول:” هناك توافق إسرائيلي وأمريكي تام ومتوافق 100% على جميع الرؤى والاستراتيجيات”.
ورأى يوسف أن أهم نتائج تلك الزيارة، هو أن الولايات المتحدة تناغمت بشكل كبير مع الرؤى الإسرائيلية، وبذلك فإن الرؤى الإسرائيلية هي التي ستحدد مسار عملية التفاوض وليس الرؤية الأمريكية، حسب قوله.
وتابع:” ربما يحمل المستقبل تعميقا للخطوات الأحادية من الجانب الإسرائيلي، وأن تتبع إسرائيل استراتيجية الخطوة الأحادية، حتى تفرض الحقائق، والوقائع على الأرض”.
ورأى أن المؤشرات التي حملها لقاء الرئيسين، تتمثل بـ”تسمين المستوطنات، وربما في مرحلة لاحقة، ستحاول إسرائيل تجميعها، حتى تتمكن من فرض رؤية على الفلسطينيين وعلى المفاوض الفلسطيني”.
ولفت يوسف إلى “قلة الخيارات الفلسطينية” المتاحة للرد على هذا التناغم الأمريكي الإسرائيلي، وقال:” الفلسطينيون بحاجة لنقاش وطني تشترك فيه القوى الحية كلها، من السلطة ومنظمات المجتمع المدني والفصائل والأكاديميين والمثقفين، حتى نخرج برؤية شاملة لمواجهة هذا الوضع الصعب الذي وصلت له القضية الفلسطينية”.
ويتخوف الخبير، من شن إسرائيل لحرب جديدة على قطاع غزة، وقال:” ربما يكون هناك إعداد واستعداد إسرائيلي لشكل من أشكال العمل العسكري في قطاع غزة، إذا ما استمرت عملية التفاوض مسدودة بهذا الشكل”.
ومضى قائلاً:” في حال كان هناك انسداد سياسي دائماً يكون المخرج عسكري، ربما نهاية العام الحال أو بداية العام المقبل سنشهد مواجهة جديدة ما بين دولة الاحتلال وفصائل المقاومة في غزة”.
وفيما يتعلق بمستقبل الدولة الفلسطينية، أشار أيمن يوسف إلى أن ترامب ضد خيار الدولة الواحدة، لأنها ستكون ديمقراطية علمانية، يتساوى فيها جميع المواطنين، لهم حق الاقتراع والانتخاب والترشح، وهذا ما لا تريده إسرائيل”.
واستكمل:” تركيز إسرائيل على يهودية الدولة ينفي خيار الدولة الواحدة ثنائية القومية، والخيار الأمريكي سيتناغم مع الإسرائيلي وهو دولة رئيسية واحدة في فلسطين التاريخية، وهي إسرائيل، وشكل من أشكال الدولة منقوصة السيادة على المناطق التي تديرها السلطة الفلسطينية حالياً، وبالتالي يكون حكماً ذاتياً موسعاً.
واتفق سليمان بشارات، الباحث في مركز الدراسات المعاصرة (خاص) مع المحلل السياسي بأن المستقبل القريب سيُباعد بين الفلسطينيين وحلمهم بإقامة دولتهم، في ظل توسع بالمشاريع الاستيطانية.
وقال في حديثه لوكالة الأناضول:” يمكن قراءة تداعيات لقاء ترامب ونتنياهو فيما يخص مستقبل القضية الفلسطينية ضمن ثلاثة محاور رئيسية، أولها الوضع الميداني على الأرض، والمتمثل بشكل أساسي في المشاريع الاستيطانية”.
وتابع:” إسرائيل ستجعل من مشاريع تعزيز الاستيطان منطلقا لها في العديد من القضايا والعلاقات سواء فيما يخص العلاقة الفلسطينية أو العربية أو الدولية”.
وما يعزز ذلك، بحسب بشارات، هو الشروع بطرح العديد من المشاريع الاستيطانية منذ تنصيب ترامب، إضافة لذلك النظرة الأمريكية من قضية حل الدولتين، وهو ما يؤسس إلى تطلعات إسرائيل في التركيز على مسألة الدولة اليهودية في المرحلة المقبلة على حساب مشروع حل الدولتين.
وقال:” هذا يتحقق عمليا من خلال تعزيز مشاريع الاستيطان.”
واستكمل حديثه بالقول:” هنا تبدأ مسألة حلم الدولة الفلسطينية بالتلاشي، باستثناء الطروحات التي كانت تقدم من دولة بلا حدود أو سيادة، ودولة تقام على بقع جغرافية متناثرة في ظل حالة التمدد الاستيطاني”.
أما المحور الثاني، بحسب بشارات، فهي تطلعات إسرائيل لتعزيز العلاقات الإقليمية العربية من منطلق السعي لنوع من المقايضة، بهدف تقليل مكانة القضية الفلسطينية ضمن حالة الصراع العربي الإسرائيلي.
ومن هنا فإن حالة من التهميش التي يمكن تبرز في المرحلة المقبلة، فيما يخص مسألة حل الدولتين أو العملية السلمية في المحادثات الإسرائيلية الأمريكية، وهو ما يعني سحب الاهتمام العربي الإقليمي تجاه تعزيز العلاقة مع إسرائيل ضمن منطلق المصالح العالمية، وفق بشارات.
وكان نتنياهو قد أشار في حديثه مع ترامب، إلى حدوث تحسن كبير في العلاقات العربية الإسرائيلية.
أما المحور الثالث المتمثل في تحويل ملف القضية الفلسطينية مع الولايات المتحدة من ملف سياسي إلى أمني، بحيث يتم التعامل مع القضية الفلسطينية كملف أمني أكثر منه سياسياً.
ويمكن قراءة ذلك بحسب الباحث، من خلال اللقاء الذي أجراه رئيس جهاز المخابرات الأمريكية (CIA) مع عباس في رام الله الأربعاء الماضي، ولقاء رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج في واشنطن مع بعض المسؤولين الأمنيين الأمريكيين الأسبوع الماضي. (الاناضول)