المجد الذي اُعتقل في باسادينا

آخر تحديث 2017-02-20 00:00:00 - المصدر: موقع goal

نصف قرن...

بينما كان العالم كله مهووساً بشراء النجوم من السماء ، كان أنطونيو مورو على موعد مع أجمل صدفة في حياته عندما وجد ظاهرة تحدث أمامه ولحسن الحظ لم يراها سواه في ذلك اليوم ، فتى يبلغ من العمر 11 عام ، يملك سجل تهديفي رهيب عبارة عن 45 هدف و20 أسيست في 26 مباراة لتلك الفئات العمرية ( أمتدت إلى 110 في 120 مباراة في فريق مقاطعة كالدونيو ) ، إحدى المباريات شهدت تسجيله لستة أهداف لـ يبدأ فوراً في محاولة إقناعه بترك اللعب في ذلك الشارع لأن موهبته لا تستحق تلك الحركات العشوائية والتي من بينها الاختباء تحت أي سيارة بحثاً عن الكرة ، لقد تخيله مورو حينها قائداً لإحدى تلك السيارات الفارهة التي بمجرد نزوله منها يهرول الجميع إليه طالباً توقيعه على تلك الكرة التي كان يبحث عنها ، لأن نظرات أنطونيو كانت تعبر عن رؤية مستقبلية بـ أن الكرة هي ما ستبحث عنه في ما بعد ، فقط بمجرد أن تلمس قدميه في أول موعد غرامي رسمي بينهما وقبل أن تقع في حبه


إنذار بسوء الحظ ، ولكنه لم يلحظه !

بالفعل نجح مورو في إقناعه بالانضمام إلى فيتشينزا وهو في الثالثة عشر من عمره ولم يستمر سوى عامين فقط مع فريق الشباب ، وشارك مع الفريق الأول فور أن أكمل الخامسة عشر ربيعاً ، يوم ما كانت هالة القديسين موجودة حول رأس ذلك الشاب الواعد ، فيورنتينا فقط هي ما تمكنت من ملاحظته ، برغم إصابته بالرباط الصليبي قبل توقيع العقد بيومين مع الفيولا ، ولكن بدا ذلك لمسئولي النادي البنفسجي وكآنه اختبار من الرب على مدى صبرهم وثقتهم في قدرات صاحب الذيل الآلهي وبالفعل لم يفقدوا إيمانهم به ، تم توقيع العقد في موعده وبرغم هذه الانتكاسات البدنية ترك بصمته والتي تتلخص في تصريح آلدو أجروبي عن باجيو في فترته مع النادي بأن الملائكة كانت تُغني بين قدميه ، ولكن ثمة قميص جديد ارتداه جعل الجماهير تراه شيطاناً !.


ما رفضته ، رفضك في ما بعد !

لم يكن رحيله إلى يوفينتوس مقبولاً بأي شكل من الأشكال لدى جماهير فلورنسا ، فوضى عارمة في الشوارع نتج عنها بعض أعمال شغب وإصابة الكثيرين ، اللعنة على تلك الضائقة المالية التي تجبرك في التفريط في ما لا يُقدر أبداً بثمن ، لقد شهدت المدينة غضب عارم كما لو كان هناك تنديد كبير بـ ارتكاب إحدى المجارز مثلاً ! الضحية كانت أحاسيسهم التي اُستفَزت مجدداً ، لقد وجهت تورينو ضربة آخرى لطموحاتهم كما لو كانت أول قنبلة نووية في عالم كرة القدم لتتجدد الحرب بين عشاق الفريقين

ثم جاء موعد الحساب عندما عاد باجيو الى أرتيميو فرانكي ، العودة الى البيت بـ زي اللص كيف يُرحب به ؟ جماهير فيورنتينا اعتبرت رحيل باجيو هو السرقة الثانية التي تعرضوا لها من البيانكونيري بعد لقب 82 ، سابقاً خطفوا منهم الحلم وها هم يخطفوا من قد يتسبب في أن يحلموا مجدداً ، يا له من كابوس لا يُطاق ، وبُغتة أعلنت صافرة الحكم عن إمكانية تفجير لحظة ذكرى آخرى سيئة بينه وبين الجماهير ، ركلة جزاء لصالح يوفينتوس أمام فيورنتينا ، ومن المفترض أن يصوبها باجيو ، ولكنه قرر الحفاظ على ما تبقى من مشاعر طيبة بينه وبين الجماهير - إن كان قد تبقى منها شيئاً حينها " ، فرفض تنفيذها ليُخرجه مدرب الفريق من الملعب وبينما هو يسير في طريقه إلى دكة البدلاء ، منحته إحدى الجماهير صك الغفران ، لقد اُلقي عليه وشاح فيورنتينا ليفاجئ الكل بردة فعله ويرتديه قبل أن يجلس وسط الأعداء أو الزملاء ! أين كان قلب باجيو حينها !؟ ربما بدأوا للتو تصديق ما قاله عقب رحيله إنه اُرغم على ذلك الانتقال فهو على الاقل لم يُجبر على التسجيل والاحتفال ضدهم

ولو كنت تعلم أن ما رفضته سيرفضك في ما بعد بحجة إنها أمور تحدث للمحترفين أيضاً ، لكنت سددت تلك الركلة بكل تركيز وتلقيت بعدها كل الغضب الممكن كالرصاص الذي لا توجد سترة واقية له ، وفضلت تجربة الشعور بالموت لعدة أيام ولا سيما إذا كان ذلك سيتم تعويضه بالمجد في مونديال 94 ، ما العلاقة !؟ لا أعلم ولكنني أشعر فقط وكآنها لعنة مُضادة ، ما كنت تخافه بإرداتك أصبح مرعباً لك رغم عنك ، كما لو كنت تستهزئ بالجن قبل أن يتلبسك واحد منهم


لم تنل من سحره سوى تعويذة النحس

يٌقال أن مدينة فيتشنزا كانت تدعى مدينة بالاديو على اسم ذلك المهندس المعماري الذي شّيد الكثير من المناطق التراثية الحيوية ولكن إذا كان هو من قام ببناء تلك القصور فروبيرتو باجيو هو من أشعر سكان هذه المقاطعة وبدون أن يدخلوها " أنهم كالملوك "

لقد كان باجيو بمثابة أسطورة الجميع ، فهو الفخر المؤلم لجمهور نادي فيورنتينا ، الصورة التي كانت تنقص ألبوم عمالقة ميلان لذا أصر بيرلسكوني على ضمه ، القطعة التي كان يستلذ يوفينتوس بسرقتها من ألد الأعداء وكآنهم لا يُلاموا على ذلك ، عذراً اي خيانة تلك التي تقصدها ؟ من تتاح لديه فرصة لضم باجيو ولا يفعل ذلك ؟ من المؤكد أنه شخص لا يستحق الوثوق فيه ويجب خيانته عشر مرات في اليوم ، ربما لم يكن موفقاً عندما ارتدى قميص الفريق الذي يشجعه وكأن تمثيله يكفي لإسعاده أو كشخص عاشق لم تنتهِ قصة حبه كما يتمنى ، لم يكن محظوظاً بمشاكله مع ليبي ولكنه هو الذكرى الأخيرة السعيدة لجمهور بيريشيا بعد أن اعتزل معهم ، وحتى نادي بولونيا بإمكانه تهنئته على عامه الخمسين باعتباره أحد أساطيرهم حتى وإن لم يحقق معهم أي شئ لأن أكبر ما تحقق هو أنه لعب لهم

باجيو هو نبوءة مجيء الظاهرة رونالدو الى السيريا آ " المهاجم المتيم بمراوغة الحراس والاختلاء تماماً بالشباك " والسحر المولود في الجهة الشمالية من تلة مونتي بيريكو تحت عنوان " حتى لا تنسوا آرماندو " ، ولكن كل هذا المزيج الذي لا يُضاهى في روعته اصطدم بـ لعنة ركلة الجزاء الضائعة في نهائي مونديال 1994 ، أشهر ركلة جزاء ضائعة في التاريخ ، من المؤسف أنها أشهر ذكرى لـ باجيو – بربك ما هذا !؟ هل هناك شرح له ؟ الذي حمل عاتق كل فريق كان يلعب له على كاتفه ، سينام الجميع باكياً بسببه في إيطاليا ! هل تمزح !؟ ، حدث ذلك بالفعل يوم وجد سوء الحظ مثله الأعلى ، وتم اعتقال المجد في باسادينا

 

تواصل مع أبانوب صفوت
  على فيسبوك
على تويتر