نتنياهو.. نصر بطعم الهزيمة

آخر تحديث 2017-02-21 00:00:00 - المصدر: قناة الميادين

بعد مرور شهر من ولايتها تجد إدارة ترامب نفسها في بداية أزمة ثقة عميقة، ما لم تكن أزمة دستورية. فإقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين هي مجرد الجزء الطافي من جبل الجليد مما يمكن لوكالات الاستخبارات الأمريكية أن تكشفه في موضوع التعاون بين أشخاص من طاقم ترامب مع روسيا بوتين – عشية الانتخابات، حيث تدخّل الروس من أجل هزيمة (هيلاري) كلينتون، وبعد الانتخابات، عندما بدأ الروس بجني الثمار من فلين بهدف رفع العقوبات، وبمعرفة من الرئيس.

ليس من الضروري أن يكون بالإمكان الاعتماد على وعود ترامب بتوفير مخدر الاحتلال بدلاً من دفعه للإقلاع عنه

لقد كان للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولرئيس الحكومة الإسرائيلية  بنيامين نتنياهو، خلال لقائهما، عدو مشترك هو هو باراك أوباما. وهو الرجل الذي كان، حسب رأي كثيرين، الرئيس الأكثر دعماً لأمن إسرائيل. فكل أفعال الرئيس بقيت على ما هي عليه – الاتفاق مع إيران واتفاق المساعدات المقدمة لإسرائيل والاعتراف بضرورة حل القضية الفلسطينية في الإطار الإقليمي، وذلك بهدف الحفاظ على تحالف البراغماتيين في العالم العربي. لذلك فإن اللقاء بين ترامب ونتنياهو كان لقاء الناكرين للجميل. وقد قدم الرئيس ترامب لضيفه الإسرائيلي أفضل أنواع الأطعمة التي أعدها طباخو البيت الأبيض وفق قائمة الطعام التي طلبها رئيس الحكومة الإسرائيلية. وقد ضمت الوجبة الأولى تصريحاً جاء فيه: "يجب وقف البناء قي المستوطنات قليلاً"، والذي توجد خلفه موافقة على البناء في المستوطنات داخل الكتل (لكن بهدوء). وفي الوجبة الرئيسية تأبيد الاحتلال عن طريق إعطاء ضوء أخضر للاستمرار بالعمل، بدون أي إزعاج، في المنطقة C. أما الوجبة الأخيرة فقد كانت تأبيد العزلة الدولية على إسرائيل عن طريق وعد رئاسي بعدم السماح بأية نشاطات دولية من أجل تسويات للسلام. لقد غادر نتنياهو وهو يرقص رقصة المنتصر بوصفه من أنقذ مستقبل الشعب اليهودي وأرض إسرائيل، وقبل كل شيء التحالف اليميني الأكثر تطرفاً من أي وقت مضى. وعملياً فقد كان هذا لقاء بين رئيس وبين رئيس حكومة مأزومين. الأخير (نتنياهو) واقع في ورطة التحقيقات، أما الآخر (ترامب) فهو قد يجد نفسه في ورطة مشابهة. فبعد مرور شهر من ولايتها تجد إدارة ترامب نفسها  في بداية أزمة ثقة عميقة، ما لم تكن أزمة دستورية. فإقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين هي مجرد الجزء الطافي من جبل الجليد مما يمكن لوكالات الاستخبارات الأمريكية أن تكشفه في موضوع التعاون بين أشخاص من طاقم ترامب مع روسيا بوتين – عشية الانتخابات، حيث تدخّل الروس من أجل هزيمة (هيلاري) كلينتون، وبعد الانتخابات، عندما بدأ الروس بجني الثمار من فلين بهدف رفع العقوبات، وبمعرفة من الرئيس. وتُسمع في الكونغرس الأمريكي أصوات، ولا يقتصر ذلك على أوساط الديمقراطيين، تطالب بالتحقيق في "المؤامرة الروسية" ووجود شبهة لمؤامرة تم تدبيرها بين بوتين، وأجهزة استخباراته، وبين ترامب: الحكم مقابل رفع العقوبات. وقد يبدو هذا الأمر وكأنه فصل من فيلم تجسسي خيالي بالاستناد إلى كتاب جون لي كاري (مؤلف الروايات الجاسوسية وعميل المخابرات البريطانية السابق / المترجم)، إلا أنه قد يتضح أنه صحيح. فعشية تسلمه مهام منصبه بدأ ترامب بشن هجوم ديماغوجي (غوغائي) ضد الـ CIA والـ FBI، في الوقت الذي تحافظ فيه هاتان الوكالتان، مثلما هو حال الأجهزة الأمنية عندنا، على استقلاليتهما. إلا أنه من المرجح أن يتمكن ترامب ونتنياهو من تخطي هذه الشبهات أو الادعاءات ضدهما. فالاثنان يمتلكان قوة استبدادية للتغلب عليها. كما أنه ليس من الضروري أن يكون بالإمكان الاعتماد على وعود ترامب بتوفير مخدر (من مخدرات) الاحتلال بدلاً من دفعه للإقلاع عنه، على النحو الذي كان يرغب به باراك أوباما. فترامب يمشي على طبقة رقيقة من الجليد، وهو رجل لا يمكن توقع تصرفاته. وهو يتطلع من الآن إلى عام 2020، ويهود الولايات المتحدة الأمريكية هم مجرد مكون متواضع في مزيج الولاية الثانية. ولا تقل أهمية عن ذلك، من وجهة نظره، الدول العربية من أجل إقامة التحالف للحرب ضد داعش، وبطبيعة الحال بوتين الأثير على قلبه. وأيضاً من أجل وضع قواعد لعبة جديدة للعالم، وإضعاف العولمة والناتو والاتحاد الأوروبي. والهوية اليهودية الديمقراطية لإسرائيل لا تعني له أكثر من قشرة ثوم، ولذلك فإن الدولة الثنائية القومية مقبولة عليه. وسيتضح أن النصر الذي حققه نتنياهو في واشنطن إنما هو نصر بطعم الهزيمة.

ترجمة: مرعي حطيني

المصدر: معاريف