العراق/بغداد
بعد أن أجرت وزارة الداخلية إحصائية دقيقة لعدد منتسبيها بالكامل، وبجميع صنوفها، وقارنته بعدد الهاربين بعد تاريخ 10 حزيران 2014 "المشؤوم"، قررت تشكيل لجنة لإعادة الهاربين من الخدمة وإخضاع بعضهم إلى المجالس التحقيقية، وآخرين شملوا بقرار الإعادة، وكل ذلك وفقا لأوامر وزارة المالية، التي حددت سقف معين لعدد منتسبي الداخلية، وانتهى الأمر بإعادة الهاربين، لكن، تم استثناء منتسبي محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين!! إذا عن أي هاربين تتحدث الداخلية؟.
هذه الإجراءات تمت العام الماضي، بوجود محمد الغبان على رأس الوزارة، وشقيقه حسن، الذي كان يديرها بـ"الخفاء"، حيث جاءت "الصفقة" بإبعاد أبناء هذه المحافظات المحتلة من قبل داعش، والذي هرب منتسبيها بعد سيطرة التنظيم عليها، فضلا عن إعدامه المئات منهم، الذين "طارت رؤوسهم" دون أن يبالي "ضباط" الداخلية بذلك.
وبحسب الوثائق، فأن العدد الكلي لمنتسبي الوزارة لغاية 31 كانون الثاني 2016 بلغ 605 ألف و569، في وقت حددت وزارة المالية العدد الكلي للداخلية بـ594 ألف و991 منتسبا.
وبعد حسابات الوزارة، تبين لديها أن عدد الهاربين حتى التاريخ المذكور، بلغ 57 ألف و842 منتسبا، وعدد الفائضين 10 آلاف 578 منتسبا، وبعد ان طرحت الوزارة الرقمين، توصلت إلى أن العدد المتاح هو 47 ألف 264 منتسبا، لذلك قررت إعادة الهاربين والاستفادة من المطرودين، في حال عدم اكتمال الـ47 ألف منتسب.
وعلى هذا الأساس، شكلت الوزارة لجنة مكونة من ست ضباط برتب ومناصب إدارية عالية، لتعمل على إعادة الهاربين بعد 10 حزيران، وأصدرت هذه اللجنة قرارها في 30 اذار 2016، أي بعد 13 يوما من تاريخ تشكيلها، وتضمن القرار إعادة المفصولين والمطرودين ممن ارتكبوا جريمة الغياب بعد 10 حزيران باستثناء منتسبي محافظات صلاح الدين والانبار ونينوى (الشمالية والغربية) لـ"حين الاستقرار الأمني".
السؤال، أي محافظة عراقية، غير التي ذكرت، شهدت هروب عناصر الداخلية وبعدد يفوق الألف بصورة جماعية؟، أي محافظة أنتهك حرمتها داعش غير التي ذكرت وأنهار فيها الأمن؟ عن أي منتسبين تتحدث الداخلية، وتمت إعادتهم للخدمة، وجمعت الرقم المطلوب وهو أكثر من 47 ألف!!.
ألم يكن الأجدر بالداخلية أن تعالج موقف هروب منتسبيها، عبر محاسبة الضباط الكبار المسؤولين عن الأمر وإحالتهم لمجالس تحقيقية، بدلا من المنتسبين "البسطاء"؟ هل سيبتسم قادة الداخلية لو بقي المنتسبين في الموصل أو تكريت وذبحوا على يد داعش؟ هل تمنوا "الضباط" خلق سبايكر 2، لتكتمل سلسلة الفساد التي بدأوا بها؟.
الغبان، محمد وحسن، أو، لنقل حسن فقط، يبدو أنه "عين" منتسبين جدد ليكمل العدد الكلي المطلوب للوزارة ومقابل أموال جناها عن طريق سماسرته المنتشرين في شوارع بغداد ويصرخون "منو يريد تعيين بالداخلية"، أم، ولتكون الصفقة مربحة أكثر، فأنه دفع بـ47 ألف ليكونوا فضائيين، نعم، هكذا سيستفاد أكثر، خاصة وأن الرقم ليس قليل مقارنة بالراتب "شي على شي يجمع"!!.
المسؤولية الآن تقع على الوزير قاسم الأعرجي لكشف هذه الملفات الشائكة والفاسدة، وإنصاف منتسبي المحافظات الثلاث، فضلا عن إيجاد صيغة حل لإيقاف العشوائية بالتعيينات والاستفادة من الأموال المخصصة، وأن تذهب لمكانها الصحيح.