تحليل انتصار الخفافيش على متصدر الليجا في مباراة مثيرة...
كتب | أحمد عطا
وقف فالنسيا حجر عثرة أمام آمال ريال مدريد في الابتعاد بصدارة الليجا بعيدًا عن مطاردة برشلونة وذلك بعدم أسقطه في ملعب الميستايا بهدفين لهدف في المباراة المؤجلة بين الفريقين
لنرى تحليل جول لهذا اللقاء ...
فالنسيا | مستويات فردية مبهرة، ونظرة بعيدة المدى لفورو | |
■ بدأ فالنسيا المباراة بقوة كعادته في اللقاءات الكبيرة، لكن الحقيقة أن فالنسيا بدأ المباراة بقوة من قبل حتى أن تبدأ، فمدرب فالنسيا فورو بات يلعب بطريقة 4/2/3/1 ولم يغير من هذا الأمر رغم قوة المنافس بل زاد من هذا الأمر بالاستعانة بظهير هجومي كجواو كانسيلو بسبب غياب مونتويا وكذلك بوجود إنزو بيريز وداني باريخو فقط في قلب الوسط الدفاعي.
سرعة فالنسيا في الشوط الأول كان امتدادًا حرفيًا لما كان عليه الفريق في المباراة السابقة أمام أتلتيك بلباو وهي المباراة التي رأيتها الأفضل للفريق هذا الموسم .. استعاد الفريق ثقته الهجومية وبات أكثر جرأة وقوة وتركيزًا في الهجمات حتى إنه كاد أن ينهيها بنتيجة كبيرة جدًا أمام أسود الباسك لكن الفريق تفنن في إضاعة الفرص.
■ اليوم، لم يضيع الفريق الفرصة بل سجل، وسجل مبكرًا جدًا ليمنح نفسه فرصة للعب بأعصاب أهدأ حتى ما قبل الهدف الأول لريال مدريد فاستمر يلعب بشكل جيد جدًا هجوميًا طوال هذا الشوط وحتى عندما كانت تُتاح الفرصة للهجوم في الشوط الثاني على قلّة هذه الفرص كان الفريق مؤثرًا وخطيرًا.
■ لماذا كان فالنسيا جيدًا جدًا اليوم على مستوى الهجوم؟ الحقيقة أن فورو استخدم تكتيك "الرجل الثالث" كثيرًا هذه الليلة .. هذا الرجل الذي لا يراقبه أحد .. تُلعب تمريرة أمامية لسيموني زازا -الذي قدم مباراة كبيرة- والذي يسيطر على الكرة رغم قوة الضغط ويمررها للخلف لنفس اللاعب أو للاعب آخر الذي يرسلها إلى الجانب الآخر من الملعب أرضية على الأرجح لتجد وأن فالنسيا أفسح مجالًا كبيرًا بتحركات لاعبيه للاعب قادم من الخلف غير مراقب على الإطلاق ..
حدث ذلك مرارًا في الشوط الأول بالذات خصوصًا مع ناني وكذلك حدث في لقطة الهدف الثاني لكن المهم في تلك اللقطات أن لاعبي فالنسيا احتفظوا بدقتهم في تلك التمريرة المهمة وهو الأمر غير المعتاد منهم بشكل عام.
■ فورو خطط هجوميًا بشكل جيد ودفع بالكثير من العناصر الهجومية لكنه لم ينسَ الدفاع. في الشوط الأول عمد إلى الضغط على عناصر ريال مدريد من منتصف ملعبها وصحيح أن ذلك الأمر تسبب في ثغرات كبيرة في وسط فالنسيا في أول ربع ساعة تقريبًا من الشوط بسبب تقدم واحد من إنزو بيريز أو باريخو للضغط على لاعبي وسط الريال حتى لا يلعبوا بأريحية، إلا أن فورو تحرك بعد ذلك ليصبح واحد من الجناحين ناني أو منير الحدادي لاعب ارتكاز ثاني عندما يتقدم باريخو أو إنزو وذلك لعدم إفساح المجال لما حدث أحيانًا بضرب وسط فالنسيا بتمريرة أمامية لكروس أو مودريتش المنسلين خلف المساحة المتروكة خلف اللاعب المتقدم للأمام للضغط.
هذا الأمر أتى ثماره إلى حدٍ بعيد لكنه أجهد الجناحين بشكل كبير، ومع عنفوان وشباب منير الحدادي تمكن من الصمود بدنيًا -رغم تراجعه بدنيًا في الشوط الثاني- فيما لم يتمكن ناني من ذلك ومع احدى الانطلاقات والتوقف المفاجئ لتغيير الاتجاه أصابه شد عضلي ليخرج مصابًا.
■ على سيرة الحدادي، فقد كان حاله كحال الكثير من لاعبي فالنسيا اليوم .. لعب بروح عالية وبذل كل قطرة عرق للدفاع عن فريقه لكن اللقطة الأهم التي تبرز ذلك كانت تلك التي أنقذ فيها أول فرصة لريال مدريد عن طريق خاميس رودريجيز من على خط المرمى بعد أن قطع طول الملعب بأكمله راكضًا ليلحق بالهجمة المرتدة السريعة لريال مدريد.
■ لاعب آخر فاجأني بمستواه اليوم وهو جواو كانسيلو الذي يتابعه برشلونة منذ فترة .. فمن فرط ضعف كانسيلو الدفاعي لجأ المدربون لاستخدامه عن طريق إشراكه كجناح وذلك لقدراته الممتازة على الانطلاق والمراوغة وذلك من بند "استخسار" إمكانياته في دكة الاحتياط.
لكن اليوم، بدا كانسيلو وأنه أعاد اكتشاف نفسه من جديد دفاعيًا .. كانت هناك لقطتين احداهما لبنزيما والأخرى لمارسيلو في وضعية أخرى لكانسيلو كنت ستجده ينزلق ويحاول الحصول على الكرة فيرتكب الخطأ القاتل ويقع في فخ ركلة الجزاء.
اليوم لم يفعل كانسيلو ذلك أبدًا، بل فجأة زُرع في عقله العقلانية! ربما هي صدفة وربما يكون فورو قد تمكن من معالجة هذا الجانب الأهوج في شخصيته، ولو كان قد فعل فربما يغير مشجعو فالنسيا رأيهم في مسألة بيعه لأنه وقتها سيكون ثروة ثمينة.. يكفي أن تعرف أن كانسيلو هو أكثر من قام بعرقلات ناجحة في مباراة اليوم.
■ لنعد إلى العمل الجماعي .. فالنسيا حاول قدر استطاعته إيجاد صلابة دفاعية ومنع الهجمات على مرماه، لكن الحقيقة أن الفريق لم ينجح في ذلك .. مرمى فالنسيا كان عُرضة للكثير من الهجمات ولولا تدخلات فردية بطولية من لاعبيه أو رعونة لاعبي ريال مدريد لرأينا شباكهم تهتز بأكثر من الهدف الذي سجله رونالدو .. الفريق بحاجة لتطوير للتحركات الجماعية وتضييق المساحات فرغم أن أغلب عناصره كانت في قمة مستواها إلا أن الفريق لم يستطع إبعاد الخطورة عن دييجو ألفيش!
■ نصل إلى المزيد من المديح في المستويات الفردية للاعبي فالنسيا .. داني باريخو قدم مباراة من أفضل مبارياته ونجح في الاحتفاظ بهدوئه حتى الرمق الأخير كما كانت لياقته البدنية عالية استطاع فيها الصمود حتى النهاية مع ركض بكل قوة حتى الدقيقة الأخيرة.
والحقيقة أن باريخو من اللاعبين المظلومين، فهو من العينة النادرة الموجودين .. قيمته أحيانًا لا يمكنك لمسها من خلال الأرقام وقد ظللت لعامين أتحدث عن كونه البديل الأفضل لتشافي عندما يرحل فذهب البرسا ليتعاقد مع أندريه جوميش.
■ منذ وصول سيموني زازا وبداية دخوله في معمعة المباريات ظهر التحسن الكبير على مستوى أكثر من لاعب .. لم يكن ممكنًا ما فعلته إدارة النادي في الفريق عندما تركته لنصف موسم بدون رأس حربة حقيقي .. اليوم نحن نشاهد ناني بشكل مميز بعدما كان تائهًا في بداية الموسم من اللعب أحيانًا كرأس حربة أو بالتبادل مع رودريجو مورينو، وكذلك بات منير الحدادي يشعر بالحماية ويجد من يستند عليه للقيام بصعود هادئ غير متلعثم بالكرة .. أمور كثيرة تغيرت بوجود زازا توجها الأخير بهدف رائع اليوم ليسجل مرتين هذا الأسبوع ويبدأ في القيام بالدور الأهم له مع الفريق.
■ ننتهي مع التبديلات .. تبديل سيكييرا كان غريبًا إلى حدٍ ما لكن مع مرور الوقت اتضح صحة وجهة نظر فورو الذي كان يعلم أن جاريث بيل أو لوكاس فاسكيز سيشتركان ومن ثم سيزيدان الضغط على الجبهة اليسرى لفالنسيا ما سيستوجب تعزيزها وبالتالي لم يشترك لاعب هجومي .. صحيح أن ذلك أدى لخسارة فالنسيا جبهة هجومية قوية لأن جايا لا يجيد الانضمام للداخل بسبب طبيعته كظهير في الأساس إلا أنه على المستوى الدفاعي كان ذلك جيدًا للفريق في الشوط الثاني بعدما تركز فكر الفريق بشكل أكبر على الدفاع.
أما اشتراك كارلوس سولير فكان ضروريًا لتعزيز الوسط مع مضي الدقائق وزيادة المجهود على باريخو وإنزو بيريز وحدهما، وصحيح أن كارلوس كان جيدًا وأغلق الجبهة اليمنى إلى حدٍ كبير مع كانسيلو لكنه كان أرعن جدًا في التمريرات أما اشتراك ماريو سواريز فكان تبديلًا دفاعيًا بحتًا بهدف زيادة لاعبي الوسط لكن بدون شيء تكتيكي أكثر من منح الفرصة لباريخو للقيادة من الأمام مع الدفع بأرجل منتعشة متمثلة في سواريز.
ريال مدريد | زيدان جعل الوسط هشًا، ولم يفسح المجال لبيل | |
■ دفع ريال مدريد ثمن الهدفين المبكرين لفالنسيا في أول 10 دقائق وهو الحدث الذي يحصل للمرة الأولى منذ عام 2003 .. ليس من السهل اللعب في ملعب كالميستايا وأنت متأخرًا بهدفين نظيفين حتى لو كان هناك فارق في المستوى والقدرات لصالحك.
■ والحقيقة أن هذا التأخر جاء لسببين .. الأول الذي يعرفه الجميع هو خطأ رفائيل فاران والثاني هو أن زين الدين زيدان عمد اليوم وبشكل واضح عن المعتاد إلى تقديم واحد من لوكا مودريتش وتوني كروس أكثر إلى المناطق الأمامية.
هذا الأمر جعل وسط ريال مدريد هشًا في الهجمات المرتدة وكاد منها فالنسيا أن يسجل أكثر من هدف آخر في الشوط الأول، فليس من المنطقي أن تتعرض لكل هذه المساحات فقط لأن أحد لاعبيك فقد الكرة في نهاية الثلث الثاني من الملعب
■ صحيح أن هذا التحرك المستمر من مودريتش أو كروس تسبب في هشاشة دفاعية أمام الهجمات المرتدة إلا أن هذا الأمر أثر تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا على مستوى خطورة ريال مدريد، فقد كان يجبر ذلك إنزو بيريز أو باريخو على التحرك مع المتقدم منهما ليُفتح المجال أمام لاعب ارتكاز واحد من فالنسيا يمكن فيه لرونالدو أن ينسل إلى العمق أو ربما لأحد الأظهرة للانضمام للداخل وجاء هذا الحل عن طريق مارسيلو في أكثر من لقطة.
■ لكن ريال مدريد كعادته .. لم يجد الحل السحري سوى عن طريق العرضيات، والتي منحته الكثير من الأهداف كما جعلته أكثر فريق في أوروبا مع موناكو يسجل من كرات رأسية في الدوري المحلي.
هو ليس عيبًا، بل بالعكس من الجميل أن تجد لنفسك حلولًا أخرى، لكن ثمة شعور تسرب إلى داخلي بأن ريال مدريد نسى كيف يسجل من حلول أخرى غير الكرات العرضية التي برغم كل ذلك كانت في منتهى الخطورة وكاد الريال أن يعادل النتيجة منها في أكثر من مرة.
■ نصل إلى تبديلات زيدان .. اشتراك بيل بدلًا من خاميس كان منطقيًا بالطبع لكن المشكلة أن زيدان لم يجهز الأجواء لبيل لأنه بدلًا من إفساح المجال والمساحات لبيل إذا به ينقل كريم بنزيما إلى تلك الجبهة ليمنح الويلزي المساندة.
وفي الحقيقة فإن بيل لم يكن يحتاج أبدًا لهذا الأمر فهو كفيل بالجبهة إن كانت هناك مساحات مع مساندة من كارباخال، وبدلًا من أن يعمل زيدان على ذلك إذا به يرسل بنزيما إلى هناك ليأخذ مع لاعب آخر من فالنسيا إلى تلك الجبهة لرقابة بنزيما ليصير الزحام رهيبًا هناك مع وجود جايا وسيكييرا ولاعب إضافي بشكل مستمر من فالنسيا كان في الأغلب إنزو بيريز ليكتفي بيل بإرسال العرضيات فقط لأن المساحات انتهت تقريبًا.
المثير أن زيدان لم ينتبه لهذا الأمر إلا بعدما نقل بيل ومعه بنزيما إلى الجانب الأيسر لإشراك لوكاس فاسكيز الأقل قدرة من بيل على استغلال المساحات بل إنه فنيًا يجيد التعامل أكثر من بيل مع المساحات الضيقة لذلك لا أرى أن بيل تم اختباره حقًا في تلك الجبهة اليمنى لريال مدريد.
أما اشتراك ناتشو فكان منطقيًا لأن فاران فعليًا صار خارج المباراة نفسيًا وتفوق عليه زازا تمامًا خصوصًا في لقطة انفراده في الشوط الثاني.
■ على كلٍ، مازلت أرى أن ريال مدريد هو الفريق الأقوى في الليجا والأكثر ترشيحًا لنيل اللقب خصوصًا مع التراجع المخيف للبرسا والتذبذب في نتائج إشبيلية "المعذور" والشيء الوحيد الذي قد يُسقط الريال هذا الموسم محليًا هو العامل النفسي وليس الفني لذلك سنرى ما إذا كان زيدان قادرًا على التعامل مع هذا العامل النفسي خصوصًا وأنه مقبل على مباراة صعبة في ملعب سيراميكا أمام فياريال.
تواصل مع أحمد عطا | ||
رئيس تحرير النسخة العربية لجول | على فيسبوك | |
على تويتر |