لاجئون سوريون يحاولون إعادة بناء حياتهم بصعوبة في غزة

آخر تحديث 2017-02-24 00:00:00 - المصدر: فرانس 24

غزة (الاراضي الفلسطينية) (أ ف ب) - بعد ان دمر مطعم عائلته خلال الاحداث الدامية في مدينة حلب السورية، فرّ الشاب أنس قاطرجي الى غزة. في القطاع المحاصر والفقير، أنشأ مطعما مماثلا لذاك الذي خسره في حلب.

ووصل أنس (29 عاما) الى غزة عبر أحد الانفاق على الحدود مع مصر في العام 2013. وأنشأ مؤخرا مطعم "جار القلعة 2" في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع الساحلي، على الطراز التقليدي الذي يمتزج بطابع شعبي ينسجم مع بساطة سوق المخيم.

على مدخل المطعم الملبس بحجارة رخامية ملونة، كتبت عبارة "معكم رايحين على حلب".

ويتميز المطعم المقام على مساحة نحو 50 مترا مربعة وبكلفة خمسين الف دولار، برفوف خشبية نقشت عليها بالخط الكوفي آيات قرآنية، ووضعت قطع نحاسية وفخارية قديمة يعود تاريخ بعضها الى خمسمئة عام، وفق ما يقول أنس الذي يشرح انه تمكن من إحضار "عدد قليل من هذه القطع من المطعم القديم المدمر في حلب".

الى جانب طاولة خشبية، وضعت على رفّ ثلاثة اباريق فخارية أحدها لصنع القهوة وقناديل وكؤوس نحاسية قديمة.

ويقول قاطرجي لوكالة فرانس برس "هذا المطعم نموذج آخر لمطعم جار القلعة الاول المشهور في حلب الذي كانت يمتلكه والدي وعائلتي، الان أشعر ان المطعم لم يندثر".

ويوفر المطعم الذي يعمل فيه 15 عاملا غالبيتهم من الفلسطينيين وجبات سريعة بأسعار معقولة بالنظر الى حالة الفقر المدقع والبطالة التي تزيد عن 40% في القطاع.

ويقدم المطعم الشاورما والكبة الشامية والمشاوي على الطريقة السورية لزبائنه السوريين والفلسطينيين.

ولجأ حوالى مئة وخمسين سوريا الى غزة خلال سنوات النزاع، ودخل معظمهم عبر الانفاق قبل نحو ثلاث سنوات هربا من الحرب الدامية التي اندلعت في سوريا في العام 2011، وفق تقديرات فلسطينية.

ويؤكد رئيس تجمع العائلة السورية في القطاع وريف قاسم حميدو المتحدر من حلب "اوضاع السوريين اللاجئين هنا قاسية جدا. لا امكانية لديهم لدفع إيجار المنازل ولا العلاج ولا اموال لديهم لتغطية التعليم الجامعي".

ويدير حميدو مطعم "سوريانا" في مدينة غزة، لكنه يشير الى ان أربعة سوريين فقط نجحوا بفتح مشروعات صغيرة.

واصطف عشرات الزبائن من مختلف الاعمار قرب مطعم "جار القلعة" لشراء الشاورما السورية، فيما كان المطعم يغص بالزبائن.

- "أشعر أنني في سوريا" -

وتقول نادين بركة (20 عاما) "أشعر انني في سوريا، هذا المكان يشعرك وكأنك في مطعم اثري".

وتتابع الطالبة الجامعية، وهي من سكان مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة، "نريد ان نتضامن مع أهل حلب لانهم عانوا ما عانيناه هنا في الحروب الاسرائيلية".

وينجذب الزبائن الى الزخارف التي تزين جدران المطعم واللباس التقليدي للعاملين في المطعم.

وأنشىء مطعم "جار القلعة" في حلب قبل اكثر من مئة عام، بحسب صاحبه، وكان يضم فندقا صغيرا وبئرا للمياه.

ويرتدي أنس الذي يحرص على إعداد الاطباق السورية بنفسه، الزي السوري التقليدي، وهو يؤكد ان لا علاقة له بالسياسة ولا بأي فصيل فلسطيني او اي جماعة في سوريا.

ويقول "انا اعرف ان الوضع خطير في غزة عدا عن الفقر والحصار، لكني لا اشعر بتاتا بأنني لاجئ هنا".

وتزوج أنس من فتاة من غزة يقول انها شجعته على إنشاء المطعم، ويسكن في شقة مستأجرة في المدينة، ولا يفكر بالعودة الى حلب في حال استقر الوضع في سوريا.

ويقول حميدو الذي تزوج من فتاة من غزة أيضا، ان العائلات السورية لجأت الى غزة "لانه لم يكن لها مكان آخر تلجأ اليه، ورغم كل المعاناة، يبقى هذا أفضل من الموت".

ولجأ ايضا مئات الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في مخيمات اللاجئين في سوريا الى غزة، بحسب المصادر الفلسطينية.

ولا يحصل اللاجئون السوريون على خدمات صحية وتعليمية وسكن وغذاء من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) على عكس فلسطينيي سوريا الذين لجأوا الى القطاع.

ويقول الناطق باسم الاونروا عدنان ابو حسنة "لا نتعامل مع اللاجئين السوريين لان مفوضية اللاجئين هي المسؤولة عنهم، رغم تقديرنا لوضعهم الصعب".

ويعد حميدو برنامجا تلفزيونيا يسلط الضوء على معاناة واوضاع اللاجئين السوريين ويتضمن تقديم أطباق شامية.

ويقول ماجد العطار (47 عاما) الذي وصل الى غزة من دمشق في صيف 2012 عبر الانفاق من مصر "حضرت حربين في غزة حيث يمكن وصف الوضع بانه ميت سريريا، نحن نعتاش على المساعدات بعض الاحيان".

ويتابع "لا نجد عملا وننتظر للحصول حتى على عمل مؤقت. في غياب أي دخل، لا أستطيع دفع أقساط المدرسة لابنائي والعلاج لزوجتي التي تحتاج لعملية في عينها".

ويضيف "نطالب المفوض السامي لشؤون اللاجئين بان يخرجنا من غزة الى اي دولة اخرى لان الوضع في غزة ماساوي ويزداد سوءا يوما بعد يوم".