طهران ـ “راي اليوم” ـ كمال خلف:
لم يكن مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية الذي انعقد في طهران يومي الثلاثاء والأربعاء الماضي حدثا روتينيا على الإطلاق ، كل من حضر يعلم هذا جيدا قبل أن تطأ قدماه أرض مطار الإمام الخميني ، فتوزيع الدعوات سبقه جولة مكوكية لرجل الدبلوماسية المقرب من الخامنئي السيد حسين أمير عبد الهيان لأكثر من عاصمة حيث عقد سلسلة لقاءات مع عدد كبير من قادة الفصائل وصناع القرار.
كان ثمة شعور أن ايرانتحضر لمرحلة وليس لمؤتمر، مرحلة تناسب تماما ما يعده خصومها وما ظهر من مؤشرات له خلال الشهر الماضي، ابتداءابتهديدات الرئيس الأمريكي وقمته مع نتنياهو وليس انتهاء بالتناغم الغير مفاجئ بين وزير الخارجية السعودية ووزير الأمن الإسرائيلي في قمة موينخ للأمن.
خطاب المرشد الإيراني السيد علي خامنئي في الدقائق الاولى للمؤتمر كشف ما يجول في ذهن الجمهورية الاسلامية، ولخص هدف المؤتمر بل هو بمثابة إعلان بيان ختامي للمؤتمر في دقائقه الأولى.
وبقراءة مختصرة لما أراد قوله المرشد التالي: ايران تريد احياء دور فصائل فلسطينية، وتنشيط جبهة المقاومة بالسلاح والسياسية والعمل الشعبي، ماهو جديد في هذا الصدد هو إشارة واضحة إلى معيار الدعم الإيراني وهو المقاومة وليس الايدولوجيا، فالمرشد بلسانه يذكر الأجنحة العسكرية بترتيب له دلالاته فيضع سرايا القدس أولا ثم كتائب القسام ، ويذكر لأول المرة كتائب أبو علي مصطفي الجناح العسكري للجبهة الشعبية اليسارية وأخيرا كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح.
قيادة الجبهة الشعبية اليسارية التي حظيت باهتمام كبير في ايران وكانت صاحبة الحضور الأبرز في المؤتمر، اعتبرت هذه الإشارة رسالة دعم كبير وبداية علاقة مميزة مع إيران الإسلامية، تبدو الاندفاعه الايرانية نحو الجبهة الشعبية بداية لعهد فاعلية ودور ستلعبه الجبهة الشعبية في المدى المنظور.
نائب الأمين العام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أشار في حديثه لـ”الميادين” عن هذا المدى وقال أن نتائج مؤتمر طهران تحتاج إلى شهور كي نلمس بداية فعاليتها. نائب الأمين العام للجبهة أبو أحمد فؤاد أكد هذا الانفتاح وأبدى استعداد الجبهة لالتقاطه.
الإشارة الأخرى من السيد خامنئي كانت قوله إن أي حركة فلسطينية تبتعد عن خط المقاومة فإن حركة أخرى ستأخذ الراية وتواصل، وفي المعنى أرادت إيران أن تنوع خياراتها وتحالفاتها في الساحة الفلسطينية ونكتفي بهذا القدر من التفسير.
بعد الجلسة الأولى سربت مصادر فلسطينية اجتماعا ضم قائد فيلق القدس قاسم سليماني بقيادة الفصائل وتحفظت هذه المصادر عن ذكر تفاصيل ما جرى في الاجتماع، مكتفيه بالإشارة إلى أن سليماني طلب من الفصائل تحديد إطار سياسي فصائلي يترجم الدعم الإيراني في الساحة الفلسطينية في الداخل والخارج . وشدد سليماني على أن هذا الإطار لن يكون بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية . وترجم سليماني لقادة الفصائل عمليا بيان السيد خامنئي وما ستقوم به ايران في المرحلة المقبلة وما هو المطلوب من الفصائل لإعادة الزخم مرة جديدة للقضية الفلسطينية وجعلها في سلم أولويات المنطقة.
كان لافتا حضور رئيس مجلس النواب الاردني عاطف الطراونة وهو أول حضور رسمي أردني في ايران بعد إغلاق السفارة الأردنية في طهران عقب محاولة متظاهرين إحراق مبنى السفارة السعودية احتجاجا على مقتل الحجاج الإيراني خلال موسم الحج العام الماضي . الطراونة وفي الكواليس كان غاضبا جدا من تصريحات ادلى بها الأمين العام للجبهة الشعبية القيادة العامة أحمد جبريل ، قال فيها إن الأردن يجب أن يكون في محور المقاومة رضي أو لم يرض الملك عبد الله الثاني . الطروانه استشاط غضبا وقال هذا لن يمر وسنحاسب جبريل ، عدد من الحاضرين ومنهم قيادة الجبهة الشعبية ونائب أمينها العام أبو أحمد فؤاد تدخلوا وحاولوا تهدئة الطروانه ونزع فتيل أزمة.
حركة حماس حضرت بوفد من الخارج بسبب إغلاق معبر رفح وعدم تمكن وفد كبير من ابناء قطاع غزة بينهم قادة حماس الحضور إلى طهران، وفد حماس الذي شارك تجنب الظهور في وسائل الإعلام فيما ندر . اشترط ممثل حماس في الجزائر سامي أبو زهري أن تكون اللقاءات مسجلة وليست على الهواء مباشرة، تحفظ الآخرون، بينما شارك الدكتور إسماعيل رضوان القيادي في حماس في الظهور الإعلامي بقوة عبر الأقمار الصناعية من قطاع غزة وأرسل رسالة دعم قوية للمؤتمر وأثنى على جهود الجمهورية الاسلامية واهتمامها بالقضية الفلسطينية مؤكدا جهوزية حماس للتصدي للعدو الإسرائيلي.
وفد حركة الجهاد الإسلامي كان مكتمل النصاب الأمين العام الدكتور رمضان ونائبة زياد نخالة وأعضاء المكتب السياسي جميعهم من الخارج والداخل وإعلام الحركة، لم يعكر أدأهم السياسي والإعلامي المحترف سوى بيان من حركة فتح يرد على خطاب الدكتور رمضان الذي اتهم فيه السلطة بعرقلة المقاومة، في الكواليس قال قادة الجهاد أن البيان لا يعبر عن حركة فتح، ونعرف من كتبه، وهذا ليس موقف فتح، وأرسل نائب الأمين العام للحركة زياد نخالة رسالة وحدوية مترفعة عن الأحقاد إلى قيادة فتح عبر تصريحات ادلى بها لقناة الميادين على هامش المؤتمر.
انتهى مؤتمر طهران الذي لم يقتصر على النخبة السياسية الفلسطينية والعربية بل حضره عدد كبير من أبناء المخيمات في سوريا ولبنان والأردن الذين نقلتهم طائرات إيرانية خاصة ولقوا فيها حفاوة الصديق والنصير. لكن لأهم انتظار النتائج.