كمال خلف
زيارتان قام بهما مسؤولان امريكيان إلى الشمال السوري ، الأخيرة كانت الجمعة الماضي قام بها قائد القيادة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال (جوزيف فوتيل ) عقد خلالها اجتماعا مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية وسبقها زيارة للسناتور الجمهوري (جون ماكين ) حط فيها في عين العرب كوباني والتقى قيادات قوات سوريا الديمقراطية وقادة وحدات حماية الشعب الكردية .
بات معروفا أن هدف هذه الزيارات هو تنسيق الهجوم المرتقب على الرقة معقل تنظيم الدولة في سوريا . لكن كيف تريد الولايات المتحدة أن تنجز هذه المهمة ؟
تعتبر الولايات المتحدة أن هناك خطرين لابد من مواجهتهما معا بالدرجة الأولى تنظيم الدولة وتسعى واشنطن لكسر التنظيم في معاقله الرئيسة في الرقة والموصل . والثاني هو النفوذ الإيراني في سوريا . كما تنظر باهتمام إلى اليد العليا لموسكو في سوريا .
صارح الجنرال الامريكي (جوزيف فوتيل ) مضيفيه الكرد بالحاجة إلى تركيا كقوة رئيسة في خطة الهجوم على الرقة ، بعد أن نقل لهم تفهم أنقرة للدعم الأمريكي للقوات الكردية . وخبرا آخر يتعلق بنية واشنطن زيادة عدد قواتها في الشمال السوري. ( آخر دفعة كانت 250 جنديا في عهد أوباما ) والقوات الأمريكية الإضافية سوف تشارك في العمليات البرية بشكل فعال حسب فوتيل .
لم يكتف الجنرال ببحث خطة الهجوم بل ذهب بعيدا في شرح أفكار الإدارة فيما يخص اليوم التالي لهزيمة داعش في الرقة ، واسهب في شرح مستقبل ودور الوحدات الكردية في الشمال . بعد إنجاز تسوية بينهم وبين تركيا .
ومع عدم إمكانية تسليح قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية بأسلحة متطورة ، كاسرة للتوازن العسكري مع تنظيم داعش الذي بنى تحصينات في الرقة استعدادا للهجوم ، بسبب الاعتراض التركي على مثل هذه الخطوة واعتراض آخر نقله الأمريكيون على لسان أنقرة مضمونه أن الأخيرة لن تسمح لقوات كردية بالسيطرة على مناطق سنيه صرفة . بهذا يكون أمام واشنطن الحل الذي طرحة الجنرال فوتيل وهو هجوم النقيضين الكردي والتركي على عدو مشترك هو تنظيم الدولة تحت قيادة مايسترو هو امريكا التي ستسعى إلى مصالحة كردية تركية اعتمادا على إنجازها في دحر التنظيم في الرقة .
هل تستطيع امريكا الاعتماد على القوات التركية وحليفها درع الفرات في دخول الرقة والاستغناء عن الوحدات الكردية ؟؟
بالتأكيد عسكريا تستطيع ، ولكن لا تريد واشنطن أن يحصل أي تعاون بين الوحدات الكردية و الجيش السوري وحلفائه في حال استبعادها، فالجغرافيا التي تسيطر وتتحكم بها القوات الكردية قد تعطي الجيش السوري وحلفاءه الأفضلية بالانقضاض على الرقة في حال حصل تحالف بينهم .
لذلك تجهد واشنطن إلى قيادة الهجوم على الرقة بالاعتماد على الجناحين التركي والكردي مع إعطاء كل طرف ما يريده من ضمانات.
لكن ماذا عن روسيا ؟؟
تعتقد الإدارة الأمريكية اعتمادا على استنتاجات مستنبطة من شروحات الجنرال فوتيل ، إنها يمكن أن تعطي دورا للقوات الجوية الروسية في إنجاز الرقة ، مع استبعاد أي دور لإيران والجيش السوري . وهذا باعتقاد واشنطن سوف يسهم في تباعد واختلاف أو الوصول إلى خلاف بين الحليفين الروسي والإيراني .
التقديرات الأمريكية تقول أنه بعد الرقة سيكون الوضع العسكري والسياسي في سوريا مختلفا عما سبق في عهد إدارة أوباما ، إذ ستسهم هذه الفعالية الأمريكية في مسك خيوط اللعبة العسكرية و بتخفيف السيطرة الروسية على الملف السوري ، وعزل ايران وشل قدرتها على التأثير في مجريات الحدث العسكري ، و إرسال إشارة ثقة للشركاء الإقليميين المحبطين من سنوات الفشل .
هذا ما تريده واشنطن للشمال ، إنما ماذا يريد الآخرون ؟؟ الخطة المقابلة تطبخ في دمشق وحميميم وطهران ، وسنتحدث عنها في المقال اللاحق تفصيلا ان شاء الله .
كاتب واعلامي فلسطيني