الخبير الأسترالي في شؤون شينغيانغ، مايكل كلارك، من كلية الأمن الوطني للجامعة الوطنية الاسترالية قال لوكالة فرانس برس: يبدو أنه التهديد المباشر الأول لتنظيم داعش ضد الصين، وأنها المرة الأولى التي أعلن متشددون يتحدث الأويغور البيعة لدولة داعش.
لكن المتابعين لملف المقاتلين الأويغور في سوريا والعراق يعلمون بوجود آلاف المقاتلين منهم في صفوف الحزب الإسلامي التركستاني منذ عام 2013 والمئات منهم في صفوف "داعش" منذ عام 2015.
وثمة انقسام بين مقاتلي الأويغور، حيث يحذر المنتمون منهم إلى "داعش" مواطنيهم الذين يقاتلون مع الحزب الإسلامي التركستاني، القريب من تنظيم القاعدة وفرعها في سوريا المتمثل بجبهة النصرة، التي تم تغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام" ثم لاحقاً إلى "هيئة تحرير الشام" بزعامة أبي محمد الجولاني.
لكن أغلبية المهاجرين الأويغور الذين أتوا من أفغانستان وباكستان وشينغيانغ عبر تركيا إلى سوريا والعراق، د انضموا إلى الحزب الإسلامي التركستاني وشاركوا في معارك مهمة حيث كان لهم الفضل في تحقيق إنجازات عسكرية لـ"جيش الفتح" الذي كان يضم فصائل جهادية وإسلامية في شمال سوريا، في سقوط مدينتي إدلب وجسر الشغور، ومطار أبو الظهور، عام 2015 حيش اشتهر هؤلاء المقاتلون بأنهم انتحاريون انغماسيون.
وتشعر الصين بالقلق من أن يكون مواطنوها من المسلمين الأويغور، الذين يقاتلون مع جماعات "سلفية جهادية" في سوريا والعراق واكتسبوا خبرات قتالية عالية، يعتزمون العودة إلى إقليم شينغيانغ لإعلان الجهاد ضد الصين لتحرير "تركستان الشرقية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ الأربعاء إنه لا يعلم بأمر الفيديو الذي أصدره "داعش" ولم يشاهده. وأضاف: "لكن من الواضح تماماً أننا ضد أي شكل من أشكال الإرهاب ونشارك بنشاط في التعاون الدولي للقضاء على الإرهاب.. نقول منذ وقت طويل إن قوات تركستان الشرقية تهديد خطير لأمن الصين ونحن مستعدون للعمل مع المجتمع الدولي للقضاء معاً على القوى الانفصالية والإرهابية لتركستان الشرقية."
وكان تنظيم "داعش" قد أعلن مسؤوليته عن قتل رهينة صيني في العراق عام 2015، فيما نفذ الحزب الإسلامي التركستاني، المعروف سابقاً بحركة تركستان الشرقية، عمليات تفجير داخل مدن عدة في الصين واستهدف سفارة الصين في قرغيزستان في عام 2016.
كما قُتل المئات في شينغيانغ خلال السنوات القليلة الماضية في اضطرابات بين أقلية الأويغور المسلمة وأغلبية الهان الصينية.
ويطالب قسم من الناشطين الأويغور بالانفصال عن الصين ويشكون من اضطهاد ديني وعرقي تمارسه السلطات الصينية التي تتهم تنظيمات أصولية متشددة كالقاعدة وطالبان وداعش بتحريض الأويغور على الانفصال وتنفيذ عمليات إرهابية، مشيرة إلى دور تركي في دعم مطالب الانفصاليين وتسهيل وصول المهاجرين من شينغيانغ إلى تركيا ومن ثم سوريا عبر جنوب شرق آسيا.
وتحاول الحكومة الصينية إلقاء اللائمة على المتشددين الأجانب والانفصاليين الأويغور بأنهم يثيرون التوتر في إقليم شينغيانغ. لكن جماعات حقوقية كثيرة ومنفيين أويغور يشككون في وجود جماعة متشددة متماسكة في الإقليم ويقولون إن غضب المسلمين من سياسات بكين القمعية هو الدافع الأقوى للتوتر، بينما تنفي الصين قيامها بأي في قمع في شينغيانغ.
دوافع "داعش" في إعلان الجهاد ضد الصين
لكن السؤال المطروح اليوم هو ما هي دوافع تنظيم "داعش" لإعلان الجهاد ضد الصين، بينما هو يتعرض لهجمات قاسية على مواقعه الأساسية في العراق وسوريا، من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي، والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من جهة، ومن الجيش السوري وحلفائها والقوات الروسية من جهة أخرى. فلماذا يفتح جبهة أخرى هو في غنى عنها بينما يخسر مدناً ومناطق مهمة من الموصل إلى الباب وتدمر؟
يذهب بعض الخبراء في شؤون التنظيم الإرهابي إلى أن "داعش" يريد من الفيديو الدعائي ضد الصين تحقيق أهداف عدة هي:
1-تحريض وتعبئة المسلمين الأويغور داخل إقليم شينغيانغ واستقطاب المزيد من الأفراد منهم لتجنيدهم في خلايا سرية للتنظيم وجلب بعضهم للقتال معه في سوريا أو العراق أو أفغانستان.
2-محاولة البروز كـ"دولة الخلافة" الحريصة على المسلمين في كل أنحاء العالم، والساعية لرد الظلم عنهم من قبل الدول الكافرة والظالمة، وذلك يجلب لها أنصاراً ومؤيدين في كل مكان.
3-المنافسة مع تنظيم "القاعدة" وحركة طالبان في استقطاب المقاتلين الأويغور، حيث يبايع الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا وفرعه الرئيس "حركة تركستان الشرقية" في أفغانستان وباكستان، قيادة "القاعدة" وأمير حركة "طالبان"، خصوصاً أن للإقليم حدود مع افغانستان والهند وطاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان، حيث توجد شعوب مسلمة كبيرة.
4-قد يعتمد "داعش" قريباً عن على القيادة المركزية والتحول إلى اللامركزية في مناطق تواجده في العالم، في حال السقوط الكامل لمدينة الموصل وعاصمته الرقة. ويأتي شريط الفيديو ضد الصين كمؤشر على توسيع نطاق الجهاد العالمي والتخلي عن المركزية.