العراق/ عارف يوسف، علي جواد/ الأناضول
قال مختصون عراقيون في الشأن الأمني إن القوات العراقية حققت، خلال الأيام العشرة الماضية، انتصارات وتقدما سريعا، وصفه أحدهم بغير المتوقع، في هجومها على تنظيم "داعش" في الجانب الغربي من مدينة الموصل (415 كم شمال العاصمة بغداد)، بدعم من التحالف الدولي.
هذا التقدم "السريع"، ووفق هؤلاء الخبراء في أحاديث للأناضول، تحقق بفضل مستجدات، هي: التخطيط والاستعداد الجيدين للهجوم الراهن، والاستفادة من تجارب المعارك السابقة ضد "داعش"، والحصار المفروض على الجانب الغربي من الموصل منذ أكثر من شهرين والذي عززه قطع طريق الموصل-تلعفر مؤخرا، إضافة إلى الدعم "الكبير" من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وهو ما أدى إجمالا، ووفق أحدهم، إلى "انهيار دفاعات داعش".
وتشارك قوات من الفرقة المدرعة التاسعة بالجيش العراقي، يرافقها فصيل مسلح من "الحشد الشعبي" (فرقة العباس القتالية) في هذا الهجوم، الذي بدأ يوم 19 فبراير/ شباط الماضي، بهدف استعادة السيطرة على الجانب الغربي من الموصل، مركز محافظة نينوى.
بينما تتولى قوات مشتركة من الشرطة الاتحادية والرد السريع، وكلاهما تتبعان وزارة الداخلية، الهجوم من المحور الجنوبي باتجاه أحياء الجانب الغربي، فيما تتقدم قوات مكافحة الإرهاب، وهي قوات نخبة تابعة لوزارة الدفاع، باتجاه الأحياء المقابلة للجانب الشرقي للمدينة، التي يقطنها قبل الهجوم الكبير عليها نحو 1.5 مليون نسمة.
وأظهرت خريطة عسكرية، نشرتها قيادة العمليات المشتركة العراقية (تابعة للجيش)، مساء أمس الاول الأربعاء، سيطرة القوات على 12 منطقة في الجانب الغربي للموصل، بيها مناطق استراتيجية، مثل مطار الموصل، ومعسكر الغزلاني، وهو أكبر معسكرات "داعش" في المدينة، التي يسيطر عليها التنظيم منذ يونيو/ حزيران 2014، وتعد آخر معقل له بالعراق.
** خبرات ودعم ترامب
وفق الفريق الركن المتقاعد في الجيش العراقي، نجيب الصالحي، فإن "القوات الأمنية تمكنت من التقدم بشكل سريع، وتحقيق انتصارات على تنظيم داعش الإرهابي في الجانب الغربي، وللإدارة الأمريكية الجديدة (تولت السلطة برئاسة دونالد ترامب في 20 يناير/ كانون ثان الماضي) دور في هذا التقدم السريع".
الصالحي، وفي حديث مع الأناضول، مضى قائلا إن "القوات العراقية بكافة تشكيلاتها حققت انتصارات سريعة على التنظيم الإرهابي، حيث استفادت من تجارب المعارك السابقة ضد داعش، وتمكنت من التقدم سريعا في الجانب الغربي.. كما ساهم التخطيط والاستعداد الجيدين لهذه المعركة في تحقيق الانتصارات".
وفي 17 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، بدأت عملية "قادمون يا نينوى" العسكرية، وفي 24 يناير/ كانون ثانٍ الماضي، أعلنت القوات العراقية استعادة مناطق الجانب الشرقي من الموصل، ثم استغرقت قرابة 25 يوما قبل أن تبدأ الهجوم على المناطق الغربية من المدينة.
وأضاف الصالحي أن "إدارة ترامب ساهمت في تقديم الدعم للمعركة ضد داعش عبر التحالف الدولي"، معتبرا أن "الإدارة الأمريكية الجديدة تقدم للعراق في معركته ضد داعش دعما أكبر من ذلك الذي كانت تقدمه الإدارة السابقة (برئاسة باراك أوباما)".
بدوره، قال "إسكندر وتوت"، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، إن "داعش تكبد خسائر كبيرة في معارك الجانب الغربي للموصل.. أيام التنظيم باتت معدودة في ظل التقدم الذي تحققه جميع القوات المشاركة في المعركة".
وتابع "وتوت"، في تصريح للأناضول، أن "داعش تكبد خسائر كبيرة على أيدي القوات العراقية والحشد الشعبي، وأغلب عناصره يهربون من المعارك أمام تقدم القوات العراقية، التي باتت على إطلاع كامل بأساليب العدو في المعارك".
** تقدم غير متوقع
بحسب خليل النعيمي، وهو ضابط برتبة عقيد متقاعد من الجيش العراقي، فإن "قيادة داعش بدأت تفقد السيطرة على الأوضاع داخل الموصل بعد أن شرع عناصر التنظيم من الأجانب في نقل عوائلهم من المدينة إلى قضاء تلعفر (غرب الموصل) ومنه إلى سوريا".
النعيمي أردف قائلا، للأناضول، إن "ما حصل من تقدم للقوات العراقية، خلال الأيام العشرة الماضية، لم يكن متوقعا من قبل المراقبين، ولا حتى القيادات العسكرية.. كانت هناك خطة بالتقدم ببطء نحو الأهداف المحددة، لكن انهيار دفاعات داعش بشكل سريع مكن القوات من التقديم سريعا واستعادة مناطق مهمة".
وأوضح أن "تراجع الوضع الإنساني داخل الجانب الغربي للموصل بسبب الحصار، الذي فرضته القوات العراقية منذ أكثر من شهرين، أثَّر بشكل كبير على معنويات مقاتلي داعش؛ ما دفع بعضهم إلى الهروب خلال تقدم القوات الأمنية".
ووفق تقارير إعلامية عراقية، أول أمس، فإن زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، وجه خطابا إلى أنصاره في الجانب الغربي من الموصل، أقّر فيه بالهزيمة، وطلب منهم التخفي والانسحاب من المدينة.
ومنذ انطلاق الهجوم على الجانب الغربي من الموصل، نزح أكثر من 26 ألف مدني، بحسب وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أول أمس الأربعاء.
وتتوقع الأمم المتحدة والحكومة العراقية نزوح قرابة 250 ألف مدني من الجانب الغربي، وهو أصغر مساحة من الجانب الشرقي، إذ يمثل 40% من مساحة المدينة، لكن الجانب الغربي يتمتع بكثافة سكانية أعلى، حيث يقطنه نحو 800 ألف نسمة.