تونس (د ب أ)- تونس هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمكنت من بدء إصلاحات ديمقراطية موسعة عقب ما يسمى بـ”الربيع العربي”. وتشهد أوضاع حقوق الإنسان تحسنا في البلاد، في الوقت الذي يكافح فيه البلد الصغير في شمال إفريقيا مشكلات تتعلق بالاقتصاد والإرهاب.
وتصف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تونس بأنها “مشروع أمل”، وتعقد ألمانيا آمالا كبيرة على تونس، في الوقت الذي تحتاج تونس فيه إلى شركاء. فيما يلي نظرة عامة عن القضايا المحورية التي تخيم على زيارة ميركل لتونس اليوم الجمعة:
اللجوء: خلال زيارة رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد لبرلين منتصف شباط/فبراير الماضي قالت ميركل إن هجوم الدهس الإرهابي الذي نفذه التونسي أنيس العمري في برلين ربط ألمانيا وتونس “بطريقة مأساوية”. وأكد الشاهد أن “أنيس العمري لا يمثل بالتأكيد تونس″.
ونفى الشاهد مسؤولية بلاده عن تطرف العمري، الذي قتل 12 شخصا وأصاب أكثر من 50 آخرين في هجوم الدهس الذي نفذه في أحد أسواق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية في 19 كانون أول/ديسمبر الماضي. كما لم يتطرق رئيس الوزراء إلى تقصير السلطات التونسية في عدم إرسال الأوراق المطلوبة لترحيل العمري، الذي غادر تونس عام 2011 وألزمته السلطات الألمانية بمغادرة البلاد بعد رفض طلب لجوئه.
وأعلنت ميركل عزمها إسراع إجراءات ترحيل التونسيين المرفوض طلبات لجوئهم. وهو الأمر المنتظر طرحه خلال محادثاتها في تونس مع الشاهد والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.
وتلعب تونس دورا محدودا في تدفق المهاجرين إلى أوروبا، حيث مثل اللاجئون التونسيون نسبة 5ر0% من إجمالي الذين توجهوا إلى إيطاليا من شمال إفريقيا عبر البحر المتوسط العام الماضي، والذين زاد عددهم عن 180 ألف لاجئ.
ويخشى الاتحاد الأوروبي من أن تنتقل طرق اللجوء الرئيسية من ليبيا (التي يفد منها 90% من اللاجئين) إلى جارتها تونس، إذا عزز الاتحاد تعاونه مع خفر السواحل الليبية في مكافحة عصابات تهريب البشر. وتعتمد تونس على الدعم الألماني في تأمين حدودها مع ليبيا.
وبسبب الاستقرار النسبي في الأوضاع في تونس، فإن غالبية اللاجئين التونسيين ليس لديهم فرص للحصول على صفة لاجئ في ألمانيا. وتسعى ميركل إلى تصنيف تونس كبلد منشأ آمن في قانون اللجوء الألماني، بهدف إسراع إجراءات ترحيل اللاجئين، إلا أن هذه المساعي لا تلقى تأييدا من حزب الخضر في مجلس الولايات “بوندسرات”.
وحتى نهاية العام الماضي كان يقيم في ألمانيا 1515 تونسيا ملزمين بمغادرة البلاد، ولم يتم ترحيل سوى 116 منهم. وتواجه السلطات الألمانية مشكلات في ترحيل اللاجئين التونسيين بسبب عدم إرسال السلطات المختصة في تونس الأوراق الثبوتية الخاصة بهم.
الأمن: هزت تونس عدة هجمات إرهابية كبيرة عام .2015 فعلى أحد شواطئ منتجع سوسة الساحلي وفي متحف باردو الشهير في العاصمة قُتل أكثر من 70 شخصا، أغلبهم من السائحين، في هجمات نفذها متشددون إسلاميون. ومنذ ذلك الحين تُطبق حالة الطوارئ في البلاد، وتتصدى قوات الأمن بشدة للخلايا الإرهابية. وتشهد الأوضاع استقرار نسبيا حاليا بعد محاولة تنظيم داعش في ربيع عام 2016 السيطرة على منطقة حدودية تونسية من ليبيا.
حقوق الإنسان: انتقدت منظمة العفو الدولية في شباط/فبراير الماضي في تقرير لها تزايد ممارسات العنف من قبل الشرطة ووحدات مكافحة الإرهاب، وعودة السلطات إلى الأساليب القديمة للنظام السابق، مثل التعذيب والاعتقالات التعسفية وتفتيش المنازل والتنكيل بأفراد عائلات المشتبه بهم.
وتدعم ألمانيا في تونس هيئة حكومية للوقاية من التعذيب بـ300 ألف يورو. وبحسب بيانات الحكومة الألمانية، فإن حكومة الشاهد تتسم بالتعاون. وترى برلين أن “تونس الجديدة لا تريد أساليب الماضي”.
الدعم: عززت ألمانيا دعمها لتونس بصورة متواصلة عقب الإطاحة بحكم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وفي عام 2016 وحده حصلت تونس من ألمانيا على مساعدات بأكثر من 290 مليون يورو. وتسعى ألمانيا عبر دعم العديد من المشروعات التنموية في المناطق الريفية على وجه الخصوص إلى تحسين أوضاع الكثير من المواطنين في تونس، كما تساعد في تدريب قوات الأمن التونسية.
وخلال زيارته الأخيرة لتونس سلم وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير الحرس الوطني التونسي سيارات دفع رباعي وسترات واقية من الرصاص وأجهزة رؤية ليلية.
الاقتصاد: لا يشعر الكثير من التونسيين بالرضا بالأوضاع الحالية، حيث يرون أن الثورة لم تجلب إليهم أي تحسن، على الأقل من الناحية الاقتصادية. وتعاني تونس من تدني في معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع في البطالة بنسب تصل إلى 16%. ولا يجد نحو ثلث خريجي الجامعات وظائف مناسبة لمؤهلاتهم. كما يعاني قطاع السياحة من تدهور حاد.
وتحاول ألمانيا عبر مشروعات تنموية دعم تأسيس الشركات، وبخاصة الشركات الناشئة لتوفير فرص عمل لكثير من الشباب التونسي الذي يتمتع بمستوى تعليم جيد.