تل أبيب: التصعيد ضدّ حماس قد يقود لمواجهةٍ ضاريةٍ وقاسيةٍ في ربيع 2017 والحركة قادرة على دكّ العمق الإسرائيليّ بالصواريخ وشلّ مطار اللد الدوليّ

آخر تحديث 2017-03-03 00:00:00 - المصدر: راي اليوم

 

الناصرة- “رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

في خضّم النقاش وتبادل الاتهامات في إسرائيل حول تقرير مراقب الدولة العبريّة الذي وجّه انتقاداتٍ لاذعةٍ للمُستويين السياسيّ والأمنيّ في تل أبيب حول عملية “الجرف الصامد”، وهي التسمية الإسرائيليّة للحرب العدوانيّة ضدّ قطاع غزّة في صيف العام 2014، بدأت تطفو على السطح تحذيرات وتنبيهات من إقدام الدولة العبريّة على شنّ حربٍ جديدةٍ ضدّ حماس في القطاع، ولكن بالمُقابل، نقل كبير المُحللين في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، عن مصادر سياسيّة وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب قولها، إنّه في حال اندلاع مواجهةٍ عسكريّةٍ جديدةٍ بين إسرائيل وحماس، وطبعًا باقي الفصائل الفلسطينيّة، فإنّ حماس قادرة اليوم، أكثر من أيّ وقتٍ مضى على دكّ العمق الإسرائيليّ بالصواريخ، بما في ذلك مطار بن غوريون الدوليّ وشلّه تمامًا عن الحركة، بحسب قول المصادر.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ المُحلل على أنّ ما كان في عملية “الجرف الصامد” هو ما سيكون في المُواجهة القادمة في حال اندلاعها، أيْ أنّ إسرائيل لن تتمكّن من حسم المعركة وإسقاط حكم حماس، كما كان يُطالب وزير الأمن الحاليّ، أفيغدور ليبرمان، عندما كان في المعارضة.

وهناك عامل آخر، برأي المُحللين الإسرائيليين، قد يؤدّي لتعجيل المُواجهة القادمة، وهو يكمن في انتخاب يحيى السنوار قائدًا لحماس في قطاع غزّة. الصحافة الإسرائيليّة اعتبرت أنّ انتخاب السنوار ولّد مخاوف جدية لدى مستوطني غلاف غزة، الذين يعتقدون أنّ المواجهة مع حماس باتت قريبةً بعد انتخابه، وظهرت صورة السنوار كخلفية للبرامج الإخباريّة التي غطّت القصف الأخير على غزة، تأكيدًا على أنّه التوتر التصعيديّ الأوّل في ظلّ قيادة السنوار لقطاع غزة.

علاوة على ذلك، الصحافة الإسرائيليّة تكاد تمتلئ بما يثير الانطباع من أنّ تأثير السنوار على المواجهة القادمة سيكون قويًا، حيث ستكون الحرب المقبلة أكثر ضراوةً من سابقتها، كونه يكنّ عداءً كبيرًا لإسرائيل. وأكّد آخرون أنّه يثق بالحرب ضدّ إسرائيل وليس بالهدوء، ولا يرى أنّ هناك وقت مناسب لمواجهة عسكرية، فرؤيته هي مواجهة عسكرية مستمرة، بما يثير الانطباع عنه كشخصية خطيرة وغير متوقعة، على حدّ تعبيرهم.

وثمة من يعتبر أنّ انتخابه سوف يعرقل أيّ توجهٍ لإبرام هدنة في القطاع والتوصل إلى اتفاق طويل الأمد مع إسرائيل، خاصّةً في ظلّ إمكانية انتخاب إسماعيل هنية زعيمًا للحركة، ممّا قد يتطلب منه الإقامة بالخارج، ما يعني إبقاء القطاع بين يدي القادة العسكريين لحماس، واصفين إياه بالعنيد، لأنّه يتحدث عن الحرب الأبدية ضدّ تل أبيب، ومنوهين إلى أنّ بصمته ستظهر واضحة في التخطيط ومضاعفة قدرة الذراع العسكرية لحماس “كتائب القسام” في المعركة القادمة من أجل تحقيق مفاجأة إستراتيجيّة، كأنْ تكون عملية كبيرة أوْ احتلال مناطق في محيط غلاف غزة.

وفيما استبعد بعضهم صفقة تبادل للأسرى جديدة قريبًا مع حماس في وجود السنوار، معللّين ذلك بأنّه خرج من السجن ولديه تعهد لمن تبقى من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيليّة بالإفراج عنهم جميعًا في الصفقة القادمة، إلّا أنّهم توقعوا جازمين أنّ منصبه الجديد سيزيد محاولات خطف الجنود الإسرائيليين لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ما سيقود إلى تدهورٍ أمنيٍّ ينتهي بمواجهةٍ مباشرةٍ مع إسرائيل.

مع ذلك، رأى مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، أنّه في الجانب الإسرائيليّ هناك مَنْ يُحاول لجم التوجّه للتصعيد والحرب، وهذه الفئة تعتمد على عاملين أساسيين: الأوّل، عدم رغبة حماس في وقوع ضحايا، كما حدث في عملية “الجرف الصامد”، والعامل الثاني، وهو التعويل على التغيّر في الموقف المصريّ. ففي الحرب الأخيرة، أضاف هارئيل، كان جنرالات مصر يعتبرون حركة حماس عدوًا بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، ولكن في الأشهر الأخيرة حصل تقارب بين حماس وصنّاع القرار في مصر، الأمر الذي يُتيح لمصر لعب دورٍ هامٍّ في منع التصعيد، على حدّ تعبيره.

مع ذلك، أشار المُحلل إلى أنّ هناك مؤشّرات تدُلّ على أنّ وجهة حماس للحرب، فبالإضافة لانتخاب السنوار، فإنّ الحركة على معرفةٍ تامّةٍ بأنّ إسرائيل تبذل جهودًا جبارّة، من الناحية الاقتصاديّة والعملياتيّة للقضاء على الأنفاق الهجوميّة، والتي تصل تكلفتها الماليّة إلى 3 مليار شيكل، وبالتالي فإنّ هذا التطوّر سيدفع حماس إلى التفكير باستغلال هذا الكنز الإستراتيجيّ، أيْ الأنفاق الهجوميّة، قبل أنْ تكتشفه إسرائيل وتقضي عليه نهائيًا، ومن هنا لم يستبعد المُحلل أنْ تلجأ حماس لتنفيذ عمليات قتلٍ وأسرٍ في المستوطنات الإسرائيليّة بالجنوب، بالإضافة إلى قيامها باستخدام الطائرات بدون طيّار، كما فعلت الأسبوع الماضي، علاوة على دكّ العمق الإسرائيليّ بصواريخ ذات مدّيات مختلفةٍ، وتحديدًا الصواريخ القصيرة المدى، والتي تقوم حماس بإنتاجها بالجملة، على حدّ قوله.

وتابع المُحلل قائلاً إنّ المُستوى السياسيّ في إسرائيل يخشى من اتخاذ قرارٍ بإعادة احتلال غزّة، ويُوضح أنّ وزير الأمن السابق، موشيه يعلون، قال هذا الأسبوع، إنّه لو أقد الجيش الإسرائيليّ على احتلال غزّة في العدوان الأخير لبقيت إسرائيل تنزف وبكثرةٍ لعدّة أشهرٍ، لافتًا إلى أنّه مَنْ يعتقد أنّ بالإمكان إسقاط حكم حماس في القطاع ما هو إلّا واهم، على حدّ تعبيره.

وخلُص إلى القول إنّ الكثير من المزيج القابل للانفجار الذي جرّ الطرفين إلى الحرب في العام 2014، والذي تمّ استعراضه بشكلٍ مُفصلٍ في تقرير مراقب الدولة حول “الجرف الصامد”، عاد ليُحلّق في الأجواء مع اقتراب ربيع العام الجاريّ.