بقلم: عميره هاس
هل هو معياري أن يتم قصف كوخاف يئير عندما يكون السكان نائمون أو يأكلون مع العائلة؟ هذا سؤال فظيع غير موجود بحد ذاته. لكن اسرائيل ردت بالايجاب منذ زمن على السؤال التوأم: هل من المعياري تحطيم احياء وقصف بيوت فيها عائلات كاملة – اولاد وشيوخ واطفال رضع. لقد قالت اسرائيل نعم في هجماتها على غزة ولبنان. هذا معياري لأنه قتل مع هؤلاء أو كان من المفروض أن يقتل قادة ونشطاء عسكريين وكذلك مسؤولين سياسيين في المنظمات الفلسطينية واللبنانية.
اليكم ما هو مكتوب في صفحة النيابة العسكرية حول هجمة من الهجمات الكثيرة التي قتلت مواطنين في عملية الجرف الصامد: كان القصف نحو قائد رفيع بمستوى يوازي درجة نائب قائد كتيبة في منظمة الارهاب الجهادية الاسلامية الفلسطينية… في اطار عملية تحقيق الهجوم كانت التقديرات أنه من الممكن تواجد عدد من المواطنين في المبنى وأن عدد المدنيين الذين سيصابون ليس مبالغا فيه بالمقارنة مع الانجاز العسكري المتوقع نتيجة القصف… فيما بعد تبين أن الهدف أصيب اصابة بالغة وقتل نشيطين من نشطاء الجهاد واربعة مواطنين… كان القصف ملائما لمبدأ المعيارية، حيث أنه عند اتخاذ القرار كانت التقديرات هي أن اصابة المدنيين لن تكون مبالغا فيها قياسا مع الانجاز العسكري المتوقع… إن اعطاء التحذير قبل القصف لمن هم في المبنى لم يكن ملزما من الناحية القانونية لأنه سيفشل هدف الهجوم”.
الهجمات على غزة رسخت في عالمنا ثلاثة مفاهيم لا تستحق الوجود: القتل المعياري، الضرر الصدفي وبنك الاهداف. وهذه المفاهيم هي فوق كل انتقاد. كيف ستبدو الاحوال اذا رسمنا بنك اهداف عكسي؟.
كل بيت فيه جندي اسرائيلي، نظامي أو احتياط، هو هدف مشروع للقصف. المواطنون الذين سيصابون هم ضرر صدفي منطقي، جميع البنوك في اسرائيل هي اهداف للقصف لأن فيها حسابات الوزراء والجنرالات، جيران شرطة ديزنغوف يجب عليهم تغيير مكان سكنهم لأن ضباط الشباك يعملون هناك بشكل دائم ويمكن أن يخطيء الصاروخ ويسقط على مدرسة في المحيط، المواقع العسكرية ومراكز الشباك التي توجد في اوساط السكان المدنيين، في الكرياه في تل ابيب وفي حي غيئولا والنبي يعقوب في القدس، وفرقة بنيامين العسكرية بجانب مستوطنة بيت ايل، تقرر مصير السكان بالموت المعياري، وبسبب الموقع العسكري فان جميع المرضى في مستشفى شيبا يجب أن يتم اخلاءهم، مختبرات البحث في الجامعات وجميع شركات الهاي تيك يجب اخلاءها من الموظفين بسبب علاقتها مع الصناعات العسكرية، وايضا حياة اولاد العاملين في “البيت” و”رفائيل” موجودون في دائرة الخطر الصدفي لأن آباءهم شركاء في تطوير الاسلحة من انواع لا يمكن لخيالنا الوصول اليها.
هذا يثير السخط، لكن لأن السيناريو الوحشي العكسي يبدو خياليا، فان السخط يتلاشى على الفور. لقد فاجأ مراقب الدولة في انتقاداته حول غياب البديل السياسي للحرب، لكن الاغلبية في المجتمع الاسرائيلي يفكرون من داخل الصندوق، صندوق الدم. انهم يبحثون عن طرق لجعله اكثر فعالية وليس استبداله واقتحامه.
إن حروبنا هي استمرار لسياسة رفض حقوق الآخر. إن من يستخف بالدبلوماسية الفلسطينية التي تريد بناء دولة مستقلة الى جانب اسرائيل يحصل على الـ بي.دي.اس. ومن لم يستمع الى منطق المقاومة الفلسطينية الشعبية يدفع ثمن القسام والانفاق والخوف من العمليات الانتحارية. من اقام سجن غزة حصل على يحيى السنوار. نظرياته القمعية ناجحة. وهذه أداة للتصعيد. إن هذا يفرض معايير لتعريفاتنا نحن الاسرائيليين حول “الضرر الصدفي” في نظر من هم مهانون ويتعرضون للعنف بجميع انواعه من قبلنا.
هآرتس 2/3/2017