يرى العديد من الأئمة والخُبراء ورجال القانون والمُختصّين الاجتماعيين بأن الزواج العُرفي الذي أصبح من المُحرّمات الاجتماعية، يتلافى البعض طرحه إعلامياً ومناقشة مختلف جوانبه لأسباب عدّة قد تكون دينية أو اجتماعية أو أيديولوجية إلى غير ذلك، ولكن لا ينكر أحد وجوده وبكثرة
الزواج العُرفي هو من الظواهر التي أصبحت تُثير الكثير من المشاكل في المجتمع الجزائري
الزواج العُرفي هو من الظواهر التي انتشرت في المجتمع الجزائري وأصبحت تُثير الكثير من المشاكل والتبعات القانونية والإجتماعية وحتى الأُسرية الناتجة منه. فهو في أحد أوجهه يعرّفه بعض الفُقهاء بأنه عقد مكتوب مُلزِم للرجل والمرأة وبحضور الشاهدين وكاتب العدل. ويسقط بالتالي شرط وجود الوليّ وأخذ إذنه وموافقته وكذلك شرط الإشهار والإعلان. وله شكلان الأول حسب اشتراط من يُحله من الفقهاء وهو يُعرَف على أنه نوعٌ عادي وصحيح ويكون عن طريق عقد موثّق وشبه رسمي، ويُعدّ هذا النوع شائعاً ومنتشراً بشكل واسع، بالإضافة إلى كونه أشبه بالموضة القديمة ويلقى رواجاَ واسعاً من طرف الشباب الجزائري. والنوع الثاني يتمُّ بعقد عادي وغير موثّق من طرف جهة رسمية ويكون بحضور شاهدين فقط ويصبح لاغياً وغير موجود بمجرّد تمزيق العقد الذي يُكتَب بخط اليد عادة. وهذا النوع غير رائج ولكنه موجود في واقع الزواج العُرفي لدى شبابنا وشاباتنا.
ويرى العديد من الأئمة والخُبراء ورجال القانون والمُختصّين الاجتماعيين بأن الزواج العُرفي الذي أصبح من المُحرّمات الاجتماعية، يتلافى البعض طرحه إعلامياً ومناقشة مختلف جوانبه لأسباب عدّة قد تكون دينية أو اجتماعية أو أيديولوجية إلى غير ذلك، ولكن لا ينكر أحد وجوده وبكثرة. وتعود أسباب انتشاره في المُجمل وبالأخصّ بين طلبة الجامعات إلى أمور عدّة من بينها اللجوء إليه كآخر حل لتحقيق مُبتغى الزواج خصوصاً وأن تكاليف الزواج الشرعي المُعترَف به اجتماعياً، قد أصبحت تثقل كاهل الشباب وسط الارتفاع الرهيب في أسعار مستلزمات وتجهيزات الزواج. بالإضافة إلى أنه يكون لبعض الأشخاص وخاصة في المناطق العشائرية آخر حل أمامهم للارتباط بمن يحبُّون وذلك هروباً من الزيجات العائلية المرتبة. زد على ذلك أنَّ غياب أو نقص الثقافة الجنسية والانحرافات الأخلاقية قد تدفع بعض الشباب إلى خوض غمار هذه التجربة من دون التفكير في عواقبها ومحاولتهم التغلّب على الصراع الداخلي المرير الذي يعتصر ضمائرهم بين حاجتهم البيولوجية وعادات وتقاليد المجتمع التي لا ترحم. ومحاولة البعض تقليد ثقافة الآخرين وعاداتهم بتجريب هذا النوع من الزواج غير المعترف به. أو نقص وغياب التوعية الدينية والأُسرية بخطورة الزواج العُرفي ما قد يدفع الشباب إلى البحث عما يُشبع نهمه إلى المعرفة عن طريق وسائل أخرى كمواقع التواصل الاجتماعي والانترنت. والتي قد تزوِّده بمعلومات خاطئة عنه ويبني تجربته مع شريكه في هذا الزواج على أساسها. وللقواعد الاجتماعية الخاطئة التي تميّز بين الناس طبقياً في العادة، نصيب ما يجعل بعض الشباب والشابات يحاولون كسرها وتخطيِّها عن طريق هذا النوع من الزواج. بالإضافة إلى تعديلات قانون الأسرة الأخير وخاصة المادة 8 منه والتي تجعل من تعدّد الزوجات شبه مستحيل مثلما يرى ذلك بعض المُختصين القانونيين من دون موافقة الزوجة الأولى ما ينتج عنه تبنّي هذا النوع من الزواج كحل للخروج من هذا المأزق القانوني والاجتماعي الصعب. ويرى العديد من المتابعين لهذا الملف والمعنيين به ومنهم السيِّدة مريم بلعلي رئيسة "جمعية نساء في شدَّة" بأن هذا النوع من الزواج تعتبر المرأة الضحية الأولى له. لأنه كما تقول لا يُعطيها حقوقها الاجتماعية والأسَرية. وهي تصفه بأنه زواج للمتعة الجنسية. وإذا كان الزواج قد تم بالفاتحة فإن الزَّوج سيهجرها أو ينهي علاقته بها عن طريق الفاتحة. ولكن معظم الأزواج المتزوّجين عُرفياً يتركون زوجاتهم من دون نفقة أو مسكن زوجي أو حقُّ لهن في الميراث في حال توفّى وتعذُّر إثبات نسَب الأبناء قانونياً وشرعياً إن أثمرت العلاقة عن أولاد. وبالتالي تصبح الزوجة في هذه الحال رهينة المجهول ونظرات النَّاس وألسنتهم السليطة التي لا ترحم. فالتجاوزات التي تحدث في هذا الزواج قانونياً وحتى في الزواج الشرعي مثلما يرى خبراء القانون الأسري ومنها عدم توثيق العقد أمام كاتب عدل مُعتمَد لدى الدَّولة، تساهم في خلق الكثير من المشاكل وتهدر حقوق الزوجة. فالزواج العُرفي بلغت أرقامه حوالى 50 ألف حالة زواج عرفي في الجزائر منها 36 ألف حالة سُجّلت في الفترة الممتدة بين عامي 1993-1997 بحسب الأرقام التي قدّمتها الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. وتؤكّد السيِّدة فاطمة بن براهم المحامية والناشطة الحقوقية بأن هذا النوع من الزواج قد يكون وسيلةً تستخدمها المرأة المُطلّقة للاحتفاظ بأبنائها من زواجها الأولمن دون أن يستطيع الزوج الأول المطالبة بحضانتهم. كما أنه طريقة يلجأ إليها الرجل الذي قلّص القانون من حقِّ التعدّد إذ يجوز له قانوناً بعد إنجابه لطفل من زواجه العُرفي أن يتقدّم لقاض ٍبطلب لتصحيح زواجه والاعتراف بأبوَّته لطفله الناتج من هذا الزواج. فالجزائر تحصي سنوياً أزيد من 2 مليون و300 ألف حالة زواج شرعي قانوني كل سنة حسب الأرقام الرسمية. ولكن قضايا المحاكم عالجت حوالى 4 آلاف حالة زواج مزيّف سنة 2008 وتم تسجيل أكثر من 5 آلاف حالة زواج عُرفي في نفس السنة. وتشير الأرقام الصادرة عن الجهات القضائية إلى أن المحاكم الجزائرية تشهد حوالى 541 قضية تتعلّق بالزواج العُرفي وذلك في السُّداسي الأول من كل سنة تقريباً من بين2339 قضية كاملة تكون متعلّقة عادة بإثبات الزواج العُرفي والنسَب المُترتّب عنه. وفي العادة يفصل القاضي في هذا النوع من الزيجات بتثبيتها وذلك عن طريق وثيقة يتم استخراجها من سجلات الحالة المدنية. وفي حال عدم تسجيل هذا الزواج يثبت بحكم قضائي ويتمُّ تسجيله في سجلات الحالة المدنية بأمر الادّعاء العام وذلك وفق المادة 22 من قانون الأسرة. وذلك لحماية المجتمع من اختلاط الأنساب وظاهرة الأمّهات العازبات. وعادة ما يتم إثبات هذا النوع من الزيجات بعد أشهر وربما سنوات عدّة في أروقة المحاكم.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً