التحليل الفني لخسارة روما أمام نابولي في السيري آ
بقلم | تامر أبو سيدو تابعه عبر تويتر
حقق نابولي انتصارًا مهمًا جدًا للحفاظ على حظوظه في التأهل لدوري الأبطال القادم حين أسقط روما على ملعبه الأولمبيكو بهدفين مقابل هدف في افتتاح الجولة الـ26 من الدوري الإيطالي، وقد سجل له دريس ميرتينس أولًا قبل أن يُقلص كيفن ستروتمان الفارق للجالوروسي في الدقائق الأخيرة من المباراة.
روما | هذا الفارق بين صلاح و"الشعراوي وبيروتي" |
روما دخل فترته الحاسمة في الموسم بدءً من مواجهة الإنتر في السيري آ مرورًا بمواجهة لاتسيو في الكأس ثم نابولي في الدوري ثم ليون ذهابًا في الدوري الأوروبي ثم باليرمو في الدوري وأخيرًا ليون إيابًا في البطولة القارية، الفريق نجح في اختباره الأول أداءً ونتيجة، لكنه سقط في الاثنين أمام لاتسيو ثم نابولي ! الأسباب تشمل أخطاء المدرب لوتشيانو سباليتي في المباراتين، وكذلك الحالة البدنية للاعبين، وتراجع المستوى الفني لبعض اللاعبين وأخيرًا عدم التوفيق أحيانًا.
سباليتي أحسن باختيار الدفاع الرباعي اليوم، بهدف تكثيف خط الوسط لمواجهة قوة وسط نابولي وحيويته، لكنه أخطأ باختيار 4 قلوب دفاع في خط الدفاع ! قد يكون مقبولًا اللعب بقلب دفاع بدلًا من أحد الظهيرين لمنح الفريق مرونة التحول من 4-3-3 إلى 3-4-3 أو لزيادة القوة الدفاعية في العمق، لكن ليس مقبولًا أبدًا اللعب بقلبي دفاع في الظهيرين ! هذا الأمر حرم روما من الدور الهجومي لظهيريه طوال 52 دقيقة وعرض الجناحين الشعراوي وبيروتي لمعاناة كبيرة لأنهما في الكثير من اللقطات وجدا نفسيهما وحيدين في كماشة دفاع نابولي، وهذا الأمر ساعد به سوء مستوى ناينجولان وستروتمان. لهذا لم يكن هناك أي شكل هجومي للفريق في تلك الفترة، بل اعتمدت محاولاته على الجهود الفردية للاعبين فقط.
السلبية الأخرى الحاسمة في الجانب الدفاعي اليوم كانت البطء الشديد الذي ميز أداء اللاعبين، سواء رباعي الدفاع أو ثلاثي الوسط خاصة دي روسي، هذا البطء مشكلة كبيرة أمام كل الفرق المنافسة لكنه فتاك وقاتل أمام نابولي بالذاب لما يمتاز به الفريق من سرعة في هجومه، سواء سرعة اللاعبين الفردية أو سرعة اتخاذ القرارات وتنفيذ الهجمات وتبادل التمريرات والتحرك دون كرة ! البطء كان في التحرك وقراءة الهجمة وتحرك المنافس والأهم الارتداد من الهجوم للدفاع ... وقد رأينا في لقطة الهدف الأول كيف كانت المساحة بين الدفاع ودي روسي شاسعة للغاية وفارغة تمامًا مما سمح بتحرك ميرتينس وانطلاقه بين قلبي الدفاع، وفي لقطة الهدف الثاني كم كانت المساحة خلف روديجير المتقدم والذي لم يعد في الوقت المناسب لمنع إنسينيي من لعب التمريرة العرضية لزميله البلجيكي.
دفاع روما اعتاد اللعب بـ3 مؤخرًا، وربما هذا جعل اللاعبين ينسجمون مع تلك الطريقة ومع فكرة وجود لاعب في العمق يُغطي خلف المدافعين المساكين على اليمين واليسار ! ولذا ربما فقد قلبي الدفاع الإحساس بتحرك ميرتينس بينهم في هجمات عديدة منها هجمة الهدف الأول والهدف الملغي !! فقد كان لديهما شعور بالاطمئنان أو ربما بالتواكل على أن هناك من يغطي تلك المساحة بينهما وخلفهما ! لكن هذا اللاعب لم يوجد اليوم بالطبع.
هذا ما يخص الدفاع الذي يتحمل المسؤولية الأكبر عن الخسارة اليوم، أما هجوميًا فأعتقد أن بيروتي والشعراوي لا يوفران للفريق ما يوفره محمد صلاح خاصة اللعب بين الخطوط طوليًا وعرضيًا وإجادة لعب دور المهاجم الثاني والتحول من دور الجناح للمهاجم الثاني وللمهاجم المتقدم أحيانًا بسرعة ومرونة وذكاء. بيروتي والشعراوي يلعبان بأسلوب الجناح الكلاسيكي .. تقدم ومراوغة على الطرف ثم محاولة لعب الكرة عرضيًا أو محاولة المراوغة للداخل والتسديد ! هذا الأسلوب لم يجد نفعًا مع الجالوروسي اليوم لأن دفاع نابولي كان قويًا في الأطراف بفضل قرب المسافات بين اللاعبين واختيار الفريق اللعب بأسلوب الدفاع الإيجابي وعدم الانجرار لمصيدة الضغط والتقدم ومنح منافسه المساحات وهو ما فعله لاتسيو في مباراة الكأس أيضًا، وربما هذه هي الوصفة الأفضل لهزيمة روما حاليًا.
وأظن أن سباليتي أراد هذا الأمر، هو أراد تكثيف تواجد لاعبيه في الطرفين للحد من خطورة نابولي عند الأطراف وفي نفس الوقت إفراغ المساحة أمام ناينجولان وستروتمان للهجوم من العمق مع دجيكو، بعكس ما يكون عليه الوضع حين يلعب بطريقة 3-4-2-1 وبتواجد صلاح وناينجولان خلف دجيكو في العمق مع إفراغ المساحة في الطرفين لتقدم الجناحين بيريس وإيمرسون ... لكن حساباته كانت خاطئة لأن نابولي تمكن من إيقافه في العمق والطرفين وكذلك لا نتجاهل خذلان بعض اللاعبين له بأدائهم السيء اليوم وحالتهم البدنية المتواضعة.
كل تلك الأخطاء والمشاكل كانت حتى الدقيقة 52، حين قرر المدرب العودة للخيارات المنطقية والسليمة بإشراك بيريس في الظهير الأيمن بدلًا من فازيو وتحويل روديجير لقلب الدفاع، وكذلك إخراج الشعراوي والزج بصلاح ليلعب بجانب دجيكو ... هنا استعاد روما شكله الفني المعتاد في الفترة الأخيرة، بأن تكون المساحة على الطرف الأيمن للجناح البرازيلي يتقدم بها ويفعل ما يريد حتى دخوله لمنطقة الجزاء، وبأن يتحرك صلاح على حدود وداخل منطقة الجزاء في دور المهاجم المتحرك وليس الجناح أبدًا واليوم تطرف في هذا الأمر نتيجة اندفاع الفريق بالكامل للأمام، وبقي بيروتي يلعب دور الجناح الكلاسيكي في اليسار لكن بدعم أكبر من جوان وستروتمان نتيجة اندفاع الفريق للهجوم، وأخذ ناينجولان دور صانع اللعب خلف المهاجمين صلاح ودجيكو .... هنا عاد روما وصنع عدة محاولات جيدة للتسجيل لكنه لم يوفق سوى في واحدة. يُمكن القول أن سباليتي أصلح أخطاءه لكن بعد فوات الأوان.
وقد تأخر سباليتي كثيرًا في الحفاظ على دي روسي في الملعب رغم أنه كان ثغرة واضحة جدًا في العمق تخطاها هجوم نابولي مرارًا وتكرارًا، كان الأفضل إخراجه مبكرًا لصالح باريديس أو حتى بإعادة الهولندي أو البلجيكي للمحور وإشراك توتي كصانع لعب ليحرك المنظومة الهجومية.
نابولي | ساري "أكل كتف" روما جيدًا ! |
نابولي بهذا الفوز أنقذ نفسه من الدخول في دوامة صراع المركز الثالث، لأن خسارته كانت ستجمد رصيده عند 54 نقطة، مما يعني أن انتصار ملاحقيه أتالانتا ولاتسيو والإنتر وميلان سيجعل الفارق بينه وبين ميلان مجرد 4 نقاط ! لكنه بانتصاره حافظ على فارق مقبول في النقاط حتى الخلاص من مواجهة ريال مدريد الصعبة ومن ثم بناء الحسابات من جديد، إن كان سيواصل في الأبطال مما سيكلفه إهدار النقاط في البطولة المحلية أو سيوجه كامل تركيزه على محاولة انتزاع الوصافة بعد الخروج من البطولة القارية. لذا هو انتصار ثمين جدًا وقد يكون نقطة تحول في موسم الفريق، ولذا أحسن ساري باتخاذ قرار باللعب بالمجموعة الأساسية وعدم التفكير مسبقًا بمواجهة ريال مدريد وسط الأسبوع.
ساري اتخذ قرارًا جيدًا حين فضل إراحة ظهيريه أمام اليوفنتوس ليدفع بهما أمام روما، لأن اللعب أمام روما تحديدًا يتطلب أظهرة قوية وجاهزة بدنيًا لاعتماد الفريق كثيرًا على الأطراف في هجومه .. واليوم جنى ثمار قراره هذا بأن وجد دفاعه صلبًا متماسكًا قادرًا على الوقوف أمام هجمات روما وحماية مرماه جيدًا وإن ساعده الجالوروسي في هذا كما أوضحت سابقًا.
نابولي لعب اليوم بذكاء كبير، عرف من أين تؤكل كتف روما وفعل هذا، لعب بالدفاع المنظم في نصف ملعبه وإغلاق الثغرات وحرمان روما من المساحات، وهجوميًا اعتمد على مباغتته بالهجمات المرتدة السريعة عبر التمريرات الطويلة للجناحين وانطلاقهما في المساحات الخالية استغلالًا لبطء وسوء تمركز مدافعي روما ... نجح أسلوب المدرب ساري بامتياز ونجح في إحراز هدفين.
لكن المدرب أخطأ بتغييرات خاصة إخراج ميرتينس لأنه أراح دفاع روما كثيرًا وسمح للفريق بالتقدم بالكامل للهجوم وتهديد مرمى رينا جديًا وقد كان بإمكانه خلال تلك الفترة الوصول لهدف التعادل، وقد أصلح المدرب الخطأ بإقحام ميليك بدلًا من هامسيك لكنه لم يكن بسرعة وحيوية البلجيكي ... أما التغيير الأول فكان جيدًا لأنه حافظ على حيوية الوسط بإخراج جورجينيو الذي أرهق نسبيًا وإشراك النشيط دياوارا.
يبقى ميرتينس أفضل مفاجآت نابولي في الموسم الحالي، اللاعب الجناح الذي يجيد كل أدوار الهجوم ولديه اللمسة الأخيرة القاتلة ... هذا اللاعب مزعج لأي دفاع وقد استغله ساري جيدًا اليوم باستغلال سرعة ومهاراته الفردية والأهم قدرته على اللعب في المساحات بين لاعبي الدفاع وهو أمر يجيده جيدًا.
تواصل مع تامر أبو سيدو | |