الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
قالت مصادر أمنيّة وسياسيّة إسرائيليّة إنّ التجربة الصاروخيّة التي أجرتها إيران على صواريخ S300 ليست جديدةً، وأنّه بحسب المعلومات المُتوفرّة لدى تل أبيب، فإنّ الصاروخ الذي قام إيران بتجربته يصل إلى 268 كيلومترًا، أيْ أنّه لا يصل إلى العمق الإسرائيليّ، لافتةً إلى أنّ التجربة نجحت.
وفي هذا السياق، قال مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، اليوم الثلاثاء، إنّ صنّاع القرار في تل أبيب يبحثون دائمًا عن قضايا ومواضيع لإخافة المُواطنين الإسرائيليين من الخطر الداهم، مُوضحًا أنّه بعد أفول تبعات تقرير مُراقب الدولة العبريّة، يوسف شابيرا، عن خطر الأنفاق الهجوميّة التي حفرتها وما زالت تحفرها حركة حماس في الجنوب، قرر قادة إسرائيل البحث عن جرعةٍ تخويفٍ جديدةٍ للمُواطنين، فكانت التجربة الصاروخيّة الإيرانيّة حاضرةً وجاهزةً لإدخال الخوف والرعب في قلوب وعقول الإسرائيليين، مُشدّدًا على أنّ القادة السياسيين في تل أبيب يشعرون بالراحة، كلّما ارتفع منسوب الخوف لدى المُواطنين من التهديد الأمنيّ المُناوب.
علاوة على ذلك، شكّكّ الإعلام العبريّ بتوقيت المكالمة الهاتفيّة التي جرت عصر أمس بين الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، والتي نقشا خلالها الأخطار القادمة من إيران، وتحديدًا التجربة الصاروخيّة المذكورة، والمُناوشات بين سلاح البحريّة الأمريكيّ وبين سلاح البحريّة الإيرانيّ. وجاء هذا التشكيك، بأنّ المكالمة تمّت في أوج التحقيق الذي كانت تُجريه الشرطة الإسرائيليّة مع نتنياهو في مقرّه بشارع بلفور في القدس الغربيّة حول الشبهات التي تحوم حوله في التورّط بقضايا فساد وحصوله على رشوةٍ من عددٍ من رجال الأعمال الإسرائيليين.
وبحسب المصادر السياسيّة في تل أبيب، كما شدّدّت صحيفة (هآرتس) في عددها الصادر اليوم، فإنّ مكالمة هاتفيّة بين ترامب ونتنياهو لا يُمكن أنْ تجري بدون تنسيقٍ مُسبقٍ بين الطرفين، لافتةً إلى أنّه، على ما يبدو، أخفى نتنياهو هذا الأمر عن المُحققين، الذين اضطروا للانتظار حوالي 20 دقيقة، حتى يُنهي نتنياهو حديثه الهاتفيّ مع الرئيس الأمريكيّ.
من ناحيتها، نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) عن مصادر رفيعةٍ في ديوان نتنياهو قولها إنّه في اللقاء الذي سيجمعه يوم بعد غدٍ الخميس، مع الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتن في موسكو، سيُشدّد رئيس الوزراء الإسرائيليّ على أنّ بلاده لن تسمح بأيّ شكلٍ من الأشكال، لا لإيران ولا لحزب الله، تعزيز تواجدهما في سوريّة، لأنّ هذا الأمر يُشكّل تهديدًا أمنيًا خطيرًا على المصالح الإسرائيليّة، كما أكّدت المصادر.
بالإضافة إلى ذلك، ذكّرت وسائل الإعلام العبريّة بأنّ سلاح الجو الإسرائيليّ شارك في العام 2015 في مناورةٍ عسكريّةٍ مع نظيره اليونانيّ، شملت مشاركة مقاتلات حربيّة إسرائيليّة، في مهام للتدريب على كيفية تشويش نظم الدفاع الجوي الروسية من طراز (S-300)، والتي تمتلكها اليونان وتعتزم روسيا بيعها للجانب الإيرانيّ، وهو ما يؤكّد على أنّ زعم إسرائيل بعدم معرفتها أيّ شيء عن الصاروخ الروسيّ ليس دقيقًا وليس صحيحًا.
وفي هذا السياق، أشار موقع (هآرتس) إلى أنّ المناورات أجريت أيضًا في سماء جزيرة رودوس اليونانية التي نصب فيها الجيش اليوناني صواريخ S300 الدفاعيّة، وهي المنظومة ذاتها التي أعلنت روسيا أنّها ستقوم بتزويد إيران بها. وقال الموقع إنّه ليس من المستبعد أنْ يكون هدف المناورة هو التدرب على مواجهة صواريخ منظومة S300 المتطورّة. ونقل الموقع عن قائد قاعدة نيفاتيم في سلاح الجو الإسرائيليّ، ليهو هكوهين، قوله الشهر الماضي إنّ منظومة S300 هي بمثابة تحدٍّ لسلاح الجو.
وأضاف أنّ سلاح الجوّ الإسرائيليّ يتجّهز لعدة احتمالات بما فيها مواجهة هذه المنظومة، على حدّ تعبيره. وكان موقع القناة الثانية الإسرائيليّة قد ذكر في وقتٍ سابقٍ أنّ سلاح الجو الإسرائيليّ سمح بنشر خبر إجراء مناورةٍ مشتركةٍ مع السلاح الجوّ اليونانيّ شارك فيها سرب من مروحيات اليسعور، للمرة الأولى منذ كارثة تحطم المروحيات خلال مناورة في رومانيا.
وأضاف الموقع أنّ الأمر يتعلّق بمواصلة التعاون مع اليونان، بعد إجراء مناورة لطائراتٍ حربيّةٍ إسرائيليّةٍ يونانيّةٍ خلال الأشهر الماضية تُحاكي كيفية التعامل مع بطاريات الدفاع الجوي المتطورة S300. ووصف الموقع مناورة مروحيات سلاح الجوّ مع سلاح الجوّ اليونانيّ، بأنّها أكبر عملية انتشار قام به سلاح الجوّ الإسرائيليّ وراء البحر.
وقالت مصادر أمنيّة وُصفت بأنّها رفيعة المستوى في تل أبيب إنّ السنوات الأخيرة شهدت زيادة التعاون المشترك بين إسرائيل واليونان، حيث أُجريت مناورات في الشهور الأخيرة، بمشاركة أسراب من المقاتلات الإسرائيليّة من طراز (F-16) التي يطلق عليها سلاح الجو الإسرائيليّ اسم (العاصفة) في تدريبات على تشويش منظومة (S-300) الروسية، ضمن الاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية قيامها بشنّ هجومٍ يستهدف هذه المنظومة حال تسلمتها إيران.
ولفتت المصادر عينها إلى أنّ اليونان تمتلك نظام رادار (S-300 PMU-1) وتنصبه في جزيرة كريت، أكبر الجزر اليونانيّة. ولفت مراقبون إلى أنّ المقاتلات ركزّت خلال التدريبات على تحسين مستوى التكتيكات الخاصة بمهاجمة المنظومة الروسيّة، وشنّ هجماتٍ ضدّ أهداف أرضية محصنة وكيفية التهرب من الصواريخ التي قد تطلقها تلك المنظومة. وكان شهر حزيران (يونيو) من العام 2008، قد شهد مناورات مماثلة، شاركت فيها 100 مقاتلة إسرائيليّة، وأجرت مهامًا بالتعاون مع سلاح الجو اليونانيّ متبعةً التكتيك ذاته الذي تمّ استخدامه إبّان الهجوم على المفاعل النوويّ العراقيّ في شهر حزيران (يونيو) من العام 1981.