د. كاظم ناصر
ذكرت صحيفة اليوم السعودية التي تصدر في المنطقة الشرقيّة في عددها الصادر يوم الإثنين الموافق 6- 3- 2017 أن الدكتور سليمان أبا الخيل عضو هيئة كبار العلماء ومدير جامعة الإمام محمد الإسلامية قال في كلمة موجهة لمنسوبي الأمن ما يلي ” إن أعداء الأمة جنّدوا الجنود وهيأوا الوسائل والطرق المختلفة والمتنوّعة والموغلة في الحقد والحسد على أبناء المملكة، لما يرونه فيها من النعم والفضائل والشمائل التي أساسها عقيدة التوحيد الصافية وتطبيق شريعته، وما نعيشه من الأمن والأمان والإستقرار .”… وأضاف معاليه… ” إن المملكة أصبحت مقصودة ومحسودة، حيث وجّهت إليها السهام المسمومة من كل حدب وصوب .”
وكردّ على إدّعاءات معاليه نقول إن كل ما ذكره عارعن الصحة، وتعبير واضح عن ولاء الطبقة الدينية وعلى رأسها هيئة كبار العلماء لآل سعود، ودعمها اللامحدود لهم مقابل ما يحصل عليه المشايخ من مكاسب ماديّة ووجاهة ونفوذ إجتماعي . ولتوضيح رأينا نورد الحقائق التالية :
أوّلا : لم يجنّد أحد ” الجنود والوسائل الموغلة في الحقد ” ضدّ المملكة . المملكة هي التي جنّدت المرتزقة من جميع أنحاء الأرض لحرق سورية وشعبها، وساهمت في تخريب العراق وتدمير جيشه، وأقامت تحالفا إسلاميا من 40 دولة لحرق اليمن وتدميره، وحاربت الثورة اليمنية في ستينات القرن الماضي، وتآمرت على الوحدة السورية المصرية، وغذت وشجّعت الخلافات المذهبية بين السنّة والشيعة ، وموّلت حروب أفغانستان والقاعدة، وساهمت في إقناع صدام حسين بشن حربه ضدّ إيران وتتآمر حاليا مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لضربها، وأقامت منظمة العالم الإسلامي وغيرها من المنظمات الإسلامية المسيّسة التي لا علاقة لها بالدين الحق وألبستها عباءة الدين لإخفاء دورها وأهدافها الحقيقية وهي خدمة النظام سياسيا ودينيا، وتخدير الشعب السعودي، وضرب المد القومي العربي، وإفشال محاولات توحيد الوطن العربي.
ثانيا : أما ما قاله الشيخ عن حسد الحاسدين للشعب السعودي فإنه مثير للضحك ! الشعب السعودي … شعب مستعبد ومكتوم الأنفاس … ومظلوم ومنهوب الثروة . المواطن في السعودية لا يعرف شيئا إسمه حرّية ومساواة، أو إنتخابات، أو ديموقراطية، أو تعددية سياسية ودينية، أو أحزاب سياسية، أو نقابات مهنية، أو منظمات مجتمع مدني .
الأمراء يبنون القصور الفارهة، ويسكرون ويعربدون داخل السعودية وخارجها، ويصرفون الملايين على موائد القمار، وينهبون ثروات البلاد النفطية، وهيئة كبار العلماء تؤيدهم وتدعوا لهم بالتوفيق في كل مناسبة ومن كل مكان بما في ذالك منابر الحرمين الشريفين ! بينما لا يجرؤ المواطن السعودي الغلبان على التفوّه بكلمة إنتقاد واحدة للدولة ، أما إذا إنتقد أميرا صغيرا فلا يعلم مصيره إلا الله، والمرأة السعوديّة من أكثر نساء العالم تعرّضا للظلم حتى حق قيادة السيارة المباح للنساء في .. أكثرغابات العالم تخلفا محرّم شرعا .. عليها !
ثالثا : قلتم إنّ ” النعم والفضائل ” لا حصر لها لكن الحقائق تقول إن نسبة البطالة في السعودية وصلت إلى 12% ، وإن 25 % من السعوديين يعيشون في فقر مدقع ، واسعار الغذاء والعقار وأجور السكن مرتفعة جدا ، ومعظم المدن السعودية بما فيها جدّة ما زالت بلا نظام مجاري صحية ، وعند سقوط الأمطار تتحوّل الشوارع إلى برك ، والفساد في كل مكان ، واستغلال المسلمين المعتمرين والحجاج ماديا يعرفه الجميع، والدولة غارقة في الديون وتعاني من مشاكل إقتصادية طاحنة أرغمتها على فرض ضرائب باهظة بطرق ملتوية وبأسماء تضليليّة على المواطنين والمقيمين ! فأين هي النعم ؟ وأين ذهبت تريليونات النفط ؟
رابعا : أما عن” الأمن والأمان ” فحدّث ولا حرج ! الصدامات المسلّحة تجري بين قوى الأمن والمعارضين للنظام في معظم المناطق، والأبرياء يقتلون على حدودكم الجنوبية مع اليمن الذي تحرقونه بطائراتكم، والدولة تقطع عددا كبيرا من الرؤوس كل عام معظمها .. رؤوس عرب ومسلمين .. ولم نسمع أن رأسا أمريكيا أو أوروبيا او يابانيا أو صينيا قد قطع ! طبعا هذا دليل على تطبيق العدالة وأن الدولة .. لاتخاف .. ردود فعل الدول التي يعدم مواطنيها ! كذلك فإن البلد تعاني من إنتشار المخدرات بين الشباب، ومن سوق سوداء واسعة للخمور، وجرائم متعددة النوع والخطورة لكنها لا تنشر في الصحف وتظل سرّا .
خامسا : أما قولكم بأن شريعة الله سبحانه وتعالى تطبّق في مملكتكم فإنه ليس إلا كذبة مكشوفة لا يصدّقها مسلم واحد من طنجة إلى جاكرتا . شريعة الله تدعو إلى إقامة العدل والمساواة وإعطاء الناس حقوقها . فهل هذا ما تفعله الدولة السعودية ؟ بالتأكيد لا . الدولة تحافظ على بقاء البلد مقسّما قبليّا ومذهبيّا، وتتّهم كل من يعارضها بتبني الفكر” الظال ” المعادي للإسلام ، وتفرق بين السعوديين السنة والشيعة، وبين السعوديين أنفسهم ، وبينهم وبين العرب الآخرين، وبينهم وبين المسلمين، وتستخدم الدين كأداة سياسيّة لخداع المواطنين والسيطرة عليهم وحماية النظام، وتضطهد العمالة الأجنبية وتسلب حقوقها ! وتموّل الأحزاب والجماعات التكفيرية التخريبية في الكثير من الأقطار العربية وغيرها، وتحارب الفكر الإسلامي التنويري التسامحي . إنها لا تطبق الإسلام الحقيقي ، بل تطبق الإسلام الوهّابي التخلّفي الذي أساء للإسلام والمسلمين ! أليس كذلك ؟
يا حضرة الشيخ الجليل هذه ” جردة حساب بسيطة تظهر صدق ما تقولون ! … الحقيقة أنه لا أحد في العالم يحسدكم …على ما أنتم فيه من ظلم وتعاسة . الشعب السعودي المغلوب على أمره تحكمه دولة ليست إلا إمتدادا لدول القرون الوسطى الدينية الإقطاعية الفاسدة . إنه يعيش في رعب دائم من المخابرات والدولة والأمراء، ومن ” هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التي تدعمونها وتنّظرون لبسط نفوذها الديني، والتي يمكن تسميتها بحق وجدارة ب … ” هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف …” . كل ما ذكرته في خطبتك يا حضرة الشيخ يتعارض مع الحقيقة ! وكما تعلم الكذب حرام وضلال . أي إن كلّ كذبة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ” وكل .. ” ظلالة ” .. كما تقولون في النار ! ” .. يا شيوخ السلاطين في وطننا العربي من محيطه إلى خليجه إتّقوا الله وتوبوا إليه وتوقّفوا عن خداع عباده في السعودية، وفي أوطان العرب المقهورين .. ؟