في حب كرة القدم | الريمونتادا التاريخية.. دروس حياة

آخر تحديث 2017-03-11 00:00:00 - المصدر: موقع goal

ذلك اليوم مزبور في التاريخ... الثامن من مارس هو يوم الريمونتادا، ولتبحث النساء عن يوم آخر..

قصة كقصص الألف ليلة وليلة تلك التي بدأت في مدينة الأنوار والفن باريس، بدأت بعرس للباريسيين وتراجيديا على أبناء شبه الجزيرة الإيبيرية. رباعية غريبة تدك حصون كتلونيا وتجعلهم يعودون منكسرين يذرفون دموع الخروج من دوري أبطال أوروبا، رباعية تعلن الأفراح في فرنسا و"الليلة عيد". ولكن وبعد أيام من الصدمة عاد هؤلاء الكتلان للعب كرة القدم واستفاقوا وتذكروا أنفسهم وتاريخيهم الحديث، وذكروا أن أربعة أهداف ربما سجلوها في شوط واحد في إحدى المباريات السابقة.

وفي ليلة الكامب نو كان ما كان وحدث ما رأيتم ووصف الصورة والموقف يكون أحيانًا ضربًا من الحشو لا طائل منه. فرح من فرح وحزن من حزن، ولكننا شاهدنا شيئًا أشبه بالرواية، والرواية لابد أن تخرج منها بدروس في الحياة غير يسيرة، فتستعير بها عقل غيرك وتجربته لتستفيد منها فتعيش أكثر من حياة في حياتك. في حينها قلت إن لهذه الريمونتادا دروس في الحياة، وكما قال الزميل ومدير الموقع أحمد عطا "كرة القدم هي أفضل مدرس للتنمية البشرية". وقد ذكرت هذه الفكرة بتعبير آخر من دون علمي بكلمته تلك وكأن تخاطرًا حدث بيننا، فعددت عددًا من الدروس شذرات مفرقة أجمعها هنا بعد أن هدأت الأمواج واستوت على الجوديّ...




- الدرس الأول: لا تثق بأحد. ونقصد هنا الثقة المطلقة. نقصد الثقة في أي شيء وأي صفة، في خيرية هذا الأحد، في شرّيّته، في ذكائه، في غبائه... كأين من برشلونيّ وثق في "غباء" لويس إنريكي فكان الملعون المطرود من حضرة الكامب نو وخاصة بعد رباعية باريس. وكأين من باريسي وغيره وثق في دهاء إيميري وذكائه فذهب ذكاؤه هباء جفاء رذاذًا تذروه الرياح.
  - الدرس الثاني: لا تثق في الدنيا. الدنيا غـدّارة والدهـر قُـلّـب والحياة دُوَل. فكأين من رجل بات غنيًا في جيبه 4 أكياس من ذهب، وأصبح وليس في جيبه شيء بل وأصبح مدينًا بستة أكياس وربما ليس في يده سوى كيس واحد، وقد حان وقت الأداء. هذه الدنيا، لا تثق فيها؛ وكمؤمنين نقول إنما الثقة في رب الدنيا إن أحسنت عملاً. وإحسان العمل إتقانه، وإتقان أعمال الدنيا بألاّ تدخر جهدًا في التخطيط والتنفيذ، وإتقان أعمال الآخرة بألاّ ترائيَ فيها.

- الدرس الثالث: إياك والعجز. أنت حينما تقول إن الأمر الفلانيّ مستحيل عليّ تكون قد جعلته فعلاً مستحيلاً. تجعله مستحيلاً حقًا وبعيدًا من الباراسايكولوجي وبعيدًا حتى من الحالة النفسة؛ أنت تجعل ذلك الأمر مستحيلاً حتى عصبيًا وعلى مستوى وظائف الأعضاء، أليافك تتخشب وحتى لو أردت المحاولة ستخفق. أما إن آمنت بأن ذلك الشيء ممكن فأنت تكون قد خطوت أول خطوة باتجاه تحقيقه، ويبقى تحقيقه رهن "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً" فإن أحسنت كان لك أو كان لك ما يعادله. لقد كان أمام البرسا ألف سبب ليقول إن المهمة المستحيلة.


 
- الدرس الرابع: إن وقعت، أسرع بالنهوض. ليس عيبًا أن تقع فالجميع يمكن أن يحدث معهم هذا بل وهذا حادث لا محالة. العيب أن تقعد مع القاعدين، العيب ألاّ تعاود النهوض. ولكن أحد أهم العوامل في القدرة على النهوض هو سرعة الاستجابة، فإن لم تنهض بسرعة استكنت للفشل. الصدمة استمرت مع البرسا في مباراة ليجانيس غير أنهم عادوا بسرعة وقدموا مباراة كبيرة أمام أتلتيكو مدريد وفازوا في الكالديرون! وقد كانت مباراة صعبة في وقت حرج وربما كانت هي المباراة الفيصل في كل هذه القصة. ثم بعد أن استفاقوا فازوا على خيخون بسداسية فسيلتا بخماسية. 

- الدرس الخامس: لا تلق بسمعك للمثبطين. لا تلتفت، الملتفت لا يصل. أنت إن كنت مقتنعًا بقدرتك على تحقيق هدف ما، إذن لماذا تريد أن تقنع شخصًا آخر بأن هذا ممكن؟ هل أنت بحاجة لهذه التعزية منه؟ إن أراد أن يراه هو مستحيلاً فليرَه، إذ عليك أن تمتلك التحفيز الذاتي من داخلك لا من الخارج. هكذا قالها سواريز الذي طلب إلى الجماهير الهدوء والثقة بفريقه ويالله كم خرجت أصوات تثبط البرسا بل وترقص على إخفاقه مسبقًا.

الدرس السادس: لا تعطِ أحكامًا قطعية. اليويفا وعن طريق الإحصاءات (أيًا كانت الوسيلة) أعطى البرسا نسبة %0 كاحتمال لتأهله أمام باريس سان جيرمان. في النهاية البرسا تأهل وباريس خرج. لا تعطِ أحكامًا هكذا أبدًا. هذه الأحكام لم تعد موجودة حتى في العلوم الصلبة، في الفيزياء الحديثة لا وجود لهذه الأحكام، بل هناك ما يسمى بمبدأ عدم التعيين. فإن كان هذا حال العلوم الصلبة فما بالك بعالم الإنسان الذي هو عالم من الحرية؟ لا تقل إن فلانًا شرير ولا خير فيه (وما مثال عمر بن الخطاب منا ببعيد). ولا تقل إن فلانًا خيّـر محض (كأيّن من شخص طعننا في ظهرنا وما خطر هذا ببالنا). وفي الأثر: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون عدوك يومًا ما، وابغض عدوك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما.


 

الدرس السابع: لا تكن جبانًا. وأقولها بصراحة، لا تكن جبانًا مثل أوناي إيميري. لقد كان جبانًا جدًا بأن لعب طوال المباراة وخاصة الشوط الأول في نصف ملعبه! كن شجاعًا وانطلق من أجل هدفك. لك الحق في التحفظ إن كان الأمر يستدعي هذا ولكن ليس لك الحق في أن تكون جبانًا. ما الفرق؟ يجب أن تحسن التقدير، وهذا جزء من "أحسن عملاً"، وهناك آليات تستعملها حسب المعطيات أمامك (ماذا ستكسب لو فعلت، ماذا ستخسر إن لم تفعل، الاحتمالات...).

الدرس الثامن: يجب أن يكون لك شغف ما في حياتك. نحن متابعي كرة القدم نعيش لحظات لا تنسى، وكأننا نرثي لمن لا يعيشها ولمن ليس لديه شيء يعشقه وينتظره كل أسبوع. وحتى في علم الإبداع، تعدد الهوايات هو أحد أهم سمات الأشخاص المبدعين.

الدرس التاسع: التعاون. لابد من العمل كفريق والتعاون. صحيح أن نيمار كان رجل المباراة لأنه تدخل في الوقت الحرج وخاصة بتلك الركلة الحرة الرائعة، غير أن البرسا عمل في كل أوقات المباراة كفريق واحد، وحتى نيمار كان متعاونًا مع زملائه جميعًا على الرغم من مهارته وفتحه الجهة اليسرى، ونجم الفريق ميسي قام بدور ليس فيه الكثير من الأضواء بجلب اهتمام ومراقبة لاعبي باريس سان جيرمان. كما أن الجماهير كانت متعاونة مع اللاعبين وخاصة مع أندريه جوميز الذي لطالما صفروا عند دخوله الملعب، ولكن هذه المرة صفقوا وشجعوا، فأمام التحديات لا مكان للخلافات بل هو موقف تعاون.

الدرس العاشر: ذلك اليوم مزبور في التاريخ... الثامن من مارس هو يوم الريمونتادا، ولتبحث النساء عن يوم آخر..

 

تابع زكرياء عالم