أحمد المصري، مراسلون/ الأناضول
استنكر خبراء وسياسيون وبرلمانيون وحقوقيون وأكاديميون ومثقفون ومغردون عرب من مختلف التوجهات (إخوان وسلفيون وليبراليون ومستقلون) ، من المحيط الأطلسي (غربا) إلى الخليج العربي ( شرقا)، الفضيحة الدبلوماسية الهولندية بحق وزيرين تركيين.
وأدان الجميع، منع السلطات الهولندية زيارة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، للبلاد، ورفضها دخول وزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية، فاطمة بتول صيان قايا، قنصلية بلاده بمدينة روتردام، بهدف لقاء عدد من أفراد الجالية والممثلين الدبلوماسيين، أول أمس.
واعتبروا في تصريحات متفرقة "للأناضول" وفي تغريدات عبر حساباتهم بموقع "تويتر" أن هذه التصرفات " عدوان دبلوماسي"، و"غير حضارية"، وتكشف تكشف زيف الادعاءات الغربية بالديمقراطية، وتمثل "تدخلا سافرا" في الشأن التركي، و"خرق للعلاقات الدولية والديمقراطية"، ضمن "توجه أوروبي مناهض لتركيا".
**مصر.. إدانات من مختلف التوجهات
السفير المتقاعد، إبراهيم يسري، عضو لجنة المفاوضات المصرية لاستعادة طابا من إسرائيل، اعتبر الموقف الهولندي إزاء المسؤولين التركيين بأنه "موقف لا دبلوماسي وتصعيد خطير".
التصرفات الهولندية بحق الوزيرين التركيين أدانها أيضا بشدة قطب العربي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، والأمين العام المساعد السابق بالمجلس الأعلى للصحافة المصري.
واعتبر العربي أن هذه الخطوات الهولندية تأتي "ضمن توجه أوروبي مناهض لتركيا بهدف منعها من تحقيق استقرار سياسي واقتصادي عبر تعديلات دستورية تمكنها من تحقيق المزيد من النهوض والتقدم".
أيضا اعتبر المتحدث باسم جماعة الإخوان، طلعت فهمي، أن الإجراءات الهولندية تمثل "وصاية مرفوضة، وعبث بمصير الشعب التركي، وتراجع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان".
بدوره، قال محمد سودان، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين المتواجد في لندن، إن "ما فعلته هولندا ضد الأتراك إجراء غير مقبول.. هذه إجراءات أوروبية غير متماشية مع العلاقات الدولية والديمقراطية".
كما اعتبر مصطفي البدري، عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية (إسلامي/ معارض)، أن المواقف الهولندية الأخيرة بحق تركيا "تبين حقيقة الديمقراطية عند الغرب".
ومعلقا على الإجراءات الهولندية، قال إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة (سلفي/ معارض)، إن "الموقف الأوروبي يعبر بقوة عن انهيار في المنظومة الأخلاقية، التي قامت عليها قيم القارة العجوز(..) نحن أمام سقوط أوروبي ذريع، وانكشاف لسوأتهم أمام تعمد تركى فضح هذا التدني الأوروبي في الأداء الدبلوماسي".
واعتبر خالد الشريف، المستشار الإعلامي للجماعة الإسلامية، أن "ما حدث في هولندا تدخل سافر في الشأن التركي وعدم احترام لإرادة الجماهير التركية، فضلا عنه أنه ينم عن كراهية دفينة لدى الغرب لا تؤمن بالتعايش ولا التسامح ولا تحترم الأعراف الدولية".
من جهته، أعلن السياسي المصري البارز أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة (ليبرالي)، تضامنه الكامل مع تركيا إزاء الفضيحة الدبلوماسية الهولندية، ضد الوزراء الأتراك.
وقال "نور" إن التصرف الهولندي "غير مقبول ويشي بقدر من التطرف الفكري والسياسي الذي أصبح الآن يجتاح الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وبشكل يكشف عن كراهية حقيقية للمسلمين بشكل عام والعرب بشكل خاص".
**السودان.. دعوة للاعتذار وبموقف دولي حاسم
وفي السودان، قال رئيس هيئة علماء السودان، محمد عثمان صالح، إن ما قامت به هولندا تجاه تركيا "خطوة عدائية ليس لها ما يبررها".
بدوره، دعا رئيس "حزب الوسط" الإسلامي السوداني، يوسف الكودة، هولندا إلى "الاعتذار".
وشدد الكودة، على أن "ما جرى في هولندا من مضايقات لوزراء أتراك يتبعون دولة عظمى مثل تركيا، مخالف لكل ما تنادي به أوروبا من مفاهيم حقوق الإنسان والديمقراطية".
أيضا، اعتبر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض كمال عمر، إن سلوك الحكومة الهولندية كشف للعالم "العداء المبطن ضد الحكومة التركية التي أصبحت نموذجا للديمقراطيات المسلمة".
**فلسطين.. تنديد من الضفة والقطاع
قال المفكر الفلسطيني أحمد يوسف، مدير مركز "بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات" إن "تصرف هولندا غير حضاري لا يليق بدولة من الاتحاد الأوروبي".
بدوره، قال مصطفى الصواف المحلل السياسي، أن "هذا السلوك بيّن الوجه القبيح لهولندا، الذي كان من المفترض عليها أن تتعامل بما يتوافق مع القيم التي تنادي بها".
وفي السياق نفسه، اعتبر إبراهيم المدهون، رئيس مركز أبحاث المستقبل (غير حكومي)، أن "سلوك هولندا تجاه تركيا، بمثابة عدوان دبلوماسي".
واعتبر إن "ما حصل ناجم عن قلق من نمو تركيا المتصاعد، والذي يعبر عن حالة خوف لدى دول أوروبية، من بسط تركيا نفوذها الاقتصادية والسياسية في المنطقة".
من جانبه قال سليمان بشارات، الباحث في مركز الدراسات المعاصرة (خاص)، إنه "لا يمكن فصل التصرف الذي قامت به هولندا عن النظرة الأوروبية تجاه رفض التبعية الذي تحاول تركيا تعزيزه في مؤسساتها، سيما أن التعديلات الدستورية متوقع أن تعزز الاستقلالية لتركيا كدولة مؤثرة ولها دور في المنطقة".
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، أن "ما حصل من جانب هولندا مؤشر على رغبة أوروبية بالتصعيد مع تركيا".
**دول المغرب العربي.. استنكار واسع
قال عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي، خالد الرحموني، إن ما حدث "سلوك عدواني وغير ديمقراطي وغير متحضر".
من جهته اعتبر الحقوقي حسن الحسني العلوي، أنه "لا يمكن إلا اعتبار هذا المنع تدخلا سافرا يخل بكل الأعراف الدبلوماسية، وتصرف مرفوض يخلق مناخ التوتر، ويخل بشروط التعايش والرعاية لحقوق جالية ساهمت بالكثير من أجل هولندا".
بدوره قال أستاذ الإعلام بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس (حكومية)، محمد الركراكي "أعتقد أن الإجراء الهولندي يعد تصعيدا خطيرا في العلاقات مع أنقرة، وهو تطور يأتي في سياق التدهور الذي تعرفه علاقات أنقرة مع بلدان الاتحاد الأوروبي مند فشل المحاولة الانقلابية ضد الرئيس أردوغان."
وفي الجزائر، قال النائب محمد الهادي عثمانية، رئيس اللجنة البرلمانية للصداقة الجزائرية التركية، إن الفضيحة الدبلوماسية الهولندية بحق الوزراء الأتراك "تكشف أن الغرب لا يريد انتشار الديمقراطية في المجتمعات المسلمة".
وفي تونس، قال عدنان منصر، الأمين العام لـ"حراك تونس الإرادة" (يمتلك 4 نواب في البرلمان)، إن منع طائرة وزيرة خارجية تركيا من الهبوط "قرار استفزازي وعدواني مبالغ فيه".
وشدد رئيس كتلة حركة النهضة البرلمانية، نور الدين البحيري (69 مقعدا برلمانيا)، على أن "العلاقات الدولية تحكمها قوانين واتفاقيات وأعراف تقتضي الاحترام المتبادل.. وسلوك هولندا يمس بتلك الأعراف".
فيما اعتبر أمين عام التيار الديمقراطي، غازي الشواشي (3 مقاعد برلمانية) أن "تصرف هولندا تجاه المسؤولين الأتراك يدل على أن أطرافا متطرفة تصل إلى الحكم في هولندا ودول أوروبية (لم يسمها)، وصعود أحزاب يمينية متطرفة من المنتظر أن تكون لها تصرفات متطرفة تجاه دول أخرى".
وشدد رئيس مركز "دراسة الإسلام والديمقراطية" في تونس (غير حكومي)، رضوان المصمودي، على أنه "على الغرب أن يعامل تركيا باحترام، فهي دولة كبيرة لها تاريخ عريق واقتصاد وحضارة كبيرة".
وفي موريتانيا، قال زعيم هيئة تضم أحزاب المعارضة الموريتانية، إن الفضيحة الدبلوماسية الهولندية أظهرت الوجه القبيح لأوروبا وكشفت "زيف" الديمقراطية الغربية.
وأضاف الحسن ولد محمد، زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، في تصريح للأناضول: "نعبر عن التضامن مع تركيا في وجه الهجمة الغربية الحاقدة عليها".
في السياق ذاته قال الأكاديمي والباحث الموريتاني، محمد مختار الشنقيطي "قدر تركيا أن تكون رأسا في العالم الإسلامي، لا ذنبا في العالم المسيحي".
**دول الخليج.. انتفاضة على تويتر
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي، علق في تغريدة له بحسابه في تويتر، على فيديو منع الشرطة لوزيرة الأسرة التركية من الوصول لقنصلية بلادها في روتردام، معتبرًا إياه "مهينًا للشرطة".
من جهته، قال أحمد بن راشد بن سعيد، أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود في الرياض "التعديلات الدستورية التي سيصوت عليها الشعب التركي الشهر المقبل ستجعل تركيا أكثر قوة واستقراراً، وهذا الذي أخاف أوروبا من ألمانيا إلى هولندا!".
بدوره أعرب الإعلامي القطري جابر الحرمي، رئيس تحرير جريدة "الشرق" القطرية سابقا، عن استنكارة لمنع الوزيرة التركية ، قائلا في تغريدة له: "هولندا تحتجز وزيرة الأسرة التركية عند دخولها أراضيها لشرح التعديلات الدستورية للأتراك المقيمين .. لماذا أوروبا خائفة من التغيير في تركيا؟!".
من جهته قال الشاعر الكويتي أحمد الكندري: "ألمانيا ومن بعدها هولندا وستتبعها كل أوروبا يحاربون تركيا الجديدة بوقاحة.. لأنها سارت بديمقراطية وباقتصاد وأنها ليست تبعا لهم".
**اليمن
اعتبر الكاتب والباحث في الشؤون السياسية نبيل البكيري، أن الموقف الهولندي "مؤشر حقيقي على الموقف الأوروبي عموما من مشروع التعديلات الدستورية التركية غير المرغوب فيها أوروبياً".
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي، إن "الموقف الهولندي هو جزء من موقف أوروبي منسق، يستهدف تركيا الدولة والموقف، ويحاول بكل الوسائل إيقاف مسيرة أنقرة الديمقراطية والقوية، وينزعج كثيرا من التصاق تركيا بهويتها".
الكاتب والناشط السياسي اليمني، عبد الغني الماوري، اعتبر أن العنصرية الأوروبية تجاه تركيا والشرق بشكل عام، لها جذورها ومظاهرها التاريخية التي تجلّت، مؤخرا، في الموقف الهولندي تجاه الوفد الدبلوماسي التركي.
**العراق.. كشف زيف ادعاءات الغرب
ومن العراق، انتقد نائب الرئيس العراقي الأسبق، طارق الهاشمي، وخبير سياسي، اليوم الأحد، "الفضيحة" الهولندية ضد الدبلوماسية التركية،
وقال الهاشمي، في تغريدة عبر حسابه في "تويتر" إن "مساعي الحكومة التركية في الترويج للتغييرات الدستورية ديمقراطي ولا يمكن أن نفسر حملات التضييق التي مارستها بعض دول أوروبا إلا سلوك نظم شمولية".
من جانبه، قال الخبير والمحلل العراقي، إياد الدليمي، إن هذه "خطوة تفضح زيف الادعاءات الغربية بالديمقراطية واحترام إرادة الشعوب".
ووجه الدليمي رسالة للدول الأوروبية قائلا إنه "ما ينبغي عليهم فهمه هو أن القطار التركي انطلق نحو التجديد والنهضة ولم تعد تركيا كما كانت سابقا تسعى للحاق بمحطات أوروبا، فهي اليوم من أقوى الاقتصاديات في العالم وأسرعها نموا وبالتالي فان تصرفات كهذه باتت متأخرة".
كما انتقدت نائبتان في البرلمان العراقي، هولندا، وقالت القيادية في اتحاد القوى العراقية (أكبر ائتلاف للسنة في البرلمان) أزهار الشيخلي، "ليس من اللائق أن تمنع هولندا وزير الخارجية التركي من لقاء الجالية التركية في هذا البلد".
من جهتها، طالبت النائبة عن اتحاد القوى العراقية نورة البجاري من الحكومة التركية "التعامل بالمثل" مع المسؤولين الهولنديين في تركيا.
**لبنان وسوريا
قال المحامي اللبناني نبيل الحلبي، مدير مؤسسة "لايف" (معنية بالتنميّة الديمقراطية ونشر ثقافة حقوق الإنسان)، إن "اليمين المتطرف في أوروبا منزعج من نهضة تركيا الاقتصادية والسياسية والتطور الديمقراطي الذي شهدته البلاد، في عهد حزب العدالة والتنمية الحاكم".
وفي تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" قال الإعلامي السوري في قناة الجزيرة القطرية "فيصل القاسم"، "لاحظوا الضغط الغربي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي صنع من تركيا بلداً عظيماً، ولاحظوا التغاضي الغربي عن بشار الأسد الذي دمر سوريا وجعلها دولة فاشلة".
من جهته قال الإعلامي السوري عمر مدنيه: "هولندا بقت آمنة 30 عاما من تهديدات إسبانيا بسبب ارتداء جنودهم لزي الجيش العثماني".
وأردف: "أوروبا منزعجة من (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان لأنه أنهض تركيا، ومسرورة من بشار الأسد لأنة دمر سوريا".
** دعما لتركيا.. حملات عربية على مواقع التواصل
كما أطلق عدد من الناشطين العرب على شبكة الإنترنت هاشتاج "عربي متضامن مع تركيا" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"؛ دعماً لتركيا ضد التصرفات الهولندية الأخيرة.
وشهد "الهاشتاج" تفاعلا كبيراً، حيث شارك الآلاف بكتاباتهم على "تويتر" الداعمة لتركيا وموقفها، خاصة من دول الخليج العربي.
يشار إلى أن تصرفات هولندا تجاه المسؤولين التركيين، والتي تنتهك الأعراف الدبلوماسية وُصفت بـ"الفضيحة"، ولاقت إدانات من تركيا التي طلبت من سفير هولندا، الذي يقضي إجازة خارج البلاد، أن لا يعود إلى مهامه لبعض الوقت، فضلاً عن موجة استنكارات واسعة من قبل سياسيين ومفكرين ومثقفين ومسؤولين من دول عربية وإسلامية.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام من توتر مماثل اندلع بين تركيا وعدد من الدول الأوروبية بينها ألمانيا، على خلفية منعهم وزراء أتراك من المشاركة في فعاليات على أراضيها للحديث إلى الجاليات التركية عن التعديلات الدستورية التي سيجري بحقها الاستفتاء الشعبي.