أحمد تاشكاتيران –صحيفة ستار- ترجمة وتحرير ترك برس
نعم نحن على الطاولة مرة جديدة، ونناقش مع روسيا وأمريكا الوضع السوري، ولكن الوضع معقّد للغاية.
في المقام الأول ما يعقّد الأمر هو كون وحدات الحماية الشعبية وحزب الاتحاد الديمقراطي اللذين تراهما تركيا كمصدر تهديد، تحت حماية كل من روسيا وأمريكا.
وكان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية المؤقت "مارك تونر" قد صرّح مؤخرا بأنّ بي كي كي هو تنظيم إرهابي بالنسبة إلى أمريكا، وثم أضاف كمن يضحك من تحت الشارب، ويومئ ساخرا: لكننا نحترم معارضين ادّعاءات تركيا التي تزعم بأن هناك ارتباطا بين تنظيم بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي.
وخلال هذه الفترة يبدو وكأنّه تم عرض مستقبل جديد لنظام الأسد، وكأنّ نظام الأسد بالنسبة إلينا قد اتخذ دورا يمكن وصفه بأنه أهون شرا من حزب الاتحاد الديمقراطي.
يبدو وكأن الطرف الوحيد الذي بقي في الميدان هو تنظيم داعش.
مازلنا في سوريا، عملية درع الفرات وصلت حتى مدينة الباب وتوقفت، وما بعد "الباب" خلق مشكلة بالنسبة إلى روسيا وأمريكا، على سبيل المثال مدينة "منبج".
إنّ أمريكا تنظر إلى وجود تركيا في سوريا على أنّها مشكلة ومصدر قلق ولذلك لا ترد بإيجابية على طلب تركيا منها الدعم والتعاون المشترك فيما يخص تطهير مدينة الرقة من داعش، إنما على العكس تفضل التعامل مع مصدر الخطر بالنسبة إلى تركيا ألا وهو حزب الاتحاد الديمقراطي.
وفيما يلي الرؤية الأخيرة لأمريكا حول حزب الاتحاد الديمقراطي كما ورد على لسان المتحدث "مارك تونر الذي قال:":
1- "ندعم حزب الاتحاد الديمقراطي في إطار قوات سوريا الديمقراطية المتواجدة في شمال سوريا، وكما بيّنا سابقا فإنّ لهم دورا كبيرا في مكافحة داعش وتطهير المنطقة من عناصرها، إذ إلى الآن عملوا على تطهير ما يقارب أكثر من 100 قرية بالجوار من مدينة الرقة من عناصر تنظيم داعش.
إنهم يطرحون أمامنا بين الوقت والآخر عبارات من مثل: "هذه أراض سورية، ومازال الأسد هو على رأس النظام في سوريا، وكل طرف لا تتم دعوته من قبل سوريا لا تكتسب مشروعية".
إنّ القوات الأمريكية وقوات التحالف كلها تبرر تواجدها في سوريا بحجّة مكافحة داعش.
يبدو أنّ مكافحة داعش جعلت حقيقة إيواء تركيا لملايين اللاجئين السوريين الذين فرّوا من قصف النظام السوري وروسيا موضوعا ثانويا.
إنّ حزب الاتحاد الديمقراطي امتداد تنظيم بي كي كي في سوريا، والذي يتمركز بالقرب من تركيا، لا يسبب مصدر إزعاج سوى لتركيا.
روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وحتى نظام الأسد يرون أنّ تواجد حزب الاتحاد الديمقراطي أمر ضروري ولا بد منه.
عندما تكون الحجّة مكافحة تنظيم داعش فكل شيء يكتسب شرعية، بما في ذلك التنظيم الإرهابي بدوره يكتسب شرعية. وللأسف تصريح تركيا وقولها: لا يمكن ضرب تنظيم إرهابي بتنظيم إرهابي آخر لم يلقَ صدى في الساحة السورية.
ما الذي سيحل بالمناطق التي تمت السيطرة عليها في إطار عملية درع الفرات خلال المستقبل البعيد سواء أكان للأسد مكانا في سوريا أم لم يكن؟ ما الذي سيحدث للجيش السوري الحر؟ هل سنتمكن من البقاء هناك؟ هذه جملة من الأسئلة....
إن المنطقة التي نسميها بغرب الفرات، والتي نعلنها على أنّها الخط الأحمر، كانت تهدف للحيلولة دون تمكن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية من إنشاء ممر يبدأ من الشمال السوري ويصل إلى البحر، نعم كان هذا تقييما مهما للغاية.
ولم يتم تجاهل السؤال التالي في تلك المرحلة: "ماذا عن شرق الفرات؟ ذلك لأنّ حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية كانوا يسيطرون على منطقة واسعة من شرق الفرات، ولم يتم الحديث حينها بأنّ المنطقة تشكل خطرا على تركيا.
من الواضح أنّه سيكون لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية حضور في سوريا، ومن هنا هل سيكون بإمكان تركيا التي لم تتمكن من الحيلولة دون وجود تنظيم بي كي كي في العراق، أن تحول دون ذلك في سوريا؟ يبدو أنّ الأمر صعب.
هناك مجموعات كردية ضد حزب الاتحاد الديمقراطي، كما برزاني في العراق، برزاني بدوره لديه مشاكل مع بي كي كي، ولكنّه هو بنفسه لم يتمكن من القضاء على بي كي كي، أو لم يشأ، وقد لا تكون لديه سياسة ترغب بالقضاء على بي كي كي نهائيا لطالما أنّ التنظيم لا يشكل تهديدا مباشرا له.
إن كان هناك تهديد مباشر، فهل تكفي قوته للقضاء على التنظيم؟ فتلك مسألة أخرى.
كيف سيكون النظام المستقبلي في سوريا؟ وما هو مستقبل المواطنين السوريين الذين لجؤوا إلينا؟ ما هو شكل العالم الإسلامي الذي دُفعنا إلى مشاهدته في سوريا من قبل روسيا وأمريكا؟
كم غريبة هي السياسية الواقعية!!!
فلا شيء سوى القوة ...القوة....القوة