من "حمص" إلى "حميدية الشام" وربوتها، رسائل الإرهاب.. فهل يعرقل التوحش السياسة والميدان؟

آخر تحديث 2017-03-15 00:00:00 - المصدر: قناة الميادين

مكافحة الإرهاب على الأرض السورية هي الأرضية الوحيدة التي لابد أن ينطلق منها الجميع سواء عن سابق رغبة أو بغيرها، وليثبت بالضرورة أن التفجيرات الإرهابية من حمص إلى دمشق لن تحقق من أهدافها، سوى أن تكون رسائل حقد يشهد عليها العصر.

تفجيرات قصر العدل والربوة في دمشق تتزامن مع جولة جديدة من اجتماعات أستانة

من التفجيرات المتزامنة التي استهدفت فرعي الأمن العسكري وأمن الدولة في مدينة حمص مع بداية انعقاد جنيف الرابع، وتبنتها حركة تحرير الشام ونواتها النصرة، إلى التفجيرين في القصر العدلي بالحميدية وسط العاصمة السورية دمشق ومقصف المنتزه في الربوة.. رسائل إرهابية تتكرر، مفادها: مع كل أستانة وجنيف تفجير وأكثر، فهل يعرقل؟
قد يحقق التوحش مبتغاه بحصد أرواح لا يهتم إن كانت عسكرية، أو حتى مدنية، ذهبت لتنشد العدل في قصر العدل، فلاقت الحقد يتربص لها بالمرصاد، وينثر أجسادها أشلاءً. لكن، ماذا يحقق على المستويين السياسي والعسكري؟بوضوح قالها رئيس الوفد الروسي إلى أستانة ألكسندر لافرنتيف "إن غياب وفد الفصائل المسلحة لايقلل من شأن المباحثات". وبوضوح أيضاً، اتهم رئيس الوفد السوري الحكومي بشار الجعفري تركيا، وحمّلها مسؤولية عدم حضور وفد الفصائل المسلحة؛ اتهام قد يثبته من باب المنطق إلغاء وفد المعارضة المسلحة سفره إلى أستانة بعد امتناع محمد علوش من المشاركة، رغم اعتزامه قبلاً بأنه سيرسل فريقاً تقنياً مصغراً بحسب وكالة الأناضول، بل وأن تركيا أقالت المدعو أسامة أبو زيد، الناطق باسم الفصائل العسكرية وأبعدته إلى الداخل السوري، ومنعته من دخول أراضيها، فأبو زيد لم يعتذر أو يقدم استقالته من جراء نفسه، بحسب معلومات خاصة أوردها موقع الميادين.بالفعل اختتمت جولة أستانة الثالثة في العاصمة الكازاخية بالاتفاق على تشكيل لجنة ثلاثية تضم كلاً من روسيا وتركيا وإيران لمراقبة الهدنة، غير متأثرة بعدم وجود هذه الفصائل (خصوصاً عندما يوجد ضامنها التركي وأحد مشغليها، أقلًه كما تعتبر دمشق التي تدأب على القول إن هذه المجموعات لا تمتلك قرارها أبداً).شدّ الرحال إلى أستانة كان قد ترافق مع معالم عسكرية ارتسمت ملامحها في الشمال السوري، فإلى الرقة تشخص الأنظار، وهنا يكثر الحديث عن الأدوار.تورد صحيفة "إيزفيستيا" الروسية معلومات تقول "إن الاختيار وقع على قوات الصاعقة البرية الأميركية "رينجرز" للمشاركة في المعركة المرتقبة في الرقة، وإن فوج المغاوير الـ75 درب على قتال حرب الشوارع؛ للتعاون مع القوات الكردية ومشاة البحرية الأميركية في الرقة، مضيفةً أن هناك قوات إضافيةً احتياطية ترابط حالياً في الكويت، وستنقل إلى ساحات القتال فوراً إذا تطلب الأمر ذلك.وبالرغم من أن الصحيفة تضيف معلومات أخرى تتحدث عن مراحل العملية الأميريكية الذي ستعتمد فيها قوات "رينجرز" تكتيكاً اعتمد في أفغانستان بين عامي 2006 - 2008، قام على أساس إنزال عناصرها إلى عمق المناطق التي تقع تحت سيطرة "طالبان"، وإنشاء مواقع في أماكن تحفز طالبان على مهاجمتهم. تختتم الصحيفة معلوماتها بتوقعات مدير مركز تحليل الظرفية الاستراتيجية، إيفان كونوفالوف، الذي يعتقد بفشل المعركة في شكلها المعلن، موضحاً أن سيناريو الموصل فشل. يقودنا هذا الكلام في نتائجه من جديد إلى فكرة ربع الساعة الأخيرة من وجود داعش في الرقة كتنظيم متماسك تعمل أطراف على الإفادة من انخراطها في محاربته هناك لتظهير نفسها قوة محاربة للإرهاب.في هذا الإطار لايجب أن يغيب عن البال أن الرقة هي آخر المعارك الكبرى على الجغرافية السورية، وعليه فإن أهمية المعركة لا تقتصر على جوانب جغرافية أو اقتصادية. بقدر ما هي سياسية على اعتبار الرقعة المقصودة المعقل الرئيسي لداعش أولاً، وثانياً وهو الأهم، أن جميع ما ستفضي إليه المعركة سيشكل الورقة الأقوى في أي جولة مفاوضات مقبلة، ومن هذا المنطلق يسعى كل طرف إلى حجز مكان له في المعركة لتقوية موقفه، بحيث لا يمكن تجاوز مطالبه فيما بعد على مستديرة الحلول والتسويات.إذاً يسعى الجميع إلى اقتسام النفوذ المستقبلي من حلو كعك معركة الرقة، وبما أن حلفاء أميركا التقليديين يعانون من حالة انعدام وزن، ولأن تبايناً تركياً أميريكاً واضحاً على خلفية الموقف التركي من الكرد يمنع تركيا من أن تكون مؤهلةً للعب الدور المنوط بها أميريكاً. لا بد من حضور أميركي مباشر يعدل الوضع ويستخدم الكرد بوابةً مستقبلية لحضوره الجغرافي والسياسي، ويضمن للكرد مساحة سيطرة جغرافية أكبر تسمح لها بمبادلتها لاحقاً بحكم ذاتي.تقول معلومات خاصة "إن الولايات المتحدة ستسمح بفتح مكتب للفيدرالية الكردية في بلادها ما قد يكون مقدمة اعتراف علني رسمي بالفيدرالية سعت إليها أطراف وقوى كردية معينة".في المقابل تلوح روسيا التي اتخذت قاعدة عسكرية لها في المنطقة بيد التنسيق من جهة للأميركي، الذي أشار في وقت سابق إلى تنسيق معها في منبج، بينما تحمل في يدها الأخرى لافتة تحذير له من تجاوز خطوط حمراء وتعدي إطار التفاهمات بينهما.أما تركيا المأزومة بعلاقاتها التي تزداد توتراً مع بعض دول الاتحاد الأوروبي، لا تزال تنطلق من قاعدة أنها قوة إقليمية، تفرضها حدودها الجغرافية بالدرجة الأولى كلاعب، لا يمكن استثناؤه من أي تسوية أو تنسيق عسكري مستقبلي، قد يخولها غطاء محاربة داعش فيه من تحقيق بعض أطماعها التي لم تعد خافيةً على أحد.وفي ازدحام الأجندات، وبينما تتحضر الولايات المتحدة لاستنهاض "التحالف الدولي" لمحاربة الإرهاب خلال لقاء أواخر الشهر الجاري، يعزز الجيش السوري وحلفاؤه من انتشاره في شرق المدينة، والعمل على السيطرة على أكبر مساحة جغرافية ممكنة، و(تأمين سد الفرات وسد تشرين لإعادة التغذية الكهربائية، واستعادة القدرة على التحكم بتوزيع المياه، وإعادة رفع الانتاج الزراعي)..ليثبت بالضرورة من كل ماسبق ذكره، أن مكافحة الإرهاب هي الأرضية الوحيدة التي لابد أن ينطلق منها الجميع سواء عن سابق رغبة أو بغيرها، وليثبت بالضرورة أيضاً أن التفجيرات الإرهابية لن تحقق من أهدافها، سوى أن تكون رسائل حقد يشهد عليها العصر.



المصدر: الميادين نت

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً