ويلات الحرب تطارد أطفال سورية في لبنان

آخر تحديث 2017-03-17 00:00:00 - المصدر: راي اليوم

بيروت (د ب أ) – قبل أربع سنوات، فرت الفتاة “خولة” من سورية، التي مزقتها الحرب، مع عائلتها إلى لبنان المجاورة أملا في حياة أفضل. وكانت تبلغ من العمر وقتها تسع سنوات.

ودفعت المصاعب التي مرت بها الأسرة منذ ذلك الحين خولة إلى محاولة الانتحار، ولم تكن محاولة واحدة فقط بل اثنتان في العامين الماضيين.

وتقول خولة 13/عاما حاليا/ لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في مقابلة عبر الهاتف من شمال لبنان حيث تعيش مع والدتها وخمسة أشقاء وشقيقة واحدة “لقد تناولت السم مرتين … نعم فعلت، لأنني كنت أعاني من ضيق شديد وشعور باليأس. كنا نتضور جوعا. لم يكن هناك طعام، ولا ملابس جديدة، ولا مدرسة”.

وتابعت “كنت أعرف أنني أفعل شيئاً خاطئاً، وأن عائلتي ستشعر بالحزن لو مت. لكنني كنت أشعر بحزن عميق، واعتقدت أنه سيتوقف عندما أنهي حياتي”.

ولا تعرف خولة، المولودة في إدلب بشمال غرب سورية، مصير والدها، الذي اختفى في بداية الصراع السوري الذي اندلع في آذار/مارس .2011

وأضافت “أشعر أنني تركت جزءا كبيرا مني في سورية، عندما جئت إلى لبنان قبل أربع سنوات”.

وعاشت خولة بعد وصولها إلى لبنان، مع عائلتها في ظروف بائسة في خيمة على مدى ثلاث سنوات. وفي وقت لاحق، تمكنت الأسرة من الانتقال إلى منزل متواضع من غرفة واحدة في شمال لبنان.

وتقول سناء ، والدة خولة، إنها تركت سورية معتقدة أنها كانت تقوم بإنقاذ أطفالها السبعة من “حكم وشيك بالإعدام”.

وتضيف سناء “لم أكن أتصور أن حياتنا هنا ستكون بهذه الدرجة من الصعوبة التي تدفع ابنتي إلى محاولة الانتحار”. وطلبت عدم نشر الاسم بالكامل من أجل حماية أطفالها.

وتقول خولة “على الرغم من أننا لم نكن أغنياء في سورية، كان لدينا منزل بسقف وعدد من الأسرة، والأهم من ذلك، مدرسة نذهب إليها .. أحببت مدرستي. أحببت التعلم. حلمت أن أصبح طبيبة في يوم ما”.

وتابعت خولة بصوت يرتجف “شعرت بأن كل أحلامي تبددت عندما تركت بلدي”.

وحذرت منظمة ” سيف ذا تشيلدرن” (انقذوا الأطفال)، وهي منظمة إغاثة، الأسبوع الماضي من أن الصراع السوري المستمر منذ ست سنوات يضر بالصحة العقلية للأطفال في سورية.

وقالت المنظمة إن التعرض لفترات طويلة من الحرب، والإجهاد وعدم اليقين، يعني أن العديد من الأطفال يعانون من مستويات ضارة جدا من التوتر والضغوط النفسية التي تؤثر بمرور الوقت على النمو العقلى وتزيد من خطورة التعرض للامراض العضوية مثل القلب والسكر ومشاكل فى جهاز المناعة.

وسعت خولة مؤخرا للحصول على المساعدة من جمعية “بيوند اسوسييشن”، وهي منظمة لبنانية غير حكومية ومقرها مدينة طرابلس بشمال لبنان، التي تركز على علاج ومساعدة الأطفال السوريين المصابين بصدمات نفسية.

وتقول ماريا عاصي، رئيسة الجمعية، لـ(د.ب.أ) إن “خولة مثل العديد من اللاجئين السوريين، الذين يأتون إلى مركزنا مصابين بحالات شديدة من الصدمة”.

وتتابع عاصي “البعض منهم، مثل خولة، حاولوا الانتحار. والبعض الآخر توقف عن الكلام أو حتى عن تناول الطعام نتيجة للضغوط النفسية التي يمرون بها”.

وتوضح عاصي أنه في الوقت الذي يعاني فيه الأطفال السوريون اللاجئون، من حالة عدم اليقين حول المستقبل من جهة، فإن حاضرهم غير مستقر من جهة أخرى.

وتقول عاصي “ظروفهم المعيشية في الخيام بائسة. أحيانا تطلب منهم عائلاتهم العمل من أجل مساعدتهم ماليا. وهذا يضيف إلى التوتر الذي يشعر به هؤلاء الأطفال، الذين من المفترض أن يذهبوا إلى المدرسة ويتمتعوا بطفولة طبيعية في ظل صغر سنهم”.

ويستضيف لبنان أكثر من 2ر1 مليون لاجئ سوري، من بينهم 550 ألف طفل. فقط 200 ألف طفل منهم يذهبون إلى المدرسة، وفقا لعاصي.

وتتعلم خولة حاليا كيفية القراءة والكتابة بمساعدة من جمعية “بيوند اسوسيشن” ، وتأمل في انضمام الأطفال السوريين الآخرين الذين يدرسون في مدارس تمولها الامم المتحدة في لبنان والحلم بمستقبل مستقر.

وتقول خولة “أدرك بشاعة الحروب وما تنطوي عليه من كوارث ومآس، ولكن ست سنوات من المعاناة تكفي”