القاهرة/ الأناضول
قال مسؤولون وخبراء اقتصاديون، إن استئناف شركة أرامكو السعودية، توريد الشحنات النفطية لمصر بعد توقف دام أكثر من 5 شهور، يعد بمثابة بارقة أمل تسهم في تحسن العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأعلنت وزارة البترول المصرية، منتصف مارس/آذار الحالي، الاتفاق على استئناف الجانب السعودي توريد شركة "أرامكو" شحنات المنتجات البترولية لمصر.
وقال وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، في مؤتمر بالقاهرة أمس الأحد، إن بلاده تسلمت شحنتي سولار من شركة أرامكو السعودية على مدار اليومين الماضيين (الجمعة والسبت).
وأوضح الوزير المصري أن قيمة شحنات النفط السعودي لبلاده تتراوح شهريا بين 320 و340 مليون دولار، وأن هناك 5 سنوات سماح قبل بدء سداد الثمن، ما يعادل نحو 40% من الإنفاق على استيراد المواد البترولية من الخارج.
وأضاف الخبراء، في أحاديث مع "الأناضول"، إن العلاقات الاقتصادية بين السعودية ومصر مرشحة لمزيد من النمو، وتدفق الاستثمارات لا سيما بعد انتهاء حالة التوتر التي استمرت عدة أشهر، وتسببت في توقف العديد من الاتفاقات.
وتوترت العلاقات المصرية السعودية في الآونة الأخيرة، بسبب خلاف الرؤى حول عدد من الملفات الدولية على رأسها الملف السوري، إذ صوتت مصر لصالح مشروعي قرار بمجلس الأمن حول التهدئة في سوريا.
وفي أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أوقفت "أرامكو" بشكل مفاجيء، صادراتها من المنتجات البترولية إلى مصر، دون إبداء أية أسباب من جانب الشركة السعودية.
وأدى تصاعد حدة الأزمة، إلى توقف العمل باتفاقية تنمية شبة جزيرة سيناء المصرية، التي حولت بموجبها السعودية لمصر، في أغسطس / أب 300 مليون دولار تمثل شريحة أولى لقرض تبلغ قيمته 1.5 مليار دولار لتنمية سيناء، لكنها توقفت عن إرسال الدفعة الثانية بسبب الخلاف
وقال رمضان أبو العلا، استاذ هندسة البترول (مصري)، إن الإعلان عن استئناف ضخ الشحنات البترولية لمصر كان متوقعاً، في ظل حرص القيادة السياسية في البلدين على العلاقات، مشيراً إلى أن القرار يصب في صالح مصر اقتصاديا وسياسيا.
وأضاف أبو العلا، في حديث للأناضول، أن شحنات أرامكو ستخفف الضغوط الاقتصادية على مصر، لتوفير المنتجات البترولية خاصة مع اقتراب فصل الصيف، في ضوء تسهيلات في السداد التي تقدمها الشركة السعودية، وهو ما يخفف الطلب على الدولار في تلك الفترة الحرجة.
وأوضح أن شحنات أرامكو تمثل 10% من قيمة الاستهلاك البترولي لمصر.
وعانت مصر في الشهور الأخيرة من أزمة نقص الدولار في سوق العملات، وارتفاع سعره في السوق الموازية (السوق السوداء)، وهو ما دفع الحكومة لتحرير سعر صرف العملة المحلية، ليصل الدولار في البنوك حالياً إلى 18 جنيهاً.
وتستهدف مصر إلغاء دعم الوقود نهائيا خلال ثلاث سنوات بداية من السنة المالية الحالية 2016-2017 وحتى 2018-2019.
من جانبه، توقع السفير جمال بيومي، الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب التابع للجامعة العربية، أن تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية مزيداً من التسارع، خاصة فيما يتعلق بتدفق الاستثمارات السعودية والتبادل التجاري بعد "الانفراجة" في ملف أرامكو.
وأضاف بيومي للأناضول، أن "رجال الأعمال السعوديين يتحركون وفق مواقف القيادة السياسية بالسعودية، ففي حالة تباطؤ العلاقات مع مصر، تتباطأ الاستثمارات السعودية الوافدة والعكس صحيح".
وأشار بيومي إلى أن الاستثمارات السعودية في مصر "لم ولن تتعرض لأي مكروه، بغض النظر عن توقف شحنات أرامكو، بل تعامل أفضل معاملة."
وقال بيومي إنه في حال استمرار المسار الإيجابي في العلاقات المصرية السعودية، سينعكس إيجابا على اتفاقيات التعاون الموقعة أثناء زيارة الملك سلمان للقاهرة.
وخلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر في إبريل/ نيسان 2016، وافقت السعودية على إمداد مصر بمنتجات بترولية مكررة بواقع 700 ألف طن شهرياً لمدة خمس سنوات بموجب اتفاق بقيمة 23 مليار دولار.
وبموجب الاتفاق، تشتري مصر شهرياً منذ مايو/أيار الماضي من أرامكو 400 ألف طن من زيت الغاز (السولار) و200 ألف طن من البنزين و100 ألف طن من زيت الوقود (المازوت) بخط ائتمان بفائدة 2% على أن يتم السداد على 15 عاماً.
كما جرى التوقيع خلال الزيارة على نحو 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم، في عدة مجالات منها الكهرباء والإسكان والطاقة النووية والزراعة والتجارة والصناعة، وأهمها ترسيم الحدود البحرية.
وتبلغ الاستثمارات السعودية في مصر نحو 6 مليارات دولار، في مجالات البنوك والتأمين والفنادق والسياحة والقطاع الصناعي والزراعي والتمويل والاستثمار والبترول، حسب بيانات وزارة الاستثمار المصرية.
وانخفض حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية إلى 3.910 مليار دولار في العام المالي 2015/2016، بواقع 2.815 مليار دولار واردات مصرية ونحو 1.094 مليار صادرات مصرية، مقابل 5.384 مليار دولار في العام المالي 2014/2015، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.
وتمثل المملكة رافدا أساسيا لتحويلات المصريين المغتربين المهمة بالنسبة للاقتصاد المصري، وتشكل تحويلات المصريين في السعودية 40% من حجم تحويلات المصريين العاملين في الخارج، حسب بيانات البنك الدولي.