العراق/بغداد
يتحمل مرضى الإيدز حياة مليئة بالأدوية والعقاقير لأن الفيروس يخفي نفسه داخل الجهاز المناعي وينشط عند التوقف عن العلاج.
ولكن مجموعة من العلماء الفرنسيين، اكتشفت علامات حيوية "biomarker" يمكنها تمييز الخلايا التائية النائمة، المصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة من الخلايا السليمة، وهو ما قد يؤدي إلى إنتاج علاجات تستهدف تلك الخلايا المصابة التي يطلق عليها "reservoir cells"، ما يمكّن من القضاء على الفيروس تماما وعلاج المريض.
وتقوم العلاجات، باهظة الثمن، المضادة للفيروسات، بخفض مستويات فيروس نقص المناعة البشرية بشكل كبير، ما يتيح للمرضى حياة طبيعية نسبيا، ومع ذلك، فإن عددا صغيرا من خلايا الفيروس يبقى موجودا في حوالي مليون خلية من الخلايا التائية المضادة للعدوى، وعند التوقف عن العلاج يتضاعف مستوى الفيروس بسرعة، وهذا ما يعني أن المريض لا يمكنه أن يتعالج تماما.
وخلال العمل على الخلايا المصابة في المختبر، لاحظ فريق البحث من جامعة مونبلييه الفرنسية وجود بروتين علامات حيوية، يسمى "CD32a" وهو يتواجد في الخلايا السليمة.
ومن ثم قام فريق البحث بدراسة عينات الدم من 12 مصابا بفيروس نقص المناعة المكتسبة، ممن يخضعون للعلاج، وقاموا بعزل الخلايا التي تتضمن العلامات الحيوية.
وباستخدام الأجسام المضادة التي تلتصق ببروتين "CD32a"، قام فريق البحث بسحب الخلايا التي تحمل ذلك البروتين، وكما هو متوقع، كانت العينات المسحوبة محملة بفيروس نقص المناعة المكتسبة المخفي.
ويقول المؤلف الرئيسي للبحث، منصف بن كيران، إنه لم يكن باستطاعة العلماء القيام بهذه العملية سابقا، وبات بالإمكان الآن تحديد الخلايا التي توفر مخبأ للفيروس والتي تسمى "reservoir cells"، لدى الأشخاص الذين يخضعون للعلاج.
تبين أن ما يقارب جميع الخلايا التائية التي تحمل بروتين CD32a، كانت خلايا "مستودعات" أو"reservoir cells" وكانت محملة بالفيروس.
وهذا البروتين المكتشف قادر على خداع فيروس الإيدز عن طريق إخراجه من أماكن اختبائه داخل الخلايا النائمة، ومن ثم إثارة جهاز المناعة للتعرف عليه ومهاجمته.
ومع ذلك، لم تظهر الخلايا التائية الطبيعية أو تلك الخلايا التي تحمل فيروس نقص المناعة المكتسبة النشط، نفس العلامات الحيوية.
وللأسف، فإن CD32a لم يكن موجودا في جميع الخلايا التائية التي تمثل مخبأ لفيروس نقص المناعة البشرية، بحيث أن العلاجات التي تستهدف الواصمات الحيوية لا تقتل الفيروس بما يكفي لعلاج المريض.
ومع ذلك، يمكن اعتبار هذا الاكتشاف وسيلة لفهم أفضل لحلقة العدوى لهذا المرض، وبالتالي توفير تدابير الوقاية من المرض ومكافحته.
وهذه المرة الأولى التي يتمكن فيها الباحثون من تحديد الخلايا الفيروسية الكامنة بعد آخر محاولة منذ العام 1996، ويمكن استخدام هذا الاكتشاف في ابتكار عقاقير قادرة على علاج الفيروس، حيث يعتزم فريق البحث إجراء المزيد من الاختبارات على مجموعة أكبر وأكثر تنوعا من المرضى المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة.