يدار إقليم كردستان من قبل سلطتين ناقصتين تشريعية وتنفيذية، ولا يعرف الى أين سيتجه مستقبل الحكم خلال الاشهر المتبقية من عمر الدورة الحالية لبرلمان الإقليم.
بدأت الخلافات حول منصب مسعود بارزاني منذ شهر آب من عام 2015، فيما ترى بعض الاطراف الكردية وفي مقدمتها حركة التغيير ان بارزاني "فقد الشرعية" في شغل منصب رئيس الاقليم، وفي المقابل انتزع حزب بارزاني، الحزب الديمقراطي الكردستاني، منذ شهر تشرين الاول من العام نفسه وبشكل احادي حق رئاسة البرلمان من يوسف محمد من حركة التغيير، معتبرا إياه لا يحق له ترؤس البرلمان كما منعه منذ ذلك الوقت من دخول اربيل.
وعليه فلا يعتبر رئيس اقليم كردستان رئيسا عند جميع الأطراف، كما لا يعتبر رئيس البرلمان متربعا على قمة السلطة التشريعية عند جميع الاطراف، فيما لم يبق من عمر الدورة الحالية للبرلمان سوى ستة اشهر ولا يعرف كيف ستتم معالجة الفراغ القانوني الذي سيحدث.
مشاريع دون نتائج
وقد طرحت خلال الفترة الماضية العديد من المشاريع الاحادية لإنهاء المشاكل الداخلية في كردستان الا ان جميعها تم إهمالها دون ان ترى النور.
آخر مشروعين تم طرحهما من قبل الاتحاد الاسلامي والاتحاد الوطني الكردستاني ولكن مستقبلهما ايضا ليس واضحا حتى الآن.
ويتألف مشروع الاتحاد الاسلامي في كردستان من 12 فقرة، وبحسب القيادي في الحزب عثمان كارواني، فإنه مشروع شامل لحل المشكلات السياسية والاقتصادية في الاقليم.
وقال كارواني إنهم طرحوا المشروع على جميع الاطراف في الاقليم وكذلك مسعود بارزاني، ولكنه لم يخف ان المشروع لم يلق استجابة تذكر.
والى جانب مشروع الاتحاد الإسلامي، اعد الاتحاد الوطني الكردستاني خارطة طريق مؤلفة من ثماني نقاط ومن المقرر طرحها على الاطراف السياسية كمحاولة للحل.
وذكر القيادي في الاتحاد الوطني فريد اسسرد، وهو احد معدي خارطة الطريق، انه اذا لقي المشروع نفس الاستجابة التي لاقتها المبادرات والمشاريع الاخرى فلن تكون له نتائج.
وقال اسسرد "مشروعنا شامل وقد حافظ على التوازن السياسي بين الاطراف وسيكون بالتأكيد اداة لحل المشكلات".
وتكمن مشكلة الاطراف السياسية في الاقليم في انها فقدت الثقة في بعضها واي مشروع يطرح ينظر اليه بنظرة من الشك لذلك لا تكلل بنتائج.
ويعترف المتحدث باسم المجلس السياسي للجماعة الاسلامية في كردستان ريبوار حمد، بأن جميع المحاولات والمبادرات والمشاريع وخارطات الطريق التي طرحت لحل ازمات اقليم كردستان وصلت الى طريق مسدود.
وقال "السبب الرئيس وراء عدم تحقيق المحاولات نتائجها هو ان الاطراف السياسية لاسيما التي تتمتع بالسلطة ليست لديها الارادة لحل المشكلات، نحن نرى الوضع هكذا، ولتلك الاطراف مصلحة في بقاء هذا الوضع لذلك تريد ان يستمر هذا بالاضافة الى عدم ثقة اي طرف بالآخر".
الانتخابات او التمديد
وبعد فشل المحاولات فإن العملية السياسية في الاقليم تجد نفسها امام سيناريوهين، الاول هو اجراء انتخابات برلمان كردستان، والثاني هو تمديد فترة ولاية البرلمان ورئيس الاقليم.
وقال المتحدث باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الاقليم شيروان زرار نبي، خلال مؤتمر صحفي في الاسبوع الاول من الشهر الجاري "لقد صادقت حكومة الاقليم على ميزانية انتخابات البرلمان ورئاسة الاقليم ونحن ننتظر وصول الاوامر لإجرائها".
وقد اجريت انتخابات برلمان كردستان عام 2013، فيما لم تجر انتخابات رئاسة الاقليم منذ عام 2009، وستنتهي الدورة الحالية لبرلمان كردستان في شهر ايلول المقبل، في وقت تقول بعض الاطراف منذ آب من عام 2015 ان ولاية بارزاني قد انتهت حسب القانون.
وقال مسؤول مكتب الانتخابات للحزب الديمقراطي الكردستاني خسرو كوران، انه "بعد عدم توصل المحاولات الى نتائج فإن الحزب الديمقراطي يرى ان اجراء الانتخابات هو افضل سبيل للحل، لذلك سيتم اجراء انتخابات البرلمان ورئاسة الاقليم خلال هذا العام".
اما مسؤولو الاطراف الاربعة الاخرين، الاتحاد الوطني الكردستاني، حركة التغيير، الاتحاد الإسلامي، الجماعة الإسلامية، فقد رأوا انه من الصعب اجراء الانتخابات في ظل الوضع غير المستقر للإقليم، معتبرين ذلك ورقة ضغط من قبل الحزب الديمقراطي.
وقال منسق غرفة البحوث السياسية لحركة التغيير محمد علي، ان "إجراء الانتخابات هو محاولة جيدة لحل المشكلات ونحن مع اجرائها، ولكن الاقليم لا يتمتع بالوضع السياسي والقانوني لاجراء الانتخابات، كما ان الوضع النفسي لمواطني الاقليم لا يصلح للمشاركة في الانتخابات، لذلك فإننا نرى اجراءها مستحيلا".
الاطراف الاربعة ترى انه ليس بالإمكان اتخاذ القرار لاجراء الانتخابات بسبب كون البرلمان معطلا، الا ان للحزب الديمقراطي رأياً آخر.
وقال عضو اللجنة القانونية في برلمان كردستان النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي فرست صوفي، ان "بإمكان رئيس الاقليم ان يصدر قبل 60 يوما من انتهاء الدورة الحالية لبرلمان كردستان في السادس من ايلول المقبل مرسوما رئاسيا لتحديد موعد اجراء الانتخابات وقيام مفوضية الانتخابات بإجرائها في ذلك الموعد".
وفي حال عدم امكان اجراء الانتخابات فإن السيناريو الثاني هو تمديد فترة ولاية برلمان كردستان ورئاسة اقليم كردستان لاسيما وان الاقليم له سوابق كثيرة في ذلك.
أطول دورة برلمانية
وقد اجريت اول انتخابات لبرلمان كردستان عام 1992، وكان من المفروض اجراء انتخابات اخرى بعد اربعة اعوام في ايار عام 1996، ولكن صادف ذلك الحرب التي كان دائرة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني آنذاك، ما جعل تلك الدورة اطول دورات البرلمان وقد تم تمديدها حتى عام 2005.
الشيء نفسه حدث بالنسبة لرئاسة الاقليم فقد تولى بارزاني عام 2009 عبر الانتخابات رئاسة الإقليم، وفي عام 2013 تم تمديد ولايته لمدة عامين، وفي عام 2015 اصدر مجلس الشورى وهو هيئة استشارية قانونية قرارا بإبقائه رئيسا حتى الان.
واشار مصدر في برلمان كردستان، مقرب من حركة التغيير، الى امتلاكهم معلومات تؤكد ان الحزب الديمقراطي يعمل على تمديد ولاية البرلمان ورئاسة الاقليم وان الحديث عن الانتخابات هو "ورقة ضغط" ليس إلا.
وقال المصدر "لقد فاتح الحزب الديمقراطي الاتحاد الوطني والاتحاد الاسلامي حول خيار تمديد ولاية السلطات".
من جانبه، اكد القيادي في الاتحاد الاسلامي أبو بكر هلدني، معلومات المصدر وقال "اثار وفد الحزب الديمقراطي هذا الموضوع خلال آخر اجتماع لوفدي الاتحاد الاسلامي والحزب الديمقراطي في شهر آذار، وقد ابلغنا وفد الحزب الديمقراطي صراحة انهم ليسوا على استعداد للتخلي عن منصب رئيس الاقليم لأنه يأتي في مقابل منصب رئيس الجمهورية في العراق وانهم اتفقوا حول ذلك مع الاتحاد الوطني سابقا".
واتفق الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني لدى التوقيع على الاتفاق الاستراتيجي بينهما في عام 2005 على ان يذهب منصب رئيس الاقليم لمسعود بارزاني عن حصة الحزب الديمقراطي، ويكون منصب رئيس الجمهورية العراق وهو حصة الكرد في بغداد لجلال طالباني مرشح الاتحاد الوطني.
ولم يذكر الحزب الديمقراطي رسميا شيئا حول تمديد ولاية رئاسة الاقليم وبرلمان كردستان، ولكنهم يؤيدون ايجاد مخرج قانوني للموضوع في الوقت نفسه لاسيما وان الدورة الحالية للبرلمان لم يبق منها الكثير.
ويقول النائب الحزب الديمقراطي فرست صوفي "نحن مع اجراء الانتخابات في موعدها، ولكن اذا لم يتسن ذلك بأية حجة كانت فلابد من ان يفكر الحزب الديمقراطي او الاطراف الاخرى في ايجاد مخرج سياسي وقانوني حتى لا يدخل الاقليم في فراغ قانوني اكثر وتنتهي مدة ولاية مؤسساتها".
عدا هذين السيناريوهين فان اسهل خيار بالنسبة لمواطني اقليم كردستان هو اجتماع الاطراف معا والتوافق فيما بينها حول حل المشكلات بما فيها مشكلة البرلمان ورئاسة الاقليم، ولكن يبدو ان ذلك هو اصعب خيار بالنسبة للقوى السياسية بالأخذ في الاعتبار الكراهية والخلافات التي تكنها لبعضها.