مصدر أمني رفيع يكشف "أغرب" جرائم الخطف والابتزاز

آخر تحديث 2017-03-25 00:00:00 - المصدر: زوراء

العراق/ بغداد

كشف مصدر أمني رفيع، السبت، أن معدلات جرائم الاختطاف والابتزاز ارتفعت منذ الربع الأخير من العام الماضي وما زالت في تزايد، مؤكداً أن بعض عصابات الخطف تضم عناصر من القوات الأمنية.

ويقول المصدر إن "جريمة الخطف، ازدادت بشكل ملحوظ ابتداءً من الربع الأخير من عام ٢٠١٦ ولغاية الآن".

ويبين أن "عصابات الجريمة المنظمة تستغل ظروفاً معينة لتنفيذ ما تصبو إليه، فعلى الرغم من قيام الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على الكثير من هذه العصابات، حتّى أن بعض عناصرها يعملون بالأجهزة الأمنية، وهذا مؤشر في محافظات بغداد والبصرة وديالى، واتخذت بحقهم الإجراءات القانونية وأُحيلوا الى المحاكم، ولكن، لا تزال هناك عصابات تجول وتلعب بمقدّرات المواطنين".

ويكشف المصدر "في الشهر الواحد، تتسلم الأجهزة المختصة بمتابعة حالات الاختطاف في بغداد والمحافظات، عشرات البلاغات ضد مجهولين، لا يمكن الجزم بأن هذه الأجهزة ممكن أن تتابع كل الحالات، لأن نصف العمليات تقوم بها عصابات منظّمة متنفذة في مناطق معينة، وهي الأخطر وتحتاج لقرار سياسي وأمني، من أعلى المستويات للقضاء عليها".

ويشير إلى أنه "من الملاحظ أن هناك شباباً لا تتجاوز أعمارهم (٢٥ عاماً)، يشكلون مجموعة من أربعة أو خمسة أشخاص، يحاولون تقليد تلك العصابات وبعد محاولة أو محاولتين، يُلقى القبض عليهم ويعترفوا صراحةً بارتكابهم تلك الجريمة"، مضيفاً أنه "الغريب أن اهالي هؤلاء غافلون عما يعمله اولادهم، فهم لا يتابعون كيفية دخولهم وخروجهم وصرفهم وسفرهم ولا يسألوهم عن كثرة الأموال بين أيديهم".

عامل يصبح زعيم عصابة

وسام شاب ثلاثيني، كلّل سنوات عمره الشبابية بالعمل، حتّى استطاع جمع مبلغ مناسب، تمكن به من افتتاح محل لبيع العطور والإكسسوارات النسائية، وبعد سنة تقريباً افتتح محلاً آخر لبيع الألبسة النسائية على مقربة من محله الأول في منطقة بغداد الجديدة.

يقول وسام، ذات مساء جاءته احدى زبوناته، واخبرته بأن لدى زوج اختها محلاً لبيع العطور المستوردة، وبسبب الوضع الأمني، يريد تصفية المحل والهجرة.

ويشير الى ان الزبونة كانت تغريه بأنواع العطور الموجودة والأسعار التي يمكن أن يحصل بها على البضاعة وربما المحل، حتّى عرضت عليه أن يشتري المحل، وتعمل به، إن كانت بالأجر أو على سبيل المشاركة، ذلك الإغراء تسلل الى وسام بهدوء، طمعاً بالمال أو بالزبونة التي كانت تستعرض جمالها، لكنه لم يكن يتوقع أن ذلك فخاً سيجبره على دفع مبلغ 50 ألف دولار، للخلاص من أيدي مبتزيه.

(ن، د) شاب في الثانية والعشرين من عمره، لم يكمل دراسته المتوسطة، يعمل في فرن للصمون في إحدى مناطق شرقي بغداد، يقول "كنت اعمل 10 ساعات في اليوم مقابل أجر لا يساوي الجهد المبذول، فتأزمت حالتي، خاصةً وأن الظروف العائلية دائماً متوترة بسبب قلة المورد المادي".

ويتابع "لجأت إلى السكائر والمشروبات الكحولية وكانت المتعة الوحيدة ليّ هي أن امشي من مكان عملي إلى مكان سكني يومياً نحو ثلاث ساعات، في جولتي هذه أمر بمناطق راقية، واشاهد المنازل الكبيرة والسيارات الحديثة الفارهة والشباب المتنعم بخيرات كثيرة".

هنا بدأ الصراع شيئاً فشيئاً داخله، ولكثرة مروره بتلك المناطق، بدأ يعرف الوجوه ويميّز الدخول والخروج وكأنه أحد ساكني المنطقة، فاتخذ قراره بترك العمل بالفرن، ومراقبة أحد البيوت التي يخرج أهلها من الصباح ولا يرجعون حتى الظهر، وفي بعض الأحيان للعصر، وبهدوء شديد في أحد الأيام، تمكن من اجتياز سياج البيت وكسر باب المطبخ وجمع كل ما هو ثمين وخفيف في كراج البيت، واستأجر "تكسي" وكأنه أحد أفراد البيت، بعد أن ارتدى نظارة سوداء وقبعة رياضية، خوفاً من اكتشافه، مرَّ الموضوع بسلام، مما دفعه لتكرار الطريقة بمناطق مختلفة وبحدود ثماني مرات.

ويضيف المتهم "ذات صباح وانا اتمشى في شارع لمراقبة أحد البيوت، راودتني فكرة اختطاف طفل لا يتجاوز عمره الثلاث سنوات، كانً يلعب قرب بيتهم، وبسهولة أخذته من يده، ومباشرةً استأجرت تكسي الى الشارع العام في منطقة زيونة، ونزلت واستأجرت تكسياً آخر".

ويتابع "ذهبت به إلى الكوفي شوب التي ارتادها وأمَّنته عند احدى العاملات التي كانت تربطني بها علاقة، ثم اشتريت بطاقة اتصال جديدة من منطقة الباب المعظم بدون مستمسكات، وفي حدود الساعة الثانية فجراً، تركت رسالة عند باب أهل الطفل وأخبرتهم بضرورة دفع مبلغ 20 ألف دولار بمدة اقصاها 24 ساعة".

ويوضح المتهم "حددت المكان والزمان لهم وبالفعل جاءوا في اليوم الثاني، ووضعوا المبلغ بكيس أسود ورموه عند مفترق طريق بحسب الاتفاق وبعد نصف ساعة، سلمتهم الطفل، فاستسهلت العملية واتفقت مع صديقتي وأخيها، ونفذنا ثلاث عمليات بنفس الطريقة، حتى تم إلقاء القبض علينا من قبل الأجهزة الأمنية".

صدفة شرٌ من ١٠٠٠ ترتيب

أما (ص، غ) شاب عمره (24 عاماً)، فيعمل كاسباً حسب روايته، انه كان يشاهد احدى القنوات المنوّعة العراقية، وإذا برقم هاتف يدور في "سبتايتل" القناة مكتوب (أني {م} ضايجة وأحب أتعرف وهذا رقم هاتفي)، بدون تفكر اتصل بالرقم حيث أجابته شابة صوتها جميل ودافئ، تكلما نحو الساعة، بعدها تكونت بينهما علاقة لمدة شهر، طوال أيامه كانت تشكو من معاملة اهلها السيئة لها وإجبارها على الزواج من رجل يكبرها بأربعين سنة.

يقول الشاب "في أحد الأيام قالت لي (اني راح انهزم من البيت بعد ما أتحمل) فصبرتها وهدأتها، بعد يومين اتصلت بي وقالت (انت وين تعال أخذني اني اجيت لبغداد وانتظرك بكراج النهضة)، فارتعشت وتصبّبت عرقاً، وصرت بحيرة بين خوف الذهاب وتأنيب الضمير".

ويسترسل "ذهبت وأخذتها لمطعم، وافهمتها أن هذا التصرف لا يجوز وغير لائق، وارجعتها لكراج النهضة، استأجرت لها سيارة وودعّتها، اتصلت للاطمئنان عليها، لم تُجِب مرة واثنتين و100، إلى أن مللت وتركت الموضوع"، مضيفا "بعد شهر من هذه الحادثة، تفاجأنا بضرب قوي على الباب الخارجي لبيتنا، خرجنا، وإذا بثلاث نساء ورجل كبير السن يسألون عنّي، وعند سؤالهم عن حاجتهم قالوا (ابنكم خطف بنتنا)".

ويضيف الشاب "اتضح انهم أهل البنت ذاتها، وبعد الشد والجذب، قالوا إما أن نشتكي أو تدفعوا لنا عوضاً، عن ما اصابنا، ولأن رقم موبايلي مثبت لديهم، فبسهولة ممكن إثبات ما يدعون به، واتفقنا على مبلغ 15 مليون دينار، أخذوه، في اليوم الثاني وذهبوا".

ويؤكد "الغريب بعد أقل من شهر شاءت الصدفة، أن أجد ذات البنت في متنزه الزوراء، برفقة بنات أخريات، تابعتها بحذر إلى أن خرجوا وذهبوا لمكان مشبوه في بغداد، وأخذني الفضول للمتابعة، ثلاثة ايام، إلى أن سألت احدهم فقال (عمي هذولة عصابة دير بالك تندك بيهم ترة تتورط ويبتزوك)".

الخطفُ من ورائكم والابتزاز من أمامكم

تاجر الصحيّات علي سلمان، له حكاية ربما تكون اكثر غرابة، ففي إحدى سفراته الى الصين، لأجل التعاقد على بضاعة، اتصل به أحد عمّاله وأخبره، بأن هناك ثلاثة رجال ملتحين يرتدون الزِّي العربي جاءوا للمعرض الرئيس، بالمنصور، يسألون عنه، وعندما عرفوا بعدم وجوده، ابلغوا العامل بضرورة الاتصال على هذا الرقم، وبسبب التأخر بالاتصال، وعدم أخذ الأمر بجدية، جاءوا بعد يومين، وكانت اللهجة هذه المرة حادّة والوجوه متعكرة، فأبلغهم الموظف أن الاتصال قد يكون صعباً، فلم يعذروه وأمهلوهم 24 ساعة.

يقول سلمان "بسبب القلق، اتصلت بهم من الصين للاستفسار، لعلّه يكونوا مخطئين بالعنوان، بعد السلام والتحية، قلت لهم تفضلوا ما سبب سؤالكم عني فقالوا (بويا انت مطلوب النا دم ولازم تجي حتى نتفاهم وإلا النا غير تصرف) فضحكت واستهزأت وأغلقت الموبايل".

ويردف "حجزت ورجعت في اليوم الثاني، وانتظرتهم بالمعرض، لعلهم يأتون، اتصلت بهم وكان الموبايل مغلقاً، بعد ثلاثة ايام جاءوا للمعرض، ولكن العدد كان أكثر، ويحملون أسلحة شخصية، واتهموني بأني مشترك بقتل ولدهم في تاريخ معين ولديهم شهود، وإذا لم تتفاهم معنا سنضطر لخطف أحد أولادك وقتله، مثلما قتلت ولدنا".

ويضيف سلمان "الى حدّ هذه اللحظة، ما زلت مذهولاً، فأنا بحياتي، لم أتجرأ على إيذاء أحد، ثم إنني وفي هذا التاريخ، كنت خارج العراق أصلاً، ولكنني سمعت نصيحة العقلاء والحكماء، وجلست معهم مرة ثانية، ودفعت مبلغ ٢٥ مليون دينار، للخلاص من هذه المشكلة التي لا أعرف أين الدولة عنها، فهو ابتزاز علني دون خوف".

لا تصنع المعروف لغير أهله

وكلما تعمقنا بالتحقيق، نجد أساليب عجيبة في ابتزاز الناس، فيقول تاجر الأقمشة والمفروشات علي جميل "في عام ٢٠٠٧ عندما كانت بغداد تغلق محالها في الخامسة عصراً، استنجد به احد الشباب وقال (ارجوك خلصني القاعدة يريدون يقتلوني) هدأت من روعه، وضمدت جراحه وأبقيته بالمحل، وارسلت على طبيب بالمنطقة، جاء ومعه معاون طبي، وكانت طلقة قد استقرت بفخذه، أخرجها وأجرى له عملية داخل المحل بإحدى مناطق غربي بغداد، وعلى الرغم من خطورة الموقف، نقله بسيارته الخاصة للبيت، وبقي عنده أربعة أيام".

ويضيف "اتصلت بأهله وطمأنتهم أنه بحالة جيدة، وبمجرد أن تسمح الظروف، سأخرجه لكم، فسألته عن عمله، فاتضح انه يعمل بمادة الكاز، وكان قد اتفق مع احدهم على إيصال حصته، لكن عناصر القاعدة آنذاك، اعترضوا طريقه وأخذوا الصهريج الصغير، ونجا منهم بأعجوبة"، مبيناً "وبالفعل بعد اربعة ايام، اوصلته لمنطقة العلاوي، وجاءوا اهله وأخذوه، لكن الغريب، لم يشكروني، ووجوههم كانت عابسة لم أبال بهم، المهم انني عملت ما يمليه عليّ ضميري".

ويسترسل جميل "عام ٢٠٠٩ اضطررت للسفر خارج العراق، ورجعت نهاية عام ٢٠١٦ في أحد الأيام، اتصل بي جاري أمام بيتي قال (اطلع شوف شنو كاتبين على باب بيتك) خرجت فصُدمت، وجدت عبارة (مطلوب دم) أبلغت الجهات الأمنية ومسحت الكتابة".

ويتابع "لكن الخوف بقي يتملكني، بعد اسبوع وجدت نفس العبارة على أبواب محلاتي، ووجدت ورقة مدون فيها رقم هاتف، اتصلت من خلاله، للاستفهام، فسمعت أقبح الألفاظ، وتحملت فأرسلت جماعة للتفاهم مع هؤلاء، ولمعرفة ماذا يريدون، الأغرب من هذا كله، اتضح انهم أهل الشاب الذي أنقذته عام ٢٠٠٧".

ويؤكد جميل "طالبوني بتعويض مادي عن سعر الصهريج وتعويض آخر عن حالة ولدهم النفسية، التي ساءت بعد الحادث، وبعكسه سيكون عليّ مواجهة غضبهم، وفي الحقيقة ما هو إلا ابتزاز علني وصريح، لأن عجلتهم وبحسب علمي، وجدوها بعد شهر من الحادث، وابنهم بفضل الله وفضلي، لم يمت، ولم اخلص من ابتزازهم ووعيدهم إلا بعد أن دفعت مبلغ 30 ألف دولار".

الحصة الأكبر للأطبّاء والصيادلة

يقول المصدر الأمني الرفيع، "في اغلب الأحيان، المواطن لا يأتي ليبلغ عن حالات الابتزاز التي تحدث، فتارة لعدم ثقته بأن الأجهزة الأمنية قادرة على إنهاء هذا الملف، وتارة يلجأ للعشيرة والقبيلة، ومرة وكما يقول المثل، يدفعها بالتي هي احسن".

ويبين أن "هناك حالات ابتزاز في المناطق التجارية المهمة، مثل الشورجة وجميلة وفي المناطق الصناعية، وحتّى على مستوى المواطنين البسطاء"، مشيرا الى ان "الملف الأكثر سخونة بعمليات الابتزاز، هو ما يتعرض له الأطباء والصيادلة، حيث تصدت الأجهزة الامنية لهذه الظاهرة وتابعت هؤلاء متابعة دقيقة".

ويكشف المصدر عن إلقاء القبض على "اخطر عصابة تقوم بابتزاز وتهديد الأطباء والصيادلة، مقابل أموال طائلة، حيث تم اعتقالهم بالجرم المشهود من قبل أحد الاجهزة الاستخبارية، واعترفوا صراحةً، بقيامهم بابتزاز هذه الشريحة المهمة من المجتمع".

لكن المستغرب أن الذين تم ابتزازهم ودفعوا أموالاً كبيرة وصلت الى أن احدهم دفع مبلغ ربع مليون دولار، لهذه العصابة، لم يأتوا ليقدّموا بلاغاً ضدهم، على الرغم من اعتراف العصابة على كل عملياتهم، فالمواطن عليه تحمّل المسؤولية إذا كان يرغب بمستقبل افضل.

بالعودة لحكاية وسام، الذي لم يصدق أنه مخطوف، حتى بعد أن أشهر صاحب المحل المفترض عليه المسدس، وأمره بتسليم مفتاح السيارة، وقيام زبونته بتكتيف يديه، والاتصال بأهله من هاتفه الخاص، من ثم مساومتهم على حياته، بعد أن اخبراه بأنه مقبوض عليه بممارسة الجنس مع احدى بناتهم، وانهم يملكون صوراً فاضحة وفيلم فيديو مسجل، ولأجل تلافي الفضيحة وسلامة ابنهم يتوجب دفع 50 ألف دولار.

يقول وسام "تم الاتفاق على مكان وموعد التسليم اللذان تغيرا لأكثر من مرة، وحين ذهبنا الى البيت الذي يتم فيه اللقاء، تبيّن أنه يعود لعائلة مهاجرة، استغلته هذه العصابة، مثلما استغلت بيوتاً أخرى لعمليات مشابهة".