العراق/ بغداد
على الرغم من التضحيات الكبيرة التي تبذلها قوات الحشد الشعبي في معارك تحرير محافظة نينوى وما سبقها من عمليات في المحافظات الأخرى، إلا أن هناك أطرافاً وشخصيات تحاول النيل من هذه التضحيات بل واتهام الحشد بتهم لا أساس لها من الصحة.
آخر محاولات النيل من الحشد هي حملة "لأجلكم" التي تهدف إلى تقديم المساعدات الغذائية والإنسانية لنازحي الموصل، والتي شاركت فيها قوافل من مختلف المحافظات وحملت كميات كبيرة من المساعدات تفوق ما قدمت المنظمات الإنسانية والدولية، وبدلاً من أن يتم شكر الحشد على هذه المبادرة الإنسانية والوطنية تم اتهامه بأنها محاولة لـ"مد نفوذ الأحزاب الشيعية في الموصل".
مع وصول قوافل إغاثة "شيعية" إلى أحياء الموصل التي تمت استعادتها من تنظيم داعش جالبة معها مواد يبدو السكان في أشد الحاجة إليها، تكون مشاعر الارتياح الشعبي قد سادت وتعالت على "المشاعر السلبية" لسياسيين محليين شككوا بأنصار هذه القوافل واعتبروها "محاولة من الشيعة لتوسيع نفوذهم في المدينة ذات الغالبية السنية".
وبحسب تقرير لوكالة أنباء "رويترز"، فإن مشاعر ترحيب سكان الموصل الذين نال منهم الجوع والإرهاق من جراء الحرب بطوابير الشاحنات والسيارات التي تحمل الغذاء والمياه والبطانيات القادمة من مدن شيعية في جنوب العراق.
مثلما ينقل عن قيادات محلية شكوكها من تلك القوافل التي "ربما تكون أول بادرة على أن الأحزاب الشيعية تحاول مدّ نفوذها مع اقتراب المعركة مع التنظيم من نهايتها".
أما قوات الحشد الشعبي فتقول إن القوافل مساعدات خيرية لا أكثر، وإن الأسلحة المرافقة لها تهدف لحماية العاملين في جلب المساعدات في رحلاتهم الطويلة من جنوب البلاد.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى عبد الرحمن الوكاع، وهو عضو كتلة "النهضة" التي يرأسها محافظ نينوى المقال أثيل النجيفي، إن "ثمة قلقا بعد الإطاحة بداعش من تعدي الفصائل السياسية التي لها فروع مسلحة ولم يكن لها من قبل وجود قوي في المنطقة".
بينما ينفي القيادي في الحشد الشعبي كريم النوري، وجود أهداف سياسية وراء المساعدات، مؤكدا أن "التصريحات المشككة بقوافل الإغاثة هي نكران للجميل وقطع لطريق المعروف".
وفي مناطق بالجانب الأيمن من الموصل، وزعت قافلة إغاثة بطانيات ومياها ومواد غذائية، بينما يقول عمر إبراهيم، وهو جندي سابق يعمل نجارا وعمره 39 عاما، "يقدمون كميات ممتازة من المساعدات ومنها مواد غذائية ولحوم طازجة أفضل مما نحصل عليه من المنظمات الأخرى"، مضيفا "الطائفية ماتت مع داعش".
"واجب وليس منّة"
ويخلص النوري في حديثه إلى أن "المواقف المشككة بقوافل الإغاثة محاولة لهز بين المكونات العراقية، ولا تشجع على توطيد الثقة بين أبناء الوطن الواحد الذين يواجهون معا ظرفا حرجا"، مستدركا "نحن هنا نتبرع لأهلنا وهذا واجب وليس منّة".
في المقابل، استغلت بعض الأطراف "السنية" من محافظة نينوى "جريمة" القصف الجوي للطائرات الأميركية لمنازل في الساحل الأيمن لمدينة الموصل، وراح ضحيتها المئات من المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء والمسنين، وبدلاً من أن ترفع صوتها بوجه "المجرم" راحت تتهم القوات الأمنية والحشد الشعبي بـ"القصف العشوائي" للأحياء السكنية في الموصل.
حيث طالب نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي، في وقت سابق من اليوم السبت، رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزيري الداخلية قاسم الاعرجي والدفاع عرفان الحيالي بالتحقيق في مقتل مدنيين بالموصل، فيما دعا مجلس النواب الى عقد جلسة طارئة لمناقشة هذه "الكارثة".
وقال النجيفي ان "هناك تغيير حصل في قواعد الاشتباك قياسا إلى القواعد التي اتبعت في تحرير الساحل الأيسر من الموصل، حيث نتج عن القواعد الجديدة استشهاد المئات من المواطنين دفنوا تحت أنقاض بيوتهم وما يزال بعضهم تحت الأنقاض دون أية مساعدة أو انقاذ".
وطالب النجيفي بـ"اجراء تحقيقات سريعة وحماية أرواح المواطنين وكرامتهم"، داعيا مجلس النواب إلى "عقد جلسة طارئة لمناقشة هذه الكارثة وفتح تحقيق برلماني بها".
وشدد النجيفي على ضرورة "العمل الفوري من أجل إعادة النظر في الاستعجال الذي تم ودفع ثمنه المواطنون لأنه سيولد وضعا معقدا يصعب الاحاطة بتأثيراته السلبية".
والغريب في الأمر أن النجيفي يتحدث عن "قواعد الاشتباك" وكأن المنازل تهدمت بسبب الاشتباكات بين القوات الأمنية وتنظيم داعش، "متجاهلاً" عن عمد التطرق إلى أن الجريمة كانت نتيجة قصف جوي لطائرات التحالف الدولي، وهو أمر متوقع فالنجيفي لا "يجرؤ" على انتقاد أميركا أو حتى "التجاسر" وتحميلها المسؤولية وهي التي "رعت" مخابراتها مؤتمر أنقرة الذي حضره خلال الشهر الجاري في أنقرة، لذلك فهو "يشحذ" لسانه على القوات الأمنية والحشد الشعبي الذين يقدمون أرواحهم وسلامتهم في سبيل تحرير الموصل التي "سلمها" أخاه أثيل النجيفي على طبق من ذهب للدواعش.