دعمها وطالب بـ"معاقبتها" خلال أسبوع.. ماذا يريد العراق من سوريا؟

آخر تحديث 2017-04-08 00:00:00 - المصدر: زوراء

العراق/بغداد  

بقيت السياسة العراقية تجاه الأزمة السورية منذ اندلاعها غير مستقرة ومتغيرة بصورة كبيرة، وشهدت تقلبات كثيرة، وخلال أسابيع فقط، وليس أشهر، ولم "يُفهم" أي موقف رسمي واضح تجاه الأزمة السورية، على العكس من كل بلدان المنطقة، التي أعلنت عن موقفها، سواء داعم للأسد أو لا، وبقيت هذه الدول ثابتة على مواقفها حتى اليوم، الذي شهدت تطورا "خطيرا".

رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، بذل جهدا في الدفاع عن الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أن كان يتهم سوريا بتدريب وإرسال الإرهابيين للعراق، وتمت محاكمة الكثير من الإرهابيين في العراق، الذين اعترفوا بأنهم تدربوا على يد "المخابرات السورية".

تغير "بوصلة" المالكي مع الأسد، جاء بعد أن أعلنت إيران عن دعمها لـ"سوريا الأسد" وبدأت بإرسال قوات للدفاع عنه، ضد "المعارضة" والتنظيمات الإرهابية الأخرى، كان هذا التغيير، أولى المواقف العراقية، التي أدت إلى "انزلاق" البلد نحو سؤال لا إجابة له، وهو "ماذا يريد العراق من سوريا؟".  

مؤخرا، عقدت القمة العربية في العاصمة الأردنية عمان، وكانت الخارجية العراقية، قد شغلت الجميع بأمر "مهم لديها" وهو إعادة مقعد سوريا في الجامعة، وحاولت كسب تأييد عدد من الدول العربية من أجل هذا الأمر، حتى أكدت سعيها وعدم توقفها حتى تعود سوريا للجامعة، التي أُخرجت منها، بعد الأزمة، ونتيجة لـ"تصرفات الأسد" تجاه شعبه، ووقوف دول الخليج بالضد منه، بل دعم "المعارضة".  

القمة العربية، عقدت في 29 آذار، أي قبل 9 أيام فقط، وكان موقف العراق فيها، مع سوريا، ودعا لإيجاد مخرج سلمي وحلا للأزمة، بالإضافة لإعادة مقعدها لها، لكن اليوم، وبعد أن تعرضت سوريا للضربة الأمريكية، منذ الفجر، أي قبل أكثر من 17 ساعة، أصدرت الخارجية العراقية بيانا، قبل قليل، أكدت فيه على "تأييدها ومساندتها" لأي عقاب لمن استخدم الكيمياوي في سوريا.

وجاء في بيان الخارجية "المتأخر جدا" أنه ""تؤكد وزارة الخارجية العراقية موقف العراق الثابت والصريح في إدانة واستنكار الجريمة النكراء المتمثلة باستخدام السلاح الكيمياوي في سوريا كما وتعتبره تصعيداً بالغ الخطورة".

وأضاف "أننا إذ نعلن تضامننا مع ضحايا هذه الجريمة البشعة من أبناء الشعب السوري الشقيق، ما يذكرنا بما تعرّض له شعبنا العراقي العزيز جراء استخدام مثل هذا السلاح الفتاك من قبل نظام البعث المقبور، نؤكد تأييدنا ومساندتنا القوية لأي جهد يبذله المجتمع الدولي لمعاقبة الجهات التي تستخدمه، مكررين مطالبتنا بإجراء تحقيق دولي حيادي عاجل ودقيق لتحديد الجهة التي استخدمته في سوريا، ومعاقبتها مع اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمنع استخدامه مجدداً". 

وبين "كما ونعبّر في الوقت ذاته عن قلقنا لخطورة التصعيد في الصراع الجاري على الأراضي السورية دون الاتفاق على خطة شاملة لإنهائه، مع تأكيدنا على ضرورة توحيد الجهود في سبيل القضاء على تنظيم داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى وإنهاء وجودها بشكلٍ نهائي حماية لأبناء الشعب السوري الشقيق وعموم شعوب العالم".

بحسب الإجماع الدولي، فأن الأسد هو من استخدم السلاح الكيمياوي في قرى إدلب، وعلى هذا الأساس تحركت واشنطن ووجهت ضربة جوية أدت إلى تدمير أهم القواعد الجوية السورية، مع أسراب مقاتلاتها، التي أكدت أن القصف الكيمياوي شن من هذه القاعدة، وتشير كل هذه المعطيات، وبوضوح، إلى تغير موقف العراق "جذريا" وبات ضد سوريا، ومع العمليات العسكرية ضدها، كونه، أيد وساند "معاقبة" من استخدم الكيمياوي!!.  

هذا التغيير، جرى خلال أيام، وصدر من الخارجية ذاتها، كيف ذلك؟ هل كان لزيارة العبادي لواشنطن، أثرا في هذا التغيير، خاصة وأن ترامب، يمح منذ البداية لإزاحة الأسد وإيقاف التمدد الروسي والإيراني في المنطقة، فهل بدأت تظهر "خفايا" زيارة واشنطن؟.   

من الجانب الآخر، فأن فصائل الحشد الشعبي التي تقاتل في سوريا، والتي كان لرئيس الحكومة حيدر العبادي موقف، أيضا "غير واضح منها" خاصة بعد إقرار قانون الحشد في البرلمان، فأنها ما زالت تقاتل هناك، إلى جانب قوات حزب الله اللبناني والقوات المدعومة من إيران، ومنها في العراق حركة النجباء، التي أعلنت صباح اليوم الجمعة بعد الضربة الأمريكية، أنها لن "تتوقف عن الجهاد في سوريا".

إذ أعلنت الحركة في باين على لسان المتحدث باسمها، هاشم الموسوي أن "استخدام السلاح الكيماوي آخر أدوات الإدارة الأمريكية لإنقاذ العصابات الارهابية بعد فشلها في إنتاج توازن على مستوى المفاوضات والميدان"، مشيراً الى أن "القصف الامريكي الهمجي ردا على إسقاط الطائرة الاسرائيلية واستهداف مخطط للدفاعات الجوية السورية".

وأضاف أن "تاريخ امريكا لا يعرف الإنسانية وهورشيما وناجازاكي شاهد حي على وحشية هذه الإدارة، التي ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية لا تنسى"، لافتاً الى أن "التهاني المتبادلة بين أمراء الإرهاب وصناع القتل وصمة عار في جبينهم وتاريخهم المليء بالتآمر والخيانة والعمالة لاسرائيل".

واعتبر، أن "القصف الأمريكي لا يغير من قواعد الاشتباك، بالإضافة الى أن فرحة البعض زوبعة في فنجان لا ترتقي إلى دور العاصفة والإعصار"، مؤكدا أن "حركتنا ماضية بطريق الجهاد والمقاومةً مهما بلغ حجم التضحيات وموقفنا لا يتغير اتجاه الحرب في سوريا على الإطلاق".

من يتحمل مسؤولية هذا التعارض، بين الموقف الرسمي و"ظله أو الشعبي"؟، خاصة وأن الموقف الرسمي ستترتب عليه التزامات ويحسب له حساب في المؤتمرات الدولية، وبحسب التسريبات، فأن العراق والأردن كانوا على علم بالضربة الأمريكية قبل تنفيذها.

وما يؤكد وقوف واشنطن وراء تبدل المواقف، هو الموقف الأدرني الذي وصف الضربة بأنها "أمرا ضروريا" في بيان للخارجية الأردنية، الذي صدر صباحا، وليس بعد مضي 17 ساعة، كحال الخارجية العراقية!!.

"ماذا يريد العراق من سوريا؟" من سيجيب على هذا السؤال، خاصة وأن التعاون الأمني بين البلدين أتخذ منحا جديدا، فأن سوريا وافقت على قصف العراق لمواقع داعش في أراضيها، وهذا ما جرى في البو كمال، و"أفتخر" به العبادي، كما أكدت مصادر مطلعة الشهر الماضي، أن واشنطن طلبت من العبادي الموافقة على زج قوات مكافحة الإرهاب العراقية بعملية تحرير الرقة من سيطرة داعش، وأبدى العبادي في وقتها "موافقة بصورة غير مباشرة" وأكد انه ينتظر انتهاء معركة الموصل، بعد هذا، يعود العراق، مجددا، ليغير مواقفه، مرة تلو الأخرى، ماذا يريد؟.

فصائل الحشد الشعبي، ومنذ فترة طويلة، اتخذت خطا بعيدا عن العبادي، ومواقفه الرسمية، ولم تعر أي اهتمام لـ"الاتجاه السياسي للبلد" وانشغلت بـ"سياستها الخاصة"، بالمقابل، فأن العراق مطالب دوليا، بإيضاح علاقاته الدولية والإقليمية، وكيفية تعامله مع دول الجوار، خاصة في الوضع الراهن، حث تحولت الأراضي العراقية لـ"ساحة تدريب عسكرية مجانية"، ما يقتضي إظهار موقف حازم وثابت، للحفاظ على الكرامة" وليس آراء "متقلبة ومتناقضة"، وكل جهة تعمل وفق "ما تشاء"!!.

وكحال الخارجية أيضا، فأن نائب رئيس الجمهورية وحكومة كردستان، انتظرا أن يحل المساء وتنتهي الضربة الأمريكية، حتى يصدرا بياناتهما، وكما تقدم أعلاه بشأن تغير المواقف، فجاء بيان المالكي حاملا موقفا بـ"الضد" لكنه "مبطن"، إذ قال الهجوم الأمريكي على سوريا أهدافه ابعد من ادعاء استخدام الأسلحة الكيمياوية المدانة إنسانيا، وتعتبر أبشع جرائم الحروب.

وأضاف يبدو انها رسالة للحكام المرعوبين في المنطقة، تقول هذا تعاملنا معكم بالقوة ولا نحتاج إلى تحقيق وتدقيق في الحادثة، ولا نحتاج قرارا دوليا لضرب دولة لها سيادة.

وتابع أن المنطق والقانون يقتضي بإجراء تحقيق دقيق لتشخيص من الذي استخدم السلاح الكيمياوي لإدانته ومعاقبته، وهذا لم يحصل للأسف، بل لم تشكل لجنة للتحقيق ولو ثبت أيضا يحتاج إلى قرار دولي لإجراء تدخل عسكري في دولة.

ولفت إلى أن استخدام القوة ضد الإرهابيين ممكن تبريره، لكن ضد الدول يعد أمرا خطيرا.

المالكي، الذي يقدم نفسه "زعيما لفصائل الحشد الشعبي" وصاحب "القوة الأكثر نفوذا" بالعراق، عاد ليغير موقفه، ولم يصدر بيانا مدافعا، كحال روسيا مثلا، التي هي حليف للأسد وإيران، بل دعا لمعاقبة من استخدم السلاح!!.

وهذا الموقف أيضا اتخذته حكومة كردستان في بيانها الذي جاء مشابها لبيان الخارجية العراقية، حيث عبرت عن ادانتها الشديدة لهجوم خان شيخون، مبينة "خلال الأيام الماضية شاهدنا استخدام الأسلحة الكيمياوية ضد أهالي إدلب المدنيين، وهذه الجريمة أعادت لنا الذاكرة من جديد، جميع الجروح التي ارتكبت نهاية ثمانينات القرن الماضي ضد شعب كردستان".

وشددت على وجوب أن "يتخذ المجتمع الدولي موقفاً جاداً لمنع تكرار هذه الجريمة"، معبرة عن "أملها في أن تكون الخطوة التي اتخذت من قبل القوات الأمريكية لمنع هذه الأعمال اللاإنسانية والرد عليها، سبباً في عدم تكرار جرائم من هذا القبيل، وفي الوقت ذاته بذل جهود جدية لإيجاد حل جذري للتعقيدات والأوضاع غير الطبيعية في الشرق الأوسط". 

هل بات الأسد الآن "غير مرغوب فيه"، ولماذا لم تخرج هذه الجهات الرسمية، ببيان تدافع فيه عن الأسد، وتتهم واشنطن، مثلا، بتلفيق ملف الكيمياوي، وبأن هناك جهات اأخرى استخدمت الغاز؟ أليس الأسد "حليفا" و"حامي المقدسات"!!.