مصادر أمنية: واشنطن "طلبت" من العراق "إشراك" جهاز مكافحة الإرهاب في تحرير سوريا

آخر تحديث 2017-04-08 00:00:00 - المصدر: الزمان برس

كشفت مصادر أمنية مطلعة، اليوم السبت، أن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة العراقية مشاركة جهاز مكافحة الإرهاب في تحرير مدينة الرقة السورية، مؤكدة أن واشنطن "لجأت" للقوات العراقية بفضل من اكتسبته من خبرات عسكرية "لا يستهان" بها في مجال مكافحة الإرهاب وحرب المدن.

وقالت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هوياتها، إن "هناك طلباً أميركياً قدم إلى رئيس الحكومة حيدر العبادي يدعو إلى لمشاركة قوات العمليات الخاصة الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، لتحرير مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش"، من دون أن تذكر مزيداً من التفاصيل.

ويتضاعف التعاون العسكريّ والأمنيّ بين بغداد ودمشق مع قرب نهاية تنظيم داعش في العراق، وذلك بهدف تحصين الأراضي العراقيّة من نشاطات الجماعات الإرهابيّة المتمركزة قرب الحدود العراقيّة في سوريا.

ومع قرب نهاية داعش في العراق، تتضاعف جهود التعاون الأمنيّ والعسكريّ بين العراق وسوريا في شكل لافت للنظر، فقد أعلنت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتّحاديّة العراقيّة في 29 آذار الماضي، أن الطيران العراقي ومن خلال تنسيق عالٍ بين العراق وسوريا، قام باستهداف منطقتي البوكمال ودير الزور السوريّتين القريبتين من الحدود العراقيّة واللتين تضمّان قيادات بارزة من داعش وجماعات إرهابيّة أخرى.

وقد أسفرت الضربات عن تدمير 39 موقعاً لعصابات داعش وعدد من معامل تصنيع الأسلحة والتفخيخ والأحزمة الناسفة، إضافة الى قتل العشرات من الإرهابيّين وتدمير أعداد كبيرة من الأسلحة والعجلات وتدمير البنى التحتيّة للإرهابيّين.

وقد أضاف بيان الوكالة أنّ المجموعات الإرهابيّة التي تمّ استهدافها كانت نيّتها "شنّ هجمات كبيرة والسيطرة على مقرّات حكوميّة في الجمهوريّة العربيّة السوريّة".

وتأكيداً لما ذكرته المصادر، يقول مستشار المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات اللواء الركن عماد علو، إن "تصريحات العبادي وقادة الحشد الشعبي حول مقاتلة الإرهاب في سوريا، وما يجري على الأرض من استعدادات لمعركة الرقة بنشر 400 جندي أميركي إضافي في سوريا، وإشراك الأميركيين للمرة الأولى طائرات الاستطلاع الشهيرة التي تستخدمها CIA، كل ذلك يدل على أن واشنطن تريد إشراك القوات العراقية".

ويؤكد "المعطيات تشير إلى مشاركة محتملة للعراقيين ودور كبير ومؤثر في معركة الرقة، بفضل الخبرات التي اكتسبوها في الفترات الماضية من صراعهم مع تنظيم داعش وحربهم ضدّه"، معتبراً أن "لهذا الدور أهمية أكبر في تطورات المشهد السياسي في المنطقة، حيث أن العراق ومن خلال علاقاته الطيبة بالطرفين الأميركي والسوري سيتمكن من القيام بدور الوسيط بينهما، مما سيساعد على إعادة الاستقرار الى سوريا مجدداً".

غير أن رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، يرى أن "الضربة الجوية العراقية التي وجهت ضد المعاقل الإرهابية في البوكمال، تمثل انعاطفة جديدة في طريقة التعاطي مع الإرهاب، ولكنها لا تؤشر إلى قيام العراق بحرب برية أو جوية واسعة ضد الإرهاب في المناطق غير العراقيّة".

ويضيف "العراق سيبقى في حرب أمنية حتى بعد تحرير المدن من تنظيم داعش، على اعتبار أن هناك خلايا ستبقى تحاول زعزعة الوضع في البلاد، لذا يبدو أنه سيكتفي بالتعامل مع دول الجوار وسوريا على وجه التحديد على أساس التبادل المعلوماتي والاستخباراتي".

ويظهر ذلك أن العراق يحاول العودة من جديد إلى إثبات جدارته في محيطه العربي والإقليمي، وأن مكافحة الإرهاب معلوماتياً أو عسكرياً ستسرع تلك العودة التي قد تأخذ وقتاً طويلاً في نظر الحكومة العراقيّة عبر طرقها الدبلوماسية أو الاقتصادية.

وقد وجّه وزير الخارجيّة السوريّ وليد المعلّم في 13 آذار الماضي دعوة رسميّة إلى نظيره العراقيّ ابراهيم الجعفري لزيارة دمشق، من أجل توسيع العلاقات والاتّفاقيّات الأمنيّة والعسكريّة بين البلدين.

وقال رئيس الحكومة حيدر العبادي في 8 آذار الماضي، أثناء مشاركته في ملتقى السليمانيّة الذي تقيمه الجامعة الأميركيّة هناك "أقول، مع احترامي سيادة الدول الأخرى، إنّني سوف لن أتردّد في ضرب مواقع الإرهاب في دول مجاورة إذا كانت تهدّد الأمن في العراق".

جاء تصريح رئيس الحكومة بعد أيّام على دخول طائرات حربيّة عراقيّة إلى منطقة البوكمال داخل الحدود السوريّة لقصف مقرّات تنظيم داعش هناك، وبرّر العبادي دخول الطائرات العراقيّة إلى الحدود السوريّة بأنّه "حصل على موافقة الحكومة السوريّة".

أشادت وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون) بالضربة الجويّة التي نفّذها الطيران الحربيّ العراقيّ داخل الحدود السوريّة، وقال المتحدّث باسم الوزارة الأميركيّة جيف ديفيز، خلال مؤتمر صحفي في 24 شباط الماضي، إنّ "البنتاغون كان على علم بالضربة الجوّيّة العراقيّة داخل الحدود السوريّة، ودعمها بالمعلومات، حيث كانت الضربة الجوّيّة فاعلة وجيّدة ضدّ أهداف داعش".

واعتبر الباحث المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركيّ الجديد نيكولاس هراس، وهو مركز أبحاث أمنيّ في واشنطن، أنّ الجانب الأكثر أهميّة للتعاون العسكريّ الأمنيّ العراقي السوريّ هو في "ما يتعلّق بحقيقة أنّ مركز ثقل داعش تحوّل الآن من الموصل إلى منطقة الحدود العراقية السوريّة".

هذا ما أكّده النائب عبد العزيز حسن، في تصريح صحفي في 2 نيسان الجاري عن نقل تنظيم داعش مراكزه التخطيطيّة والتدريبيّة إلى المناطق بين الحدود العراقيّة السوريّة، وهناك يعتقد أنّ الحكومة العراقيّة لاحقت جماعات كانت تقاتل في العراق وانتقلت إلى سوريا.

وتتوقّع الحكومة العراقيّة أنّ الأهداف التي ضربتها داخل الحدود السوريّة، هي مصدر انطلاق السيّارات المفخّخة التي تضرب المدن العراقيّة، ولكنّ استمرار التعاون الأمنيّ والعسكريّ إلى جانب تصريح العبادي بتوجيه ضربات خارج الحدود العراقيّة يؤشّران إلى وجود نيّة للحكومة العراقيّة بالمشاركة في القتال في سوريا في شكل أوسع.

في المحصّلة، يبدو أنّ العراق الذي يمتلك خبرة أكثر من جيرانه على الأقلّ في مكافحة الإرهاب، سيكون قادراً على مساعدة الدول في عمليّة مكافحة الإرهاب، وهذه هي الطريقة الأنجع حاليّاً التي ستساعده ليبرز من جديد مساعداً وليس طالباً للمساعدة، لكنّ السؤال يبقى: هل سيتمكّن سياسيّو العراق من استثمار هذه الخطوة، أم أنّ الخلافات السياسيّة ستلعب دوراً سلبيّاً في إبقاء العراق على دوره المنفعل في التحوّلات الإقليميّة؟.