لا شك أن ظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة والتي تطورت لتصبح تنظيمات إرهابية، أدت بالنتيجة إلى تشويه صورة هذا الدين، إلا أن استمرار هذه التنظيمات بتنفيذ عملياتها الوحشية يهدد بـ"زوال الإسلام"، كما يرى البعض.
يقول طالب فاضل (47 عاماً)، صاحب مكتب لبيع وتأجير العقارات في بغداد، "نحن بحاجة إلى موقف لعلماء الدين الإسلامي يوضح ما يحدث ويحدد بجدية العلاقة بين الإسلام والإرهاب أو بمعنى أدق داعش".
شكوك وأفكار سيئة
ويضيف فاضل "إذا بقي رجال الدين الإسلامي في صمتهم وحالهم هذا، سينتهي هذا الدين ويختفي إلى الأبد".
ويؤكد أن "الكثير من الناس بدأوا يفقدون الثقة بحقيقة ما هو موجود في تعاليم الدين الإسلامي"، محذراً من أن "مسألة ألا يتوحد علماء الدين الإسلامي في مواقفهم ضد داعش، صار يترك عند كثير من الناس شكوكا وأفكارا سيئة حول تعاليم ومبادئ الإسلام".
ويردف "راح غيرهم ينضمون إلى تنظيم داعش الإرهابي من منطلق أنه يطبق تعاليم الدين الإسلامي الحقيقي".
وكأنهم أوصياء عليهم
أما رياض راسم (33 عاماً)، وهو عامل بناء، فقال "لم يكلف علماء الإسلام المعتدل أنفسهم تحمّل مشقة الوقوف بوجه هذا التنظيم، الذي يدعي أنه صورة عن الإسلام الحقيقي".
ويلفت إلى أن "التشدد والتطرف في فتاوى ورؤى شكل الدين الإسلامي الذي يتبعه داعش اليوم، لم يعد يناسب أو يصلح تطبيقه في المجتمع العراقي".
ويشدد راسم "أننا كمسلمين بحاجة إلى علماء للدين يقتربون من مختلف شرائح المجتمع ويختلطون بهم لمعرفة مشاكلهم وهمومهم والإنصات إلى أوجاعهم، ومحاولة إيجاد الحلول بطريقة سلمية تقترب من الإسلام".
ويؤكد "على علماء الدين الإسلامي النزول من برجهم العالي وترك النرجسية التي يتعاملون بها مع الناس وكأنهم أوصياء عليهم".
غايات ومصالح سياسية
أما مصطفى حسان (21 عاماً) فيقول "مشكلتنا كمسلمين سياسية، وعلماء الدين الإسلامي والفتاوى والاجتهادات وما يحدث الآن على الساحة كلها لغايات ومصالح سياسية"، في إشارة إلى أنه لا يوجد موقف جدي لعلماء الدين الإسلامي تجاه الأفكار الدينية المتطرفة وانتشار الكراهية.
ويلفت إلى أن "رجل الدين لم يعد يفكر بالتعاليم والمبادئ، بل صار يفكر بإنشاء دولة يحكمها الإسلام القديم، بسياسة الذي يرى الإسلام دين الله الأوحد".
حسان الذي ما زال طالباً جامعياً في المرحلة الرابعة بكلية الآدب، يشير إلى أن "هؤلاء العلماء لا يرغبون بمحاربة داعش".
الوحش الإرهابي
أما رافع عمران (58 عاماً)، فيؤكد أن "لبعض علماء الدين الإسلامي دور كبير في تمدد داعش والإرهاب وانتماء كثير من المسلمين إلى التنظيم".
ويردف "بصراحة، هؤلاء العلماء هم الذين كبّروا هذا الوحش الإرهابي وتركوه يعيث في الإسلام بشاعة".
عمران يصرّ على أن "مصيبة المسلمين الكبرى تتمثل بالفقهاء أو العلماء الذين يظهرون في الإعلام ويكتبون في الصحف، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ فينشرون الفتاوى التي تثير التفرقة والكراهية والفتن".
ويرى أن "تدهور صورة الدين الإسلامي واتهامه بالإرهاب نتيجة لممارسات خاطئة لرجال الدين الإسلامي وعلمائه. هم من دمر الإسلام. على المعتدل منهم أن يتحرك ليصحح الأمور ويجمع كل العلماء لمواجهة داعش ونفي علاقته بالإسلام".
الجهاد الكفائي ضد داعش
يتساءل علي الموسوي، وهو رجل دين ينتمي للحوزة العلمية في النجف، "من الذي أطلق فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش؟"، ويجيب "أليس هو سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني. بمعنى أن رجال وعلماء الدين هم أول من حمل السلاح لمقاتلة هذا الإرهاب".
وينفي كل الاتهامات التي وجهت لعلماء الدين الإسلامي ورجاله.
ويرى الموسوي أنه "لا يوجد حتى الآن ما يدل على أن داعش ينتمي للدين الإسلامي أو أنه صورة عنه"، مؤكداً أن "أفعال هذا التنظيم لا علاقة لها بالتعاليم الإسلامية الحقيقية، بل هناك من يعمل بها باسم الإسلام مستغلين أحداثا قديمة ووقائع تحدد بذكرها كل من يدعي أن داعش صورة عن الدين الإسلامي".
الحضرة القادرية
كما يرفض الشيخ أحمد الراوي، من الحضرة القادرية التي تعتبر أحد أبرز مراكز التصوّف في بغداد، أن توجه إلى علماء الدين الإسلامي أصابع الاتهام، قائلا "ليس لرجال الدين الإسلامي دور في ظهور داعش أو أي تعاون مع الإرهاب".
ويضيف أن "تنظيم داعش الإرهابي وغيره من الذين يثيرون التفرقة والكراهية والفتن لا يمثلون الدين الإسلامي ولا تعاليمه".
ويشير إلى أن "هذه الاتهامات كان قد روج لها كمحاولة لتشويه الدين الإسلامي وإنهاء وجوده"، موضحا أن "كثيرا من علماء الدين الإسلامي حملوا السلاح وتطوعوا ضمن صفوف الحشد الشعبي، من شيعة وسنة ومسيحيين وإيزيديين وغيرهم من مختلف الطوائف الدينية، لقتال داعش وتحرير المدن العراقية من سيطرته".