يخشى الكثير من المحللين والصحفيين بإيطاليا والعالم، أن يتعرض البابا للاغتيال على يد تنظيم "داعش" في مصر.
مؤخراً، أكد الفاتيكان بشكل رسمي أن البابا فرانسيس سيقوم بزيارته المقررة إلى مصر يومي 28 و29 نيسان، على الرغم من الهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم "داعش" في البلاد ضد اثنتين من الكنائس القبطية يوم الأحد. وقد أودت هذه الحادثة الشنيعة بحياة 44 مسيحياً وأكثر من 100 جريح، من بينهم عدة أطفال، بحسب تقرير لصحيفة Aleteia الإيطالية.
والجدير بالذكر أن عدة وسائل إعلامية قد تداولت خبر وفاة طفل صغير كان من بين ضحايا التفجير في إحدى الكنائس. وقد نشرت له صورة وهو يرتدي اللباس الديني في أثناء الاحتفالات التي شهدتها الكنيسة. وقد تبين لاحقاً أن هذا الطفل، الذي حظي باهتمام كبير من قِبل الرأي العام، قد نجا من الهجوم ولم يكن من بين القتلى.
مخاطر رحلة البابا فرانسيس إلى مصر
ما إن أكد الفاتيكان عدم إلغاء الرحلة البابوية إلى مصر، حتى انقسمت آراء مستخدمي الإنترنت بين مساند لهذا القرار وآخرين عبَّروا عن مخاوفهم؛ نظراً للمخاطر الأمنية المحيطة بهذه الزيارة.
وفي هذا الإطار، سارع العديد من المحللين الدوليين لكتابة مقالات وتقارير حول هذه المسألة، ودعوا بكل وضوحٍ البابا إلى إلغاء هذه الزيارة؛ حفاظاً على حياته. ومن بين أبرز التعليقات التي تم تناقلها، والتي تعكس حقيقة الوضع الكارثي في مصر، مقال للكاتب غوستافو كاكرا، الذي أفاد بأن "تنظيم "داعش" سوف يحاول قتل البابا فرانسيس في مصر نهاية نيسان".
ووفقاً لما ورد على لسان هذا الصحفي، فإن النظام المصري ليس قادراً على حماية موكب البابا، والدليل على ذلك أنه قد فشل في حماية المواطنين المصريين من الهجمات الإرهابية. فضلاً عن ذلك، بيَّن المصدر ذاته أن الأقباط اشتكوا في عدة مناسبات من سوء المعاملة التي يتعرضون لها، وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، ومعاناتهم التمييز داخل هذه البلاد، بالإضافة إلى سياسة التمييز التي تكرسها السلطة اضدهم، بحسب ما ذهب إيه الكاتب.
وعلى الرغم من هذا السيناريو المخيف، فإن البابا فرانسيس يسعى إلى إظهار تضامنه مع ضحايا التفجيرات الأخيرة، ودعم المسيحيين المصريين الذين يمثلون أغلبية أرثوقبطية وأقلية من الكاثوليك والبروتستانت. كما يعتزم البابا مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، فضلاً عن البابا تواضروس الثاني بطريرك الكنيسة القبطية، الذي كان حاضراً في إحدى الكنائس التي تعرضت للهجوم الإرهابي صباح يوم الأحد، علماً أنه غادر المكان قبل دقائق من حصول التفجير.
وما يزيد من خطورة الوضع في مصر، هو أن البابا فرانسيس معروف، بشكل عام، برفضه الالتزام بالإجراءات الأمنية، مثل ركوب العربات المصفحة؛ نظراً لرغبته في التقاء المواطنين بشكل مباشر ومخاطبتهم عن بُعد، إلا أنه نزل مؤخراً على رأي الجهات الأمنية بركوب سيارة مصفحة أعدت خصيصا لهذه الزيارة.
وخلال زيارته التي ستدوم يومين بالقاهرة، لن يعتمد البابا فرانسيس على عربته المكشوفة التي لطالما عُرف بها خلال جولاته في الشارع؛ بل سيتحرك بشوارع المدينة في عربة مغلقة ومصفحة.
ومن هذا المنطلق، ستكون مهمة حماية البابا فرانسيسكو في مصر معقدة، وهو ما أكده المسؤولون الأمنيون في الفاتيكان. وقد أقر بعض المسؤولين الأمنيين بأن الخطر سيكون محيطاً بالبابا في كل مكان وكل وقت خلال هذه الزيارة، خلافاً لتلك التي يجريها البابا داخل القارة الأوروبية، حيث تكون الأمور تحت السيطرة.
من جهته، أكد الصحفي غوستافو كاكرا أنه ينبغي للبابا فرانسيس إلغاء زيارته إلى مصر؛ لأنه من المتوقع أن يتعرض لهجوم إرهابي في أثناء ذلك. وفي هذا الصدد، أورد غوستافو كاكرا أنه "في حال تم اغتيال البابا بمصر، فإن ذلك سيكون آخر مسمار في نعش التسامح الديني بالعالم. في واقع الأمر، إذا قُتلت أكبر شخصية دينية في العالم المسيحي خلال هجوم يشنه مقاتلون متشددون في دولة ذات أغلبية مسلمة، فإن مثل هذا الحادث سوف يؤثر على الأجيال المقبلة من الكاثوليكيين والمسيحيين بشكل عام في الغرب، وعلى نظرتهم تجاه المسلمين، على الرغم من أن مثل هذه الجرائم يتحمل مسؤوليتها التنظيم الإرهابي وليس الدين الإسلامي نفسه".
حوادث سابقة
على مر تاريخ الكنيسة، وقعت أحداث مشابهة في عدة مناسبات، حيث تعرض البابا لمحاولة اغتيال. وفي العقود الأخيرة، كان أخطر حادث من هذا النوع ذلك الذي استهداف البابا يوحنا بولس الثاني في ساحة القديس بطرس. فقد تعرض البابا المجري لإطلاق النار على يد شاب تركي يدعى محمد علي آغا في 13 أيار 1981، خلال احتفال ديني.
وفي الأثناء، نجح الأطباء في إنقاذ حياة البابا بأعجوبة. وإثر تعافيه من تلك الحادثة، صرح البابا يوحنا بأن "هناك يداً ضغطت على الزناد، ولكن هناك أيضاً يد العناية الإلهية التي غيرت مسار الرصاصات".