حذر رئيس هيئة الفضاء السيبراني التابعة لرئاسة الأركان الإسرائيلية، العميد يارون روزين، من تحول العالم إلى "ساحة حرب جديدة"، تدور رحاها في العالم الافتراضي، مشيرا إلى أن إسرائيل تقف أمام مخاطر كبرى في هذا الصدد، وأن التطور الذي تشهده الصناعات العسكرية في إسرائيل لا يعني أنها تقف بمعزل، واصفا هذا الخطر بقوله إن "الدبابات والمقاتلات الأكثر حداثة قد تُشل بمجرد كبسة زر واحدة".
جاء ذلك خلال حوار هو الأول من نوعه، أجراه روزين مع موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" نشرته أمس الأحد.
وتعمل هيئة الفضاء السيبراني ضمن منظومة تشمل أيضا الوحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، وتختصان بحماية البنية التكنولوجية العسكرية والمدنية، فضلا عن القيام بعمليات هجومية في ساحة الفضاء الإلكتروني.
وأشار روزين، إلى أن التطورات التي تشهدها ساحة الفضاء السيبراني حولت الجميع إلى ما يشبه البيت الزجاجي، وأن الأمر لم يعد يقتصر على الدول، ولكن هناك تنظيمات وجماعات أيضا أصبحت تتمتع بقدرات سيبرانية قوية، وتشكل خطرا على الجيوش النظامية.
وتابع، أن الحروب السيبرانية لا تعرف الحدود أو القوانين أو المعاهدات، كما أنها تغطي كل نقطة في إسرائيل، مضيفا أن الهيئة التي يقف على رأسها مختصة بحماية البنية الرقمية العسكرية للجيش من الهجمات التي تتم بواسطة فيروسات قاتلة أو غير ذلك من الأسلحة الفتاكة التي يتم تخليقها في العالم الافتراضي، فيما تبقى الاختصاصات الهجومية في عهدة الوحدة 8200، تلك التي يشبه عملها عمل وكالة الأمن القومي الأمريكي "NSA".
ونوه روزين، إلى أن هذا المجال يتطلب وضع رؤية استراتيجية شاملة، لأنه مجال من شأنه أن يغير وجه العالم الذي نعرفه، مضيفا أن مجال الحرب السيبرانية المتغير "يجعل من الصعوبة بمكان معرفة ما الذي يمكن أن يحدث في اليوم التالي من تطور، وأي خطر يمكنه أن يصيبك".
وأردف أن ثمة فوارق كبيرة بين الرؤية الاستراتيجية بشأن دائرة الخطر الأولى والثانية والثالثة في الحرب التقليدية، وهي الرؤية التي حددتها إسرائيل بشأن أعدائها طبقا للمسافة والجوار، وبين الحروب السيبرانية التي تجري في العالم الافتراضي ولا تعرف حدودا أو قوانين أو معاهدات، مضيفا أن دولا كثيرة لم تدرك هذا الخطر ولم تستوعب مدى القوة التي تمتلكها الدول والجيوش التي قامت بتنظيم هذا المجال مبكرا.
وطبقا لموقع الصحيفة، فقد أعطى روزين نظرة بين السطور لمدى خطورة هذا المجال، وكيف استخدم على سبيل المثال في التسلل للشبكات والحواسب الخاصة بالحزب الديمقراطي الأمريكي بواسطة قراصنة روس، إبان الانتخابات الأمريكية الأخيرة، وكيف يمكن عبر الهجمات السيبرانية بتصنيفاتها المختلفة التأثير على أمور كبرى حول العالم وتغيير الواقع السياسي.
ونقل الموقع عن المسؤول الإسرائيلي، أن أبسط صور هذه الحرب تتمثل في التسلل إلى البريد الإلكتروني لإحدى الشخصيات وسرقة معلومات حساسة ومن ثم التلويح بنشرها بشكل علني وممارسة ضغوط عليه، مضيفا: "ماذا ستفعل لو استخدم داعش خوادم إسرائيلية مدنية من بين الكثير من تلك الخوادم في إسرائيل لكي ينفذ اعتداءً؟".
وطالب روزين بالتوصل إلى صيغة مناسبة لمعاهدة دولية ملزمة للعالم ووضع قوانين منظمة، رغم اعترافه بصعوبة ذلك، في وقت لا تعتبر فيه الدول في هذا المجال هي وحدها القوى العظمى، حيث أن هناك شركات أيضا تعد قوى عظمى في هذه الساحة، ولكن على الأقل أن تكون المعاهدة بهدف درء الحروب السيبرانية وليس منعها كلية.
وعلى الرغم من تطور إسرائيل واحتلالها مكانة متقدمة عالميا في مجال الحماية السيبرانية، لكنه حذر من أنه لا توجد دولة محصنة من الهجمات السيبرانية، مشيرا إلى ما وصفه بالخطر الإيراني والخطر الذي يشكله حزب الله في هذا الصدد، ما يعني أن نظرية صناعة الأعداء التي يتمسك بها الاحتلال الإسرائيلي لم تتغير مقارنة أيضا بالحرب التقليدية.
وفي إجابة على سؤال بشأن إذا ما كانت إسرائيل ستفعل هذا النوع من الحروب في أي معركة جديدة مع حزب الله، وإذا ما كانت ستشل البنية الرقمية اللبنانية دون أن تضطر لضرب المرافق الحيوية بصاروخ واحد؟، أشار روزين إلى أن القدرات السيبرانية تعزز القدرات التقليدية، دون أن يوفر إجابة واضحة، لكنه قال إنه في حال حدث ذلك، فإن العالم لن يجد وسيلة للقول إن هناك انتهاكا للقوانين الدولية، كما أن أحدا لن يمكنه استدعاء سفير دولة من الدول للاحتجاج على هجوم سيبراني مجهول المصدر.