قام وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس بجولة في الشرق الأوسط "لمواصلة الجهود لتعزيز الأمن الإقليمي"، وبينما جذبت اجتماعاته في السعودية ومصر وإسرائيل معظم التغطية، إلا أن مناقشاته في قطر يوم السبت، لها أهمية خاصة.
ومنذ آب 2014، قامت طائرات التحالف المدعومة من الولايات المتحدة بإطلاق عشرات الآلاف من الطلعات الجوية لقصف داعش، وأغلبها تقريبا يوجه من قاعدة العديد المتطورة في قطر، وبعبارة أخرى فإن القاعدة تلعب دورا مهما في جهود الولايات المتحدة الحربية.
وتقول صحيفة نيويورك بوست الأمريكية: "إن أهمية القاعدة الجوية تأتي مع تبعات كثيرة أخرى، حيث أعلن آدم زوبين وكيل وزارة الخزانة بالإنابة لشؤون الإرهاب والجرائم المالية في العام الماضي أن قطر أظهرت الافتقار إلى الإرادة السياسية، من أجل تنفيذ قوانين مكافحة تمويل الإرهاب على نحو فعال".
وفي شباط، قال دانييل غلاسر، الذي تخلى مؤخرا عن منصبه كأمين مساعد لوزارة الخزانة الأمريكية: إن "الممولين للإرهاب المعنيين يعملون بشكل علني وشائع في البلاد".
ويؤكد تقرير ديفيد أندرو واينبرغ في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات على ما ذكر، فبعد دراسة السجلات المتاحة وجد واينبرغ أنه "من المستحيل التعرف على حالة واحدة محددة اتهمت أو أدانت أو اعتقلت خلالها قطر أفرادا مطلوبين من قبل الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة".
كما وجد أن ممولي الإرهاب، ولا سيما أولئك الذين يدعمون فرع القاعدة في سوريا (التي تسمى الآن هيئة تحرير الشام)، "يتمتعون بالحصانة القانونية من العقاب في قطر".
وفي كانون الأول 2013، على سبيل المثال، أضافت وزارة الخزانة الأمريكية عبد الرحمن بن عمير النعيمي الذي يعيش في قطر إلى قائمة العقوبات مشيرةً إلى أنه "أمر بنقل ما يقرب من 600 ألف دولار إلى تنظيم القاعدة، وينوي إرسال المزيد".
كما تشير تقارير متعددة إلى أن قطر "تقوم بدفع فدية لتنظيم القاعدة ومجموعات أخرى عندما يقومون باختطاف الغربيين"، وتمثل هذه المدفوعات تمويلًا للإرهاب، وتشجع أيضًا على الاستمرار بعمليات الاختطاف.
وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن دولة قطر "لا تموّل الإرهاب فحسب بل تؤوي الأشرار أيضا".
وتوضح الصحيفة أنه "في عام 2015، سافر اثنان من كبار مسؤولي طالبان إلى قطر، حيث التقيا خمسة من أعضاء الحركة كانوا معتقلين في غوانتانامو وتم نقلهم إلى قطر في ظل إدارة أوباما؛ لتبادلهم مع الجندي الأمريكي الأسير بو بغدال".
وقام القطريون بلعب دور الوسيط من خلال سفارة طالبان التي ساعدوا على إنشائها في الدوحة. وتظهر مراسلات مسربة أن المسؤولين الأميركيين قلقون منذ فترة طويلة من قيام طالبان وغيرها "باستغلال قطر كموقع لجمع التبرعات".
وتضيف الصحيفة: "هناك أيضا جماعة حماس الفلسطينية التي تتمتع بملاذ آمن في قطر، حيث تجمع الكثير من النقود. وكان زعيم الحركة المنتهية ولايته خالد مشعل يعمل منذ فترة طويلة من الدوحة".
ويقال إن المسؤول العسكري التابع لحماس صالح العاروري – المشتبه في تورطه باختطاف وقتل ثلاثة مراهقين إسرائيليين، مما أثار حرب عام 2014 بين حماس وإسرائيل – يعيش الآن في قطر بعد أن تم إخراجه من تركيا.
ولا يتكلف القطريون عناء إخفاء هذا، فعندما زار مراسل صحيفة نيويورك بوست قطر قبل بضع سنوات أخبره أحد المغتربين أنه حضر افتتاح متجر ايكيا في الدوحة، وشاهد باندهاش قيام أعضاء من حركة طالبان باختبار نفس الأريكة التي اختبرها جنود أمريكيون. وأخبره أحد المغتربين فيها أن السكان المحليين يتباهون برؤية خالد مشعل في أنحاء المدينة بالطريقة التي يتباهى بها سكان نيويورك برؤية وودي ألن.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن المسؤولين في واشنطن غالبًا ما يغضون الطرف عن هذا، وربما يكون هذا بسبب قيمة قاعدة العديد الجوية الجوهرية لهم، أو بسبب المحفظة الاستثمارية الأجنبية الضخمة لقطر، أو ربما يكون هناك سبب آخر مجهول.
وعندما شنت إدارة جورج دبليو بوش الحرب على الإرهاب، أغفلت سجل قطر، بما في ذلك العقل المدبر لأحداث 11-9 خالد الشيخ محمد الذي وجد ملجأً له على الأراضي القطرية.
ولم يعاقب أي من بوش أو أوباما القطريين لتمويلهم الإرهاب. وبالتأكيد، كان يجب اعتبار قطر دولة داعمة للإرهاب من قبل وزارة الخارجية. إلا أن هذا لم يحدث أبدًا.
وحين استلم الأمير القطري الجديد تميم بن حمد آل ثاني القيادة قبل ثلاث سنوات، كانت إدارة أوباما متفائلة بأن الدولة سوف تتغير، إلا أن ذلك لم يحدث أيضًا.
حين وصل ماتيس إلى الدوحة يوم السبت، كان عليه ضمان دعم القطريين لمخططاته في الحرب، لكن لم يكن ينبغي أن يضيع الفرصة لتحميل قطر المسؤولية، حيث يجب أن يستخدم وعد ترامب في حملته الانتخابية: "على الحلفاء استخدام ثقلهم إذا كانوا يرغبون بالبقاء كحلفاء. وكون الإدارة السابقة قد تحملت تصرفات قطر ليس بعذر. على قطر التوقف عن دعم الإرهابيين".