"واجهنا الكثير من المصاعب التي كانت بعيدة عن الأنظار"، تقول أم قتيبة، 43 عاماً، نازحة عراقية تسكن برفقة أطفالها الثلاثة قرب عامرية الفلوجة منذ دخول داعش مدينة الرمادي عام 2014.
تسرد السيّدة معاناتها مع رحلة الهرب مع أطفالها من هذه المدينة وترك كل شيء بما فيه البيت والممتلكات والأشياء المهمة نزوحاً نحو بغداد، قائلة "كنت أشعر بالوحدة. وحيدة مع أطفالي وخاصة بعد أن فقدت أي خبر يتعلق بزوجي الذي كان منتسباً لقوات الأمن العراقية منذ العام 2011".
وتتابع أم قتيبة بحزن أنّها لم ترَ زوجها وتجتمع به إلا قبل أشهر قليلة. "لم أصدق عندما ساعدني بعض النازحين للوصول إليه. لم أصدق أني ألتقيه مجددا إذ كنت لا أكف من البحث والسؤال عنه".
وقد اجتمعت أم قتيبة بزوجها، لكنها تعيش في هاجس دائم من أن يذهب في مهمة أمنية وتفقد أثره مجددًا.
وصلت أم قتيبة برحلة النزوح مع أطفالها منذ ثلاث سنوات إلى مجموعة من العوائل النازحة التي تسكن بيوتاً صنعت من الطين. "اضطررت بنفسي إلى بناء بيت من الطين يقينا برد الشتاء وأمطاره وحرارة الشمس".
كانت تحاول إيجاد مكان للمبيت داخله، فهي مثل غالبية النازحين لا مال لديها. ولأنها لم تكن تعرف أحداً، قرّرت أن تبني بيتاً من الطين العادي أسوة بغيرها من النازحات لعدم توفر مواد البناء الحديثة ومستلزماته.
"كنت لا أعرف عملية البناء. لكن الجميع ساعدوني حتى صار لي بيتاً من غرفتين".
بيت الطين الذي بنته أم قتيبة لن تجد داخله غير الفراش وبعض الأغطية ومدفأة صغيرة للطبخ . "أشعر بالأمان رغم أنني أعيش في بيت من الطين منذ أكثر من سنتين".
وتشير إلى أنه برغم العوز والفقر إلا أنها تشعر بالراحة بعد أن هربت من داعش . "الناس هنا تساعدنا في كل شيء، وخاصة منظمات المجتمع المدني التي تزورنا بين الحين والآخر لتوفير بعض المواد الغذائية والحاجيات الإنسانية المهمة".
وتضيف أن الكثير من النازحين الذين كانوا يسكنون الخيام المصنوعة من القماش (الجادر) أو البلاستيك في المخيمات اضطروا لتركها واستخدام بيوت أو غرف الطين بعد بنائها بأيديهم أو بمساعدة الآخرين وكذلك بعض الشباب المتطوع بدلا منها للسكن فيها.
وتقول أم قتبية في حديثها لموقع (إرفع صوتك) إنّ طفلها قتيبة الذي يبلغ سبعة أعوام لم يلتحق بالدراسة أبداً. "كان وما زال يرفض الذهاب للمدرسة كما أقرانه. حاولت إقناعه بشتى الطرق، لكن دون جدوى".
وتسرد أم قتيبة أنها لم تعد تفكر بالعودة إلى مدينتها وقررت الاستقرار هنا لحين تحسن الأوضاع برمتها في البلاد. "لا أستطيع العودة. لم أعد أثق بالناس. وأخاف على زوجي وأطفالي من القتل".
وتضيف "لقد دفعنا النزوح والمصاعب التي واجهتنا في العيش والتمسك بالبقاء لتعلم الكثير من الأمور والعمل بها كي تستمر الحياة من دون يأس".