العراق/بغداد
تحول العراق لـ"الملاذ الآمن"، للمعارضين لأنظمة الحكم "في تركيا وإيران"، حيث شكل وجهة "مثالية" لهم منذ عقود مضت، واستغلوا النظام السياسي الذي كان قائما بالعراق لبناء قواعدهم وتمركزهم فيه، فضلا عن وجود مساحة لامتلاكهم السلاح، وبمختلف أنواعه، وهذا ما سمح به صدام حسين.
بعد العام 2003، وعودة علاقات العراق مع تركيا وإيران، وانفتاحه على العالم من جديد، أتخذ العراق أولى خطواته في إنهاء "معارضة دول الجوار" التي استغلت أرضه، لكنه تعامل مع الأمر من زاوية واحدة، ولم يكن "قرارا سياديا" بل كان "فرضا عليه"!!.
تواجد في العراق كل من منظمة خلق الإيرانية وحزب العمال الكردستاني (بي كا كا) وكلا المنظمتين مارستا أعمالهما بصورة طبيعية، ونفذتا عمليات في بلدانهم، بهدف الإطاحة بالأنظمة الحاكمة، ولكل منظمة توجهاتها وأهدافها السياسية وقادتها.
وبعيدا عن التصنيفات التي تطلقها إيران وتركيا على هذه المنظمات، فهي بالتالي قوى معارضة، أشبه بـ"ساسة العراق اليوم" الذي كانوا في سوريا ولندن وإيران، تحت عنوان "معارضة صدام".
منظمة خلق تأسست في العام 1965 بهدف الإطاحة بنظام الشاه، ومن ثم الإطاحة بالنظام الحالي "الثورة الاسلامية"، واستمرت بمعارضتها حتى اليوم، فيما تأسست البي كا كا، عام 1982، من قبل أوجلان، واستغلت المنظمة الفراغ الأمني في العراق بتسعينيات القرن الماضي، وخاصة في المناطق الشمالية والصراعات بين الديمقراطي والوطني الكردستانيان، وبنت قواعدها في المناطق الجبلية ورسخت نفسها في البلد.
تمركزت منظمة خلق في ديالى، في معسكر "أشرف" حتى العام 2009، وكان المعسكر بحماية القوات الأمريكية بعد 2003، وسلمته بدورها للعراق، الذي بدأ بتنفيذ القرار "المفروض عليه" والقاضي بترحيل عناصر المنظمة من العراق بصورة نهائية وعدم إبقاء أي شخص منهم.
بدأ تنفيذ هذا القرار بعد نقل عناصر المنظمة لمعسكر ليبرتي وتوجه العراق للأمم المتحدة لتوطين عناصر المنظمة في إحدى الدول، وتم اختيار ألبانيا، وبدأت عمليات الترحيل، على شكل دفعات.
تحرك العراق ضد المنظمة الإيرانية، لم يشهد له مثيل في الشؤون الأخرى، التي أضرت بالعراق أكثر من "خلق"، لكن "الإرادة الإيرانية" كانت أقوى من "السيادة"، وهو ما فرضته طهران بضرورة إنهاء وجود المنظمة في العراق، كونها مناهضة لها، مع أنها كانت تحت حماية مشددة وداخل معسكر خاص بهم.
هذا الأمر لو أتخذه العراق لتحسين العلاقات مع دول الجوار، لكان شمل إنهاء وجود البي كاكا في الشمال، لكن الأمر شمل "جارة" دون غيرها، وأهتم العراق بأمن إيران أكثر من أمنه، حيث ترك البي كاكا تنفذ عملياتها بصورة طبيعية في الشمال وتركيا، دون أي رادع، خاصة وأنها تمتلك أسلحة ثقيلة.
تركيا اتخذت من المنظمة ذريعة لقصفها العراق، ولم تتوقف أبدا عن ذلك، ومع هذا فأن العراق غير آبه بالمنظمة ولم يفكر، ولو لحظة، بمطاردتها وإنهاء وجودها، حفظا لأمنه، وليس "حبا بتركيا"!!.
بدأ الأمر بقرار من طهران، وسيستمر هكذا، دون أدنى تفكير بأمن العراق وسيادته، ولو أخرج العراق البي كاكا، لكان ضمن أمنه وعدم اقتحام أجوائه من قبل الطيران التركي كل يومين أو ثلاث، عكس منظمة خلق، الذين ظلوا في معسكرهم، من الحماية الأمريكية الى العراقية.
فجر اليوم، نفذت الطائرات التركية ضربة عنيفة، أقوى من الأخريات، في سنجار وأدت إلى سقوط قتلى من البيشمركة وتدمير عجلات وبنى تحتية، وكل هذا بسبب العمال الكردستاني، الذي يتستر عليه العراق.
تركيا بعد الضربة أعلنت أنها "لن تتوقف" حتى مقتل آخر "إرهابي" وتقصد به عناصر العمال الكردستاني، إذا هل سيوقف العراق "هذه المهزلة" ويطرد العمال كما طرد خلق؟.