الكاتب / إيهاب علي النواب
منذ انهيار نظام مجلس العملة في الارجنتين عام 2002، أوصى عدد متزايد من الاقتصاديين بأن تقوم الاقتصادات الصاعدة بالتخلي عن عملاتها الوطنية معاً، ومن ثم التوجه الى دولرة اقتصادياتها، وينص مفهوم الدولرة على استخدام العملات الاجنبية كأداة قانونية وحيدة للوفاء بالالتزامات والديون وغير ذلك من وظائف النقود، اذ أن نحو 21% من الدول الاعضاء في صندوق النقد الدولي يستخدمون عملة دول أخرى، وهناك عدد أخر من الدول يبحث في امكانية التخلي عن العملة الوطنية تماماً، وقد أصطلح على تسمية هذه الظاهرة بأسم الدولرة، الا أن واقع الحال يرى أن المفهوم أوسع من مجرد استخدام الدولار، وانما هو استخدام عملة دولة اخرى كأداة قانونية للوفاء والقيام بالمعاملات.
مزايا الدولرة
يدعي أنصار عمليات الدولرة من خبراء صندوق النقد الدولي وغيرهم، بأن هناك مزايا أو منافع، كما أن هناك تكلفة لعمليات الدولرة بالنسبة لدول الاقتصاديات الصاعدة، ويرى هؤلاء الخبراء ان أهم منافع الدولرة تتمثل في ازالة مخاطر العملة، ومن تقليل علاوات الخطر، وأسعار الفائدة في الاقتصادات الصاعدة، وسوف تبقى المخاطر المتعلقة بالدولة، وبالتالي سوف تظل أسعار الفائدة غير قريبة بالكامل من نظيرتها في الدول المتقدمة.
بينما يرى أخرون أن منافع الدولرة الناجمة عن استخدام الدولار الامريكي او اليورو، تشجع على الاندماج والتكامل الاقتصادي مع الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة الاميركية او الاتحاد الاوروبي، وذلك بالقياس الى الوضع عند احتفاظ كل دولة ناشئة بعملتها الوطنية، فالاندماج الاقتصادي مع هذه الاقتصاديات الكبرى يمكن أن يشجع على نمو اقتصادي أكبر وعلى استقرار الاوضاع الاقتصادية في الدولة التي تطبق الدولرة.
تكاليف الدولرة
ان فقدان أرباح عمليات اصدار العملة التي تحصل عليها الحكومة تُعد أبرز نفقة يتحملها الاقتصاد الذي يطبق الدولرة، وهناك نوعين لهذه النفقة، يتمثل الاول منها في ضرورة قيام البنك المركزي باعادة شراء العملات الوطنية الموجودة في التداول مقابل الدولار الامريكي مثلاً، اما النوع الثاني فيتمثل في تنازل البنك المركزي عن أي عوائد ناتجة عن اصدار العملة مستقبلاً، وتشير التقديرات أن عملية دولرة اقتصاد الارجنتين تتطلب 15 مليار دولار لاعادة شراء عملة الارجنتين (البيزو)، ونحو مليار دولار اخرى كل سنة نتيجة فقدان أرباح عمليات الاصدار.
وهناك تكلفة أخرى مهمة لعملية الدولرة تتمثل في فقدان البنك المركزي لوظيفة الملجأ الاخير للاقراض لباقي البنوك العاملة عند تعرضها لأزمة سيولة مؤقتة، وعليه، ففي الاقتصاد الذي يطبق الدولرة، لايستطيع صانعوا السياسات أن يستجيبوا للمصارف عند تعرضها لأزمة مؤقتة في السيولة، وكذلك لن يكونوا قادرين على استعادة الثقة في النظام المصرفي المحلي، ومن الدول التي طبقت عمليات الدولرة هي أندورا في عام 1278، اذ تبنت كعملة لها كل من الفرنك الفرنسي والبيزتا الاسبانية، وأيضاً قبرص في عام 1974، وتبنت الليرة التركية، وكذلك الاكوادور عام 2000، وتبنت الدولار الامريكي، بالاضافى للسلفادور عام 2001، وتبنت الدولار الامريكي، فضلاً عن دول أخرى مثل بنما والفاتيكان وجزر المارشال وتيمور الشرقية وسان مارينو وغيرها.
الا أنه وبعد الاستقصاء في السجل الاقتصادي لمجموعة من الدول التي طبقت الدولرة، خُلص الاقتصادي (سباستيان ادواردز)، الى أن هذه الدول قد شهدت معدلات تضخم منخفضة بالقياس الى الدول التي لم تطبق الدولرة، وقد تمثلت تكلفة هذا التضخم المنخفض في تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، الا ان العدد الصغير من الدول المطبقة لعملية الدولرة لايساعد الاقتصاديين على القيام بتقديرات ممكنة يمكن عليها لمنافع وتكاليف دولرة اقتصاد ما .
المصدر / شبكة النبأ المعلوماتية
مرتبط