العراق/بغداد
ينفخن بالبوق ويغنين على أنغام أكثر الطقوس الشعائرية إثارة في إثيوبيا، ثم يصرّحْن بحبهن للرجال، ويتوسلْن لجلدهنّ! وكلّ هذا لإظهار قدرتهن على التضحية.
هذه العادات تمارسها قبيلة "حمر" في إثيوبيا؛ إذ يؤمن أفرادها بأن الجروح التي تظهر آثارها على الشابات بعد جلدهن، تُظهر تضحياتهن وحبهنّ، حتى إذا مررن بأوقات صعبة في حياتهن لاحقاً، فإنها تسمح لهن بطلب المساعدة ممن جلدوهنّ.
والتقط المصور البريطاني جيريمي هانتر صوراً لهذا التقليد الذي يُعرف بـ"أوكولي بولا" في وادي نهر أومو، والذي تبدو فيه بعض الجلسات رقيقة، وتبدو أخرى أكثر عدوانيةَ، حسبما ذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية.
وتُجلد النساء كجزء من طقوس شعائرية للفتيان، يقومون بها للدلالة على أن الشاب أصبح رجلاً، ويُسمح له بالزواج.
ويتزين الشبان بطلاء وجوههم الذي يشير إلى حالتهم الاجتماعية، ولتحديد ما إذا كان الفتى مستعداً للانتقال من مرحلة الشباب إلى البلوغ ثم الزواج، يخضع فتيان القبيلة لطقسين أساسيين: الختان والقفز من فوق الثيران.
وبعد نجاحه في القفز من فوق الثور، يُطلق على الفتى في قبيلة "حمر" -الذي يكون عارياً دائماً في أثناء هذه الطقوس- اسم "مازا"، أي عضو راشد في القبيلة، ويمكنه الزواج.
ويُعد جلد النساء الشابات من أفراد أسرة أو أقارب الفتى الذي يخضع لهذه الطقوس الشعائرية، جزءاً رئيساً من الطقوس، حيث تنفخ النساء بالبوق ويغنين، ويُمجدن أفضال الرجال الذين خضعوا للطقوس، ويصرحن بحبهن لهم ورغبتهن في ظهور آثار الجلد عليهن. ولتخفيف آلام الجلد، الذي يُنفذ فقط بواسطة "المازا" وهم الذين خضعوا بالفعل للطقوس الشعائرية، تطلي النساء أجسادهن بالزبد.
وتتفاخر الفتيات بجروحهن كدليلٍ على شجاعتهن واستقامتهن، إنها بمثابة وثيقة تأمين لهنّ. ويهدف هذا الطقس إلى توحيد العائلة ويُعد إثباتاً لقدرة النساء على الحب، ويعتقد أفراد القبيلة أن الجروح التي تظهر على ظهورهن هي دليلٌ على تضحيتهن من أجل رجالهن، ومن ثم من المستحيل أن يرفض الرجال طلباتهن في الظروف الصعبة والطارئة.
ويشارك نحو 200 فرد من قبيلة "حمر" في هذه الطقوس.
ويقع معقل هذه القبيلة الوثنية في جنوب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ويمتد حتى بحيرة توركانا، التي عُرفت سابقاً في أثناء فترة الاستعمار الإيطالي بـ"بحيرة رودولف"، وتقع على حدود إثيوبيا مع كينيا.
ووصف المؤرخ الإيطالي الراحل كارلو كونتي روسيني، هذا الجزء من إثيوبيا بأنه "متحف الشعوب"؛ حيث تعيش 8 قبائل رئيسية على الأقل هناك، ويبلغ عدد أفرادها نحو 200 ألف شخص، لم يتعرضوا لأي تأثيرات خارجية حتى وقتٍ قريبٍ، ولكن التغيير في الطريق بفعل تأثير تكنولوجيا الهواتف العالمية وتنمية الموارد المعدنية للبلاد بواسطة الصين.
وكانت الفيضانات السنوية لنهر أومو -ولا تزال- هي مصدر الحياة لأفراد القبائل التي تعيش في هذه المنطقة، على مدار قرون، أسهم التدفق القوي وفيضانات النهر في 3 مواسم حصاد سنوياً للمحصول الرئيس في هذه المنطقة "السرغوم" (الذرة الرفيعة).