العراق/بغداد
بدأت القوى السياسية استعداداتها للانتخابات النيابية المقبلة المزمع إجراؤها العام المقبل، في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التصريحات بين أبرز زعيمين في الساحة، نوري المالكي ومقتدى الصدر.
وفي قراءة سياسية لخريطة القوى التي ستخوض غمار الانتخابات البرلمانية، يتضح أن المالكي يسعى، من خلال علاقاته الوثيقة بالحشد الشعبي، للنزول إلى الساحة السياسية بقائمة جديدة تضم قادة فصائل الحشد، مستغلًا بذلك الرصيد الذي حققه الحشد من خلال حربه ضد داعش، وتحويل تضحيات عناصر الحشد إلى أصوات انتخابية تتيح له السيطرة على البرلمان.
وشجع المالكي عام 2008 حركة عصائب أهل الحق، بالإضافة إلى دعمه قوات بدر بزعامة هادي العامري، وجاء الوقت الذي سيستثمر فيه هذا الدعم الذي قدمه لهؤلاء الشركاء، عبر دخولهم في الانتخابات بقائمة واحدة.
من جانبه، ابتعد التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر عن تلك التحالفات، رافضَا دخول الحشد في الانتخابات، وتبنى خطابًا مقاربًا لـ"السنة" ولرئيس الوزراء حيدر العبادي والقوى العلمانية والشيوعية، فضلًا عن الكردية البارزانية منها فقط، بل ذهب أبعد من ذلك ليأتي بابن أخيه أحمد مصطفى الصدر الحاصل على الماجستير في العلوم السياسية من لبنان، ليكون مهندس التحالفات المقبلة على ما يبدو.
المحلل السياسي إحسان الشمري يرى أن "التيار الصدري سعى خلال المرحلة الماضية إلى بناء تحالفات جديدة بعيدًا عن القوى الشيعية، وعزز علاقاته مع الحلفاء السابقين كالتحالف الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف القوى العراقية فضلًا عن القوى العلمانية والشيوعية".
وقال الشمري إن "التيار وضع استحقاقاته الانتخابية وسعيه لرئاسة الوزراء نصب عينيه، خاصة وأن التحالف الشيعي لم يعد يمثل الرأي العام الشيعي، ومعرفة الصدر أن المرحلة المقبلة ستكون للتيارات البعيدة عن الطائفية والأيدلوجية غير الدينية التي اتسمت بها الانتخابات الماضية كافة".
وأكد الأمين العام لعصائب أهل الحق، قيس الخزعلي في تصريح لافت الأسبوع الماضي، أن "الحشد الشعبي سيدخل الانتخابات المقبلة بقائمة واحدة"، مشيرًا إلى أن "النتيجة التي تطمح لها جميع الفصائل، هي عدم تضييع إنجازات الحشد".
ويسعى المالكي للتحالف مع تلك الفصائل، في ظل التقارب الحاصل في وجهات النظر وسعيه لتشكيل حكومة أغلبية سياسية ـ كما يسعى المالكي إلى استثمار الخصومة بين حركة التغيير الكردية ومسعود بارزاني، للتحالف مع الحركة وزعيمها نشيروان مصطفى.
وما شجع المالكي على ذلك هو سياسات رئيس الإقليم مسعود بارزاني تجاه القوى الكردية، خصوصًا بعد منع رئيس برلمان إقليم كردستان محمد يوسف المنتمي لحركة التغيير، من دخول عاصمة إقليم أربيل عام 2015، وطرد وزراء الحركة من حكومة كردستان بسبب الخلافات السياسة، وهو ما استثمره المالكي خلال الفترة الماضية عبر زيارات قام بها إلى محافظة السليمانية معقل حركة التغيير.
الإخوان والمالكي
وفي حين يعرف تحالف القوى العراقية بأنه "البيت السني"، بسبب ضمه القوى السنية المشاركة في العملية السياسية، إلا أن أزمة التحالفات والإصطفافات كانت أقوى داخل هذا البيت الذي تجزأ إلى أحزاب وكتل صغيرة.
واعتبر عضو التحالف النائب مطشر السوداني، أن "البيت السني تعرض لتصدعات وتشققات ساهمت بابتعاد مكوناته عن بعضها"، لافتا إلى أن "هناك حوارات ولقاءات يجريها بعض أطراف التحالف مع التيار الصدري، لتشكيل رؤية موحدة نحو الانتخابات المقبلة".
وقال السوداني إنه "من المحتمل أن تدخل القوى العراقية في تحالف واسع مع التيار الصدري، الذي ابتعد أخيرًا عن التحالف الوطني الشيعي، وتوجه نحو القوى الوطنية الأخرى"، منوها إلى أنه "لغاية الآن لا يوجد اتفاق نهائي، إنما فقط لقاءات وحوارات وتقارب بين الجانبين".
ووفقا لتسريبات إعلامية، يسعى المالكي والصدر لاقتسام البيت السني، عبر تشكيل تحالفات مع الأطراف القريبة من كل من هما، إذ وجّه المالكي أخيرًا أنظاره نحو رئيس البرلمان سليم الجبوري، وهو قيادي في الحزب الإسلامي العراقي التابع للإخوان المسلمين، ليشكل معه تحالفًا جديدًا بدعم إيراني.
وساهم الجبوري في إقرار قانون الحشد الشعبي الذي جعله قوات نظامية تحت سيطرة الحكومة العراقية، وهو ما يعد تقاربًا كبيرًا بين الجبوري والمالكي من جهة، والحشد الشعبي وقادته من جهة أخرى.
في ذلك، لم يستبعد مستشار رئيس البرلمان رشيد العزاوي، تحالف المالكي مع سليم الجبوري ودخولهما في قائمة واحدة، خصوصًا في ظل التقارب الحاصل بين الجانبين.
وقال العزاوي إن "التحالفات المقبلة لو تشكلت على أساسٍ طائفي، سيكون لها ردة فعل طائفية أيضًا من قبل الكتل الأخرى"، مؤكدا في الوقت ذاته "احتدام الخلاف بين مكونات التحالف الوطني الشيعي أكثر من مرة، لكن بعد الانتخابات من المتوقع أن يقوموا بتشكيل تحالف بهدف الحصول على رئاسة الوزراء".