قناة أميركية: العراقيون مستاؤون من قمة الرياض والسعودية وترامب يعززان "الانقسامات الطائفية"!

آخر تحديث 2017-05-29 00:00:00 - المصدر: الزمان برس

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن رحلته الأولى كرئيس الى خارج الولايات المتحدة منحته "أملاً جديداً بأن بلداناً ذات أديان متعددة يمكن ان تتوحد لدحر الإرهاب الذي يشكّل تهديداً مشتركاً للإنسانية جمعاء"، لكن الوقت الذي قضاه في الشرق الأوسط ربما تسبّب في تعميق الانقسامات الدينية الرئيسية في المنطقة، وفي استياء حليف بارز في محاربة الإرهاب، بحسب قناة "ABC news" الأميركية.

واختار الرئيس ترامب السعودية كأول محطة توقف في رحلته وأثنى على الملك سلمان لوقوفه ضد الإرهاب، لكن انتقاده لإيران من أرض خصمها يمكن ان يتسبب في استياء أهم حلفاء أميركا في قتال داعش وهو العراق، حسب خبراء في الشرق الأوسط.

وعند اجتماع  ترامب وعشرات القادة من الدول الإسلامية في قاعة مؤتمرات الملك عبد العزيز الأحد، كان أحد القادة البارزين في الشرق الأوسط غائباً بسبب عدم توجيه دعوة له لحضور الاجتماع.

كان رئيس الوزراء حيدر العبادي في بغداد يشرف على قتال مجموعة داعش التي أضرّت كثيراً ببلاده، وبدلاً من العبادي الذي ينتمي للطائفة الشيعية، دعت السعودية رئيس الجمهورية العراقي فؤاد معصوم من الطائفة السنّية.

ويقول الخبراء ان هذا النوع من التصرّف المبني على أسس طائفية، كان واحداً من عدة تصرفات "تتجاهل" العراق في قمة كان الهدف منها جمع المسلمين ضد الإرهاب.

ويقول النقّاد ان "استهداف" القمة لإيران كمصدر للتطرّف وتهميشها لقائد شيعي بارز قد يدفع الحكومة العراقية أكثر للوقوف الى جانب إيران في وقت تحتاج فيه الولايات المتحدة الى شريك قوي هناك.

وقال جيمس جيفري، السفير الأميركي السابق في العراق "إنه مثال آخر على إبعاد السعودية للعراق كحليف محتمل. تعتبر السعودية العراق قاعدة إيرانية وهذا يتسبب بإضعاف الجهود الأميركية".

كما قال إيلان غولدنبيرغ، مدير البرنامج الأمني للشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد والمسؤول السابق في وزارتي الخارجية والدفاع، ان "تجاهل القيادة العراقية من قبل السعوديين وعدم تواجد العبادي هناك أمر مؤسف حقاً. إنها فرصة ضائعة فعلاً".

وقال بعض الخبراء إنها تكشف عن إدارة أميركية "إما عديمة الخبرة أو لا تدرك الفروق الدقيقة في منطقة معقدة".

وأضاف جيفري "هذا الحدث يكشف عن فريق جديد عديم الخبرة في وزارة الخارجية السعودية. من المفترض ان يتنبأ هؤلاء بمثل هذه المشاكل ومواجهتها، لكن ذلك لم يحصل".

ولم تكن عدم دعوة العبادي "الإهانة الوحيدة" التي شعر بها العراقيون، فعند وصول الرئيس معصوم لم يكن في استقباله مسؤول سعودي رفيع وإنما نائب أمير الرياض. "إنه استقبال مهين" حسبما قالت الصحافة العراقية.

كما يبدو ان القمة قللت من دور العراق في حملة محاربة داعش، ولم يذكر الملك سلمان العراق في خطابه ولم يثن ترامب على جهود الجيش العراقي على خطوط القتال، وإنما لمّح الى "القوات الأميركية التي تدعم الكرد والسنّة والشيعة في القتال من أجل بلدهم".

كما لم يمنح الرئيس معصوم فرصة للحديث رغم ان مكتبه نشر نصاً لخطبة على موقعه كان قد هيأها مسبقاً، كان يريد ان يقول للقمة لو سنحت له الفرصة "قتلت مجموعة داعش السنّة والشيعة والمسيحيين والإيزيديين والعرب والكرد والتركمان والشبك وغيرهم دون تمييز، وطالت جرائمهم القبيحة كل مكونات العراق".

بالمقابل، أثنى مسؤول رفيع في الإدارة على القمة قائلاً إن "دونالد ترامب وحّد العالم الإسلامي برمته بطريقة كانت غائبة منذ سنوات".

لكن من خلال محاولة جعل إيران عدواً مشتركاً، فقد وضعت القمة العراق في موقف حرج، حيث تربط العراق وإيران علاقات وثيقة منذ سقوط صدام في 2003.

ويقول رايان كروكر، السفير الأميركي السابق في العراق انه "بسبب هذه العلاقة، قد يكون غياب العبادي عن القمة من مصلحته"، مضيفا "أعتقد ان العبادي ممتن لعدم دعوته حيث انه يحاول ان يبني علاقة مع السعودية في وقت يدفع فيه السعوديون ضد إيران. أعتقد أنه مرتاح ومسرور لعدم وضعه في موقف كهذا".

ويقول كروكر ان "المسؤولين العراقيين لا يتصرفون وكأن الأمر إهانة، بل أنهم أشادوا بما رأوه من ترامب حتى الآن".

ورغم التوتر، فقد بذل العراقيون والسعوديون جهوداً لبناء علاقات خلال الأشهر الأخيرة، حيث زار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بغداد في شباط الماضي، في أول زيارة منذ 27 عاماً، ويقول العراقيون إنهم ينسقون مع السعوديين بشأن زيارة العبادي للمملكة قريباً، حسب كروكر، في أول زيارة منذ أكثر من عقد من الزمن.

وفي المعهد الأميركي للسلام بواشنطن في شهر آذار قال العبادي عن العلاقة بين البلدين "هناك انفراج لعلاقة جوار جيد جداً. أصدقاؤنا السعوديون كانوا يعتقدون ان العراق واقع تحت سيطرة جارتنا إيران، لكننا لسنا كذلك، فالعراق يحكمه العراقيون".

ومع ذلك فالشكوك ما زالت عميقة في الرياض، حيث يراقب المسؤولون، النفوذ الإيراني في المنطقة بقلق كبير.

ويقول آرون ديفيد ميلر، المفكر ونائب مدير مركز ويلسون إن "التعامل السيء الذي شعر به العراقيون يتعلق بالطريقة التي ينظر بها السعوديون الى الحكومة العراقية وعلاقاتها بإيران. إنه يتعلق بعدم استعداد بغداد وعدم قدرتها على تجاوز إيران أكثر مما يتعلق بقتال العراق لداعش".

لكن الخبراء يقولون ان القمة لم تعط بغداد الكثير من الدفع ليغادر مدار طهران، ويقول غولدنبيرغ ان "العنصر الحاسم للسياسة الأميركية في مواجهة إيران هو تشجيع علاقات وثيقة بين العراق ودول الخليج بهدف سحب بغداد بعيداً عن طهران"، فدمج بغداد مع حلفاء الخليج يبقى أولوية عليا للولايات المتحدة.