إتاوات رسمية.. شاغلو الحي الصناعي في الفلوجة مرغمين على تحمّل نفقات الإجراءات الأمنية

آخر تحديث 2017-06-10 00:00:00 - المصدر: الزمان برس

أعلنت الحكومة المحلية في مدينة الفلوجة مؤخرا، عن الشروع بإجراءات أمنية، تتمثل ببناء سياج امني يحيط بالحي الصناعي شرقي المدينة، تمهيدا لافتتاحه بالاتفاق مع القوات الامنية، على أن يتحمل أصحاب المعامل والورش تكاليفها.

الحي الصناعي في مدينة الفلوجة (60) كلم غرب العاصمة بغداد، يعد ثاني اكبر تجمع صناعي في العراق بعد الحي الصناعي في محافظة النجف، ويمثل شريانا اقتصاديا مهما لأبناء المدينة، لاسيما وانه يمثل مصدر رزق لأكثر من60 % من السكان المحليين، فضلا عن المستفيدين من الخدمات الصناعية والميكانيكية التي يقدمها لأبناء المدينة.

الآلية التي اعتمدتها الحكومة المحلية وان كانت متأخرة بعض الشيء، وتقضي بان يتحمل شاغلو المحال الصناعية أجور بناء السياج الأمني لكنها حددت بين ( 100 - 300 ) ألف دينار كمساهمة يتحملها كل صاحب ورشة او معمل ينوي العودة الى عمله داخل هذا الحي، لم تجد هذه الآلية ترحيبا من قبل المستفيدين، وعدّوها اتاوات رسمية مرغمين على دفعها.

احمد العيساوي (58 عاما) صاحب ورشة حدادة، تحدث، قائلا: "كنت اظن أن الإجراءات في غاية السهولة، وأنني مقبل على افتتاح ورشتي من جديد واستقبال زبائني، وما أن تم الإعلان عن الآلية التي تسمح لنا بالعودة الى مزاولة أعمالنا فوجئت إلا أنني سارعت بتنظيم معاملتي وإرفاق كافة المستمسكات المطلوبة من موافقات أمنية وفواتير تثبت ملكيتي لورشتي داخل الحي الصناعي، ومنذ أكثر من شهر ومازلنا ننتظر افتتاح الحي الذي تقطعت أوصاله بسياج معدني".

ويضيف العيساوي: "مثل غيري من أصحاب الورش الذين لا يمتلكون أي عمل آخر غير عملهم الذي يبدعون فيه ويعد مصدر رزقهم الوحيد، سارعت الى افتتاح ورشة صغيرة وسط المدينة لأتمكن من إعالة عائلتي داخل مدينة أصبحت طاردت للسكان، وما أن تم الإعلان عن قرب افتتاح الحي الصناعي تم تبليغنا بإغلاق هذه الورش، ومنذ أكثر من شهرين ونحن ننتظر، أغلقت ورشنا الوقتية بانتظار الموافقات الأمنية لافتتاح الحي الصناعي، الذي تكفلنا مجبرين ببناء سياجه الأمني".

عدد كبير ممن كانوا يشغلون المحال الصناعية داخل الحي الصناعي، اضطروا الى مغادرته وتأسيس ورش جديدة خارج أسواره التي أصبحت طاردة لزبائنهم، ومنهم مازن عبود (35 عاما) الذي أصبح ميكانيكيا جوالا يعتمد على هاتفه في تلبية متطلبات زبائنه، ولم يعد بحاجة الى ورشته الصغيرة التي تركها مرغما بسبب الإجراءات والآليات التي قال عنها مشاريع  اتاوات بغطاء رسمي، عندما تحدثنا إليه وهو يشير الى ورشته التي تبدو مدمرة كليا.

عبود تحدث حول الموضوع، وقال: "ما الجدوى من إعطاء مبالغ نقدية الى الحكومة المحلية، من اجل بناء سياج امني يعرقل دخول وخروج زبائننا الى الحي، أم من اجل اعتمار المحال والورش التي دمرت غالبيتها، هذه المبالغ لم ولن تقف عند المساهمة ببناء سياج امني، سنقوم بدفع مبالغ التنظيف وإزالة العبوات، وغيرها  الكثير من الأمور التي اعتدنا عليها في السابق، من أجور الخدمات البلدية والصحية".

ويقول أيضا "الجميع هنا من إدارة محلية أو قوات أمنية، ينظرون الى الحي الصناعي على انه بؤرة إرهابية تساهم في صناعة المفخخات والعبوات الناسفة، ولا ننكر إن هناك من يستخدم هذا الحي لأعمال إرهابية، إلا أننا لا نتحمل وزر هذا الخرق، نحن أصحاب ورش ومعامل نؤدي خدماتنا وأعمالنا لغرض توفير لقمة عيش شريفة، ولا علاقة لنا بالمخططات الإرهابية وما ينتج عنها".

ويضيف العيساوي: "يجب أن تتكفل الدولة بإعادة اعمار هذا الحي وحمايته، لا أن يتحمل السكان المحليون نفقات تثقل كاهلهم، ولو كانت المبالغ للإعمار حقا، لما تأخرنا في مساعدة الحكومة المحلية، إلاأن ما نراه لا يشير الى إجراءات جدية تسهم في افتتاح هذا الحي  لذلك أخذت قراري بعدم الرجوع الى الحي وسأقوم بتأسيس ورشتي من جديد خارج هذا الحي".

الخسائر المادية على الصعيدين الشخصي، وصعيد البنى التحتية للحي الصناعي، لم يتم التطرق لها، وان اكتفت الإدارة المحلية في إشارات عدة وفي أكثر من مناسبة الى أنها تمكنت من نصب محولات كهربائية ورفع كميات كبيرة من الأنقاض والعبوات الناسفة، إلا أن الواقع يشير الى غير هذا، لاسيما وان الحي الصناعي مازال يمثل خطرا بيئيا بسبب الجثث المتفسخة التي مازالت منتشرة في عمومه فضلا عن الدمار والخراب الكبيرين اللذان لحقا بكل مفاصل الحي الصناعي.

ماجد العكاشي رجل اربعيني وهو صاحب معمل عاد مؤخرا الى المدينة واستقبل آلية افتتاح الحي الصناعي بفرح شديد، وعدها خطوة صحيحة تسهم في إعادة الحياة الى الحي الصناعي، الذي كان ومازال مصدر فخر لغالبية السكان المحليين لاسيما المستفيدين من خدماته.

العكاشي تحدث: "لا غنى لنا عن الحي الصناعي ومنشاته، فهو يمثل علامة فارقة للمدينة لما يحتويه من معامل وورش تقدم خدمات جبارة ليس للمدينة وحدها وإنما للمدن والقرى المجاورة لمدينة الفلوجة، فلا ضير من تحمل بعض النفقات لأننا نثق بان القوات الامنية والحكومة المحلية ستسعى الى إيجاد طرق واليات تسهم في دعم الحي الصناعي، وإعادته الى سابق عهده".

ويبين "عملنا داخل هذا الحي وتحت حماية القوات الامنية التي تحدد آليات وخططا تسهم في عدم سيطرة الجماعات المسلحة على أهم مجمع صناعي في العراقي هو خطوة بحاجة الى دعم الجميع لاسيما نحن أصحاب الورش والمعامل".

منذ أكثر من شهر يتدفق عدد كبير من أصحاب الورش والمحال الصناعي الى مراكز تنظيم استمارات العودة الى الحي الصناعي وتسديد المبالغ التي حددتها الإدارة المحلية لعموم المستفيدين.

الإجراءات القانونية والموافقات الامنية لم تسمح بعد بإعادة الافتتاح حسب قائممقام الفلوجة عيسى الساير الذي أكد خلال حفل افتتاح معمل غاز الفلوجة الحكومي أنه في الأيام القليلة المقبلة ستتمكن القوات الامنية والإدارة المحلية من استحصال كافة الموافقات الامنية لإعادة افتتاح الحي الصناعي الذي تم الانتهاء من خطة تأمينه بسياج امني وساتر ترابي.