ثلاثة اعوام مرت على انطلاق الحشد الشعبي كقوة عسكرية لها وجودها المؤثر بعمليات التحرير، الا ان الجانب الاخر لهذا التشكيل مليء هو الاخر بعوامل الانسانية والاجتماعية الرامية لاسترداد الحقوق ورد كل انتهاك واجرام جاء به داعش من قبيل القتل والهدم والتشريد، سيما وان هذا التنظيم لم يدع ركن او تفصيل في حياة اهالي نينوى والمناطق التي احتلها الا وزرع فيها الدمار والرعب والفظاعة.
فالحشد اضافة لدوره العسكري ساهم بتصحيح نظام الدولة وسيادتها ومسؤسساتها من خلال ملاحقة الافكار “الداعشية” الخبيثة التي حولت الارض الى بور والمدارس الى حواضن للتكفير واشاعة مناهج التشدد و”الارهاب”، فضلا عن ارسال الاطفال الى معسكرات التجنيد عبر تنظيمات “اشبال الخلافة” وتدريسهم على اساليب الذبح والانتهاكات وفق قاعدة (عبوة+عبوة).
كذلك حرص الحشد، على حماية النساء اللاتي كان لهن نصيب اكبر من احكام ما يعرف بـــ”المحاكم الشرعية” للتنظيم بإجبارهن على الزواجات غير الشرعية او التهديد بالاعتداءات عليهن او سوقهن لما يعرف بــ”جهاد النكاح”، فضلا عن سبي نساء الاقليات من المسيحيين والايزيديين وبقية الطوائف، واستخدامهن كسلع للبيع والشراء بأسواق النخاسة، وتفريقهن بين البلدان.
الاثار والمزارات ودور العبادة طالها في ظل “دولة داعش” المزعومة التجريف والهدم عبر تفجير المراقد والمقدسات للمسلمين وغيرهم، في خطوة هادفة لمحو التراث والاثر التاريخي للعراق كبلد حضاري عرفته الارض والطبيعة والاديان، كما عرفه الانسان منذ القدم، وهي محاولة اخرى لدثر ونسف عوامل الشراكة الانسانية والوطنية وروابط التعايش السلمي والمجتمعي.
وبمفهوم داعش ايضا، لم يكن للمراكز الحيوية والدوائر الرسمية والمستشفيات والاسواق ووسائل الاتصال العصرية، حضور او ظهور فهو لا يأبه بمتطلبات المجتمعات والحفاظ عليها، وقصده بذلك اشاعة نمط تقليدي للحياة يسيطر من خلاله على الجماعات والافراد وعزلهم عن محيطهم الخارجي لإحكام القبضة عليهم والامعان بأساليب القمع ضدهم وجبارهم على الخضوع له.
واخذت قوت الحشد الشعبي على عاتقها منذ انطلاق الايام الاولى لعمليات التحرير مهام، تحرير المنشآت الحيوية والحفاظ عليها مثل مصفى بيجي وسيد العظيم وجامعة تكريت ومدارسها، وكذلك الاسواق والمدن الاثرية كمدينة الحضر، وهو دأب مستمر للحشد الساعي للحفاظ على البلاد واستقراها، خاصة مع عملياته الاخيرة بتأمين الحدود وحماية السيادة الوطنية.