ذكر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن الدراسات الاستقصائية التي أجريت منذ عام 2003، تبين ان الانقسامات الطائفية هي المحددات الرئيسية للرأي العام العراقي؛ الكرد سعداء، الشيعة عموماً راضون، والسنّة غير راضين.
كان السنّة دائماً ضد النظام الذي أعقب حكم صدام ومؤسساته، وكانوا يشكلون العمود الفقري للمقاومة المسلحة ضد قوات التحالف التي اجتاحت العراق في 2003.
وأظهر الرأي العام للمجتمع السنّي من 2003 حتى النصف الأول من عام 2014 موقفاً سلبياً مع درجة عالية من الاستياء وعدم الرضا ليس فقط عن النظام السياسي بل عن أمنهم وحياتهم اليومية أيضاً.
وكان ذلك الاستياء وعدم الرضا وراء ظهور داعش في المناطق السنّية في حزيران 2014، وكانت هناك درجة من القبول بداعش في المناطق السنّية منذ أول عام من الاحتلال الأميركي، ولكن عام 2015 شهد اتجاهاً سلبياً تجاه داعش في هذه المناطق نتيجة عدم قدرة المجموعة المتطرفة على إدارة المناطق وتلبية متطلبات السنّة علاوةً على سلوكها الوحشي اللا إنساني.
وأظهر إستطلاع جديد وبحوث كمية ونوعية جديدة، خاصةً في المناطق المحررة حديثاً في الأنبار وصلاح الدين والموصل، آراءً عامة أكثر إيجابية تفتح نافذةً جديدة من الأمل ينبغي التمسك بها وعدم إهدارها. إنها لحظة نادرة عندما نرى السنّة أكثر تفاؤلاً وأكثر ثقةً برئيس الوزراء وبالقوات العراقية من المجموعات العراقية الأخرى.
وتبين الأرقام ان أكثر من نصف السنّة – خاصةً الذين كانوا يعيشون في ظل داعش – يعتقدون ان العراق يسير في الاتجاه الصحيح. وفي نفس الوقت، هناك 36% من الشيعة، و5% من الكرد فقط يعتقدون ذلك. وقال الكرد أنهم على الأرجح سيصوتون في انتخابات نيسان، مقارنةً بالطرفين الرئيسيين الآخرين في المجتمع العراقي. لكن السنّة بشكل عام – خاصةً أولئك الذين عانوا من احتلال داعش – سيكونون أكثر تصويتاً بالمقارنة مع الشيعة والكرد.
ويوحي نفس الاستطلاع ان العبادي سيقرر مصير العراق في مرحلة ما بعد داعش اذا عرف كيف يستثمر هذه الثقة بقيادته. ان أكثر من 70% من السنّة و60% من الشيعة لديهم مواقف إيجابية تجاه العبادي.
وعلاوةً على ذلك، فإن 50% من السنّة عموماً و53% من الذين عاشوا في ظل داعش يؤيدون ولاية ثانية للعبادي مقابل 35% من الشيعة.
إن الثقة بالعبادي جعلت ثلثي سكان الموصل يفضلون أي محافظ جديد يعينه، حتى لو كان شيعياً، على المحافظ الحالي. كما ان الثقة الكبيرة بالعبادي وقيادته جعلت أغلبية سكان المدينة يرفضون أي نوع من الترتيبات الاتحادية اللامركزية لإدارة مدينتهم مستقبلاً، ويفضلون أن يظلوا جزءاً من العراق ويرفضون أية دعوة لأي نوع من الترتيبات المقترحة مثل إقليم شبه مستقل أو ما شابه.
وفي السياق ذاته، يرغب أكثر من 80% من السنّة، بالأخص الذين عانوا في ظل داعش، ان يكون الجيش والشرطة العراقية هي القوات الأمنية الرئيسية في مناطقهم بدلاً من القوات العشائرية المحلية. وفي الوقت نفسه يقر السنّة ويقدرون دور وحدات الحشد الشعبي في تحرير مناطقهم من داعش، لكنهم لا يريدون أي دور لهم بعد هزيمة داعش.
وأبدى الرأي العام في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش بعض المخاوف التي ينبغي معالجتها، فاذا لم تؤخذ هذه المخاوف على محمل الجد فان داعش – أو أي تنظيم إرهابي آخر – قد يظهر من جديد في هذه المناطق مستفيداً من الوضع.
ومع ان ثلثي الذين عاشوا في ظل داعش ما زالوا يعتقدون ان داعش أو غيرها من المجاميع الإرهابية سوف تظهر من جديد في مدنهم، فإن 70% لديهم مخاوف من ان نفس السياسات الحكومية ستعود الى ما كانت عليه قبل سيطرة داعش على الموصل.
ورغم تفضيلهم لرئيس الوزراء وقواته الأمنية، فإن ما يقرب من نصف الذين عاشوا في ظل داعش لديهم مخاوف من ان الحكومة المركزية لن تتعامل معهم بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع الشيعة.