العراق/ بغداد
كشفت صحيفة "الاتحاد" الاماراتية، الاربعاء، عن "فضيحة" جديدة تتعلق بصفقة المختطفين القطريين والمليار دولار، مؤكدة ان مبلغ الفدية "المزعومة" لم يكن مخصص للحشد الشعبي والجماعة التي اختطفت الصيادين القطريين، بل لدعم تنظيم داعش وتنظيمات ارهابية اخرى في العراق وسوريا.
وقالت الصحيفة ان قطر "بررت" هذه الصفقة التي تم الكشف عنها من قبل السلطات العراقية، بأن المفاوضات التي جرت على مدار الأشهر الماضية، شهدت الاتفاق على عدة بنود لم يعلن عنها ضمن اتفاق حول ملفات عالقة في العراق وسوريا والعراق.
ومثلت هذه الصفقة "صفعة قوية"، خاصة أن الخارجيتين العراقية والقطرية خاضتا سجالاً غير مسبوق حول الموقف من الفدية التي وضعت الحكومة العراقية اليد عليها بعد الإفراج عن المختطفين القطريين.
البحث عن الحقيقة
وقضت "الاتحاد"، بحسب ما ذكرت، الأيام الماضية تبحث عبر مصادرها في موضوع الأموال القطرية التي تم تحميلها على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية، وما إذا كانت هذه الأموال ستدفع فدية لجماعات مسلحة موالية لإيران للإفراج عن المخطوفين القطريين، وبينهم أفراد من الأسرة الحاكمة والذين فقدوا في العراق عام 2015 في صحراء محافظة المثنى، أم أنها كانت موجهة لطريق آخر.
البحث كان قد تشعب ومصادرنا حملت أكثر من حكاية للموضوع تسيدها مطار بغداد الذي حطت فيه الطائرة لأربعة أيام، دون أن يسمح للجهات الامنية العراقية بتفتيشها.
وقال مصدر رفيع في مطار بغداد، إن طاقم الطائرة كان على علم مسبق بأنها ستبقى في مدرج المطار عدة أيام وهي مثبتة كرحلة من قطر إلى بغداد يوم 15 من شهر نيسان الماضي.
وأكد المصدر أن طاقم الطائرة، إضافة إلى مسؤولين بدا عليهم انهم يحملون مناصب أمنية رفيعة، رفضوا التفتيش او حتى الاطلاع على جوازات سفرهم، وأنه بعد يومين تم انزال الحقائب من الطائرة، مع استمرار رفض هؤلاء الأشخاص جميعاً فتح الحقائب أو تفتيشها.
حريق مفتعل في مطار بغداد!
وتشير الصحيفة الى ان مصدر امني في المطار، أكد أن حريقاً في المطار كان قد اندلع وتمت السيطرة عليه بعد ساعات، وأنه في هذه الأثناء جرى لقاء بين مرافقين للشحنة القطرية وقادمين على متن طائرة قادمة من أربيل، مبينا أن ثلاثة رجال بدت عليهم ملامح غير عراقية التقوا بالوفد القطري وحملوا معهم حقائب من الشحنة القادمة من قطر.
وكانت أنباء، قد أكدت أثناء تواجد الطائرة في مطار بغداد أن "صفقة مشبوهة مع عناصر إرهابية بالعراق"، قد تتم بدفع مليار دولار تقريبا، مقابل الإفراج عن 26 مختطفاً في العراق، منهم 24 صياداً قطرياً، وترتبط الصفقة بعملية إجلاء سكان أربع بلدات محاصرة في سوريا، وإن المسؤولين القطرين وصلوا إلى العاصمة العراقية وهم يحملون حقائب كبيرة، رفضوا تفتيشها تحتوى أموال الفدية، وهو ما قيل لاحقا إنها كانت فدية ضخمة تقدر بمليار دولار.
هذا الأمر لم تؤكده لنا مصادر في وزارة الداخلية مطلعة على سير التحقيقات التي جرت بعد الإفراج عن الصيادين القطريين، بل قالت المصادر إن المعلومات الأولية تشير إلى أن الصفقة رافقتها صفقة أخرى مع تنظيمات إرهابية لدفع مبالغ لها مع قطع التمويل عنها خلال الحرب في الموصل ومدن عراقية أخرى وأن الجهات المعنية ما زالت تدرس سبب دخول هذه الأموال، وهل هي بغرض التهريب أم لغسيل الأموال أم لدعم المنظمات الإرهابية.
وكان وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد اعترف بـ"الصفقة المشبوهة" التي عقدتها الدوحة مع جماعات مسلحة في العراق، للإفراج عن أمراء من الأسرة الحاكمة، تم اختطافهم في العراق منذ 16 شهرا، لكنه لم يشر بالطبع إلى موضوع دعم منظمات إرهابية أخرى بحجة الفدية للإفراج عن الصيادين القطريين.
الافراج عن المختطفين لا يحتاج المال!
مصدرنا في الداخلية أكد أيضا أن وزير الداخلية قاسم الأعرجي، كانت له اليد الطولى في عملية الإفراج وأن الجانب القطري على علم بالأمر وأن الموضوع لم يكن بحاجة إلى جلب كل تلك الأموال وهو ما أثار الاستغراب والشك في أن هذه العملية استغلت لتنفيذ مخطط آخر، وإيصال الأموال إلى جهات ليست لها علاقة بهذه العملية، بل بجهات نفد تمويلها وتحتاج إلى أموال كبيرة في هذه الفترة.
وأكد مصدرنا أن المفاوضات كانت قد بدأت منذ أكثر من عام بين ايران وجماعات مسلحة تابعة لها في العراق وسوريا وأن العملية تمت دون الحاجة إلى الأموال، لان المقابل كان سيتم في أربع بلدات سورية وليس دفع فدية مالية، ما يؤكد أن تلك الأموال استغلت الصفقة لتهريبها إلى جماعات بعينها وهو تنظيم داعش.
وحاول وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثان، في تصريحاته، أن يخرج من الحرج بعد الكشف عن هذه الأموال وأسباب دخولها للعراق، من خلال القول إن بلاده قررت تقديم الدعم الكامل للسلطات العراقية، كإجراء احتياطي لدعم السلطات العراقية وتحرير المختطفين، مستطردا "إذا لم تكن السلطات العراقية بحاجة إليها فستعود هذه الأموال إلى قطر، فقد دخلت هذه الأموال بشكل رسمي وعلني، ولم تدخل عن طريق التهريب".
وزعم وزير خارجية الدوحة، أن قطر لا تنتهك سيادة أي دولة، ولا تتورط في قضايا غسيل أموال، وهذه أموال رسمية ودخلت بشكل رسمي، مدعيا عدم تعامل قطر مع مجموعات مسلحة خارج إطار الدولة.
"عملاء" قطر في العراق
برلماني عراقي رفض الكشف عن اسمه، قال إن "دخول الأموال بشكل رسمي يتم عبر الطرق القانونية، من خلال البنوك والمصارف، وعندما تبلغ الأموال القطرية الطائلة التي تسربت لداخل البلاد مئات الملايين من الدولارات، فإن الأمر يثير الشبهات، فالدول والشركات المحترمة لا تنقل أموالا عبر الطائرات بهذا الشكل وهو ما يشير لوجود كثير من الحقائق الخفية وغير المعلنة، والتدخلات الواسعة في هذا الموضوع".
وأكد أنه كان في زيارة رسمية مع وفد رسمي عراقي إلى دولة قطر وانه التقى بأشخاص كانوا ضمن الوفد المفاوض حول الصيادين القطريين وان هذا الشخص اعترف له بأن هذه الأموال لم تكن الأولى التي دخلت العراق وان هناك الكثير من المنظمات الإنسانية، قد تسلمت مبالغ ضخمة دخلت بها إلى العراق بشقين إما كغسيل أموال أو دعم لجماعات معينة بذاتها، وأن هذا الشخص طلب من البرلماني العراقي أن يزوده بأسماء منظمات عراقية يمكنها التعاون مع قطر بتلقي الدعم مقابل تزويدها بمعلومات لمركز الدوحة للدراسات الاستراتيجية، وحسب البرلماني فانه رفض الموضوع جملة وتفصيلا.
يشار إلى أن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وصل العاصمة القطرية الدوحة يوم الاحد 4 حزيران الجاري، على رأس وفد رفيع، في زيارة رسمية التقى خلالها بأمير قطر وعددا من المسؤولين القطريين.
ليس الدفعة الاولى من المال القطري!
والأمر نفسه أكده أيضا ضابط في أحد الأجهزة الأمنية العراقية، حيث قال "هذه الدفعة من الأموال لم تكن الأولى، لكنها الأولى التي تم الكشف عنها"، دون المزيد من التفاصيل.
وأوضح أن "الطائرة وصلت إلى بغداد نهار السبت 15 نيسان الماضي بهدف نقل المختطفين الذين ينتمون للعائلة القطرية الحاكمة، وأن المسؤولين القطريين وصلوا إلى العاصمة العراقية حاملين معهم أكياساً كبيرة لم يقبلوا بتفتيشها، الأمر الذي يؤكد أنها كانت ستدفع لجهات ليست لها علاقة بالخاطفين والدليل الحريق الذي حصل في المطار مع وصول أشخاص صعدوا على متن الطائرة القطرية وغادروا إلى أربيل مرة أخرى".
وشدد المصدر الأمني أن ما تردد عن عملية اختطاف القطريين، كان ردة فعل على احتجاز رهائن عراقيين من قبل "جبهة النصرة" في سوريا، مشيراً إلى معلومات عن أن الجهة التي احتجزت القطريين "هي واحدة من أكبر فصائل الحشد الشعبي في العراق"، وهو ما يؤكد أيضا أن الأموال لم تكن ستدفع لهذه الجهات لكن عملية كشفها جعلها تقع ضمن دائرة الفدية وأنها في الأصل لم تكن مخصصة لدفع الفدية.
الخاطفون اختاروا "مسبقاً" أهدافهم!
وبحسب بيان لوزارة الداخلية العراقية عن عملية خطف القطريين فإن حادثة الخطف وقعت لعدد من الصيادين من حملة الجنسية القطرية بمنطقة "ليا"، التي تبعد نحو 30 كم جنوب شرق ناحية بصية في بادية محافظة المثنى، المحاذية للمملكة العربية السعودية، إذ أقدمت عناصر مجهولة تستقل عدداً من المركبات باختطاف هذه المجموعة، وترك آخرين داخل المخيم، ونقلتهم إلى جهة غير معلومة، وهذا يعني أيضاً أن الجهة الخاطفة على علم بالأشخاص الذين دخلوا البلاد وحددت من تريد خطفهم.
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وتحديدا في اجتماع مع قادة الحشد الشعبي في اخر تصريحاته حول الموضوع قال "جاءت أموال دخلت العراق.. الأموال وضعنا اليد عليها والآن أمانات عند البنك المركزي العراقي. لم تُصرف. سمعت بالإعلام أنها أُعطيت للجهة الفلانية وجهات فلانية.. حتى أكون واضحاً جداً، هذه الأموال لا زالت أمانات عند البنك المركزي العراقي. مشكلين لجنة وخطوات قانونية نتخذها وسنمضي بالخطوات القانونية العراقية بحذافيرها إلى نهايتها".
وتابع العبادي "حتى يتضح الأمر.. لم يُصرف منها دولار واحد ولا يورو. بصناديقها تحت إشراف لجنة.. حتى جاء اثنان يمثلون الحكومة القطرية حضروا ووُضعت أمانات الآن لدى البنك المركزي العراقي. لم تُصرف. لم يُستولى عليها. ولم تُرجع. القرار سيكون قراراً قانونياً وقضائياً عراقياً.. نعم لها جانب سياسي ولها جانب قانوني، وسنراعي الجانبين بشكل يناسب القانون العراقي".
واللجنة مكونة من البنك المركزي، والمخابرات، ووزارة الداخلية، ومؤسسات الدولة الأخرى المعنية، سواء الجمارك ومطار بغداد.
غسيل أموال قطرية في العراق
المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد جمال، من جانبه، قال إن "وضع اليد على الأموال القطرية، التي دخلت للعراق بصورة غير مشروعة ودون علم الحكومة العراقية، يصب في اتجاه تحكيم القانون ومحاربة ظاهرة الاختطاف والترويج للابتزاز المالي، ولمنع حصول أي جهة على أموال طائلة من خلال تعريض حياة المواطنين العراقيين أو رعايا الدول الأخرى ممن يدخلون العراق لهذا الخطر مستقبلاً وللوقوف بقوة أمام هذا المنهج الخطير".
وتابع بالقول "دخولهم العراق بتأشيرة رسمية قبل قرابة عام ونصف كان ينطوي على مخاطر واضحة وغير خافية على أحد، حيث كان ثلث البلاد قد احتل من قبل عصابات داعش الإرهابية، مما انعكس سلباً على الوضع الأمني الداخلي للبلد وافضى إلى حصول حالة الاختطاف خلافاً لما تم تحقيقه لحد الان بفضل دحر هذه العصابات وسلسلة الانتصارات المتحققة عليها".
وأضاف جمال أن "دخول الأموال بهذا الشكل يعد من الناحية القانونية خطأ ويعتبر غسيل أموال وغير صحيح ويجب أن يكون هناك تفاهم حول هذا الموضوع".