العراق/ بغداد
قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، إن الأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية الجديد بعد انقلابه الناعم على ولي عهد المملكة السابق الامير نايف بن عبد العزيز، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشتركان في الموقف المتشدد من إيران نفسه غير أن اتباع نهج "تصادمي" تجاه طهران يحمل في طياته خطر التصعيد في منطقة غير مستقرة.
فمن شبه المؤكد أن إيران سترد على أي موقف أكثر عداء من جانب الولايات المتحدة والسعودية، أكبر حليف لواشنطن من العرب السنة، في ساحات قتال تخوض فيها الرياض وطهران صراعاً على النفوذ في المنطقة.
واختار الملك سلمان بن عبد العزيز يوم الأربعاء ابنه الأمير محمد (31 عامًا) ولياً للعهد ومنحه سلطات واسعة.
وكان الأمير محمد قد استبعد أي حوار مع إيران، خصم المملكة اللدود، وتعهد بحماية بلاده مما وصفه بمحاولات طهران للهيمنة على العالم الإسلامي.
وفي أول اجتماع بين ترامب والأمير محمد في البيت الابيض خلال شهر مارس/ آذار الماضي أشار الاثنان إلى أهمية "التصدي لأنشطة إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة".
لكن بعض المسؤولين الحاليين والسابقين في الإدارة الأمريكية قالوا إن ذلك قد يكون له عواقب غير مقصودة.
وقال مسؤول في الحكومة الأمريكية له خبرة كبيرة منذ سنوات بعيدة بشؤون منطقة الشرق الأوسط، إن الخطر الأكبر هو انزلاق الولايات المتحدة بدرجة أعمق في الصراع السني الشيعي الذي تتكشف فصوله في الشرق الأوسط وإن هذا الخطر قد يتفاقم بسبب تفويض الرئيس ترامب لوزارة الدفاع (البنتاغون) في اتخاذ القرارات العسكرية.
وأضاف المسؤول "إذا منحت الإدارة القادة الأمريكيين سلطات أكبر في الرد على الاستفزازات الجوية والبحرية الإيرانية في الخليج وفي مضيق هرمز فقد تخرج الأمور بسهولة عن السيطرة".
كذلك فإن مواقع القوات المدعومة من الولايات المتحدة التي تقاتل في سوريا قريبة جغرافياً من القوات المدعومة من إيران التي تساند الرئيس السوري بشار الأسد.
بل أن الطائرات الحربية الأمريكية أسقطت هذا الشهر طائرتين دون طيار إيرانيتي الصنع كانتا تمثلان تهديداً للقوات الأمريكية وقوات التحالف في جنوب شرق سوريا.
كما تدعم الولايات المتحدة الحرب التي يشنها تحالف بقيادة السعودية في اليمن من خلال إعادة تزويد طائراته بالوقود وتوفير مساعدات لوجيستية ومعلومات استخباراتية محدودة.
وقال روب مالي، نائب الرئيس لشؤون السياسة في مجموعة الأزمات الدولية: "إذا قدر لنا أن نشهد حادثاً في البحر بين سفينة إيرانية وسفينة أمريكية في الخليج في وقت يشهد ارتياباً هائلاً وانعدام الاتصالات فكيف إذا يمكن نزع فتيل المواجهة بدلاً من تفاقمها؟"
وأضاف مالي مستشار شؤون الشرق الأوسط في عهد الرئيس السابق باراك أوباما "إذا ظهر موقف له طابع حربي أكثر من ذلك تجاه إيران فمن المرجح أن ترد".
وقال إيريك بيلوفسكي الذي تعامل مع قضايا الشرق الأوسط في البيت الأبيض في عهد أوباما، إن الإدارة "بذلت جهداً كبيرا لتحاشي وقوع اشتباك مباشر بين السعودية وإيران في أعالي البحار" لأسباب منها أن ذلك سيوسع نطاق الصراع الدائر في اليمن كما أن هناك أسئلة "عن النتيجة التي قد تتمخض عنها هذه المواجهة".
غير أن لوك كوفي، مدير مركز السياسة الخارجية في مؤسسة هيريتيغ فاونديشن، وهي من مراكز الأبحاث ذات التوجهات المحافظة، أبدى تشككه في أن ترد إيران رداً قوياً.
وقال "إيران لديها قدرة محدودة وخيارات محدودة للغاية للرد على القوات الأمريكية في المنطقة دون أن تتكبد رداً أمريكياً كاسحاً".
وأضاف "أعتقد أن طهران تدرك ذلك ولذلك ستظل تعمل بالأساليب المحدودة مثل مضايقة السفن الأمريكية في الخليج. وهذا يكفي للتسبب في الإزعاج لكنه لا يرقى إلى مستوى ‘الرد الانتقامي‘".
علاقة وثيقة
وقال مسؤول سابق بإدارة أوباما مشيرا إلى خطة "رؤية المملكة 2030" التي ينفذها الأمير محمد بن سلمان للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي "ثمة خطر أن ينصرف انتباهه عما يريد تحقيقه على الصعيد الاقتصادي بسبب توجهاته في السياسة الخارجية والتي تميل للمواجهة خصوصا مع إيران وكذلك مع التطرف".
وقال مالي الذي التقى الأمير محمد إن موقفه من إيران "ينبع من اقتناعه الشديد أن المملكة تحملت الكثير طويلاً ووقفت موقف المتفرج السلبي من التصرفات الإيرانية، سواء أكانت حقيقية أم مفترضة، في العراق وسوريا واليمن والبحرين بل وفي المنطقة الشرقية في السعودية ذاتها".
وأضاف "ووجهة نظره أن السعودية امتصت تلك الضربات وأنه لا يوجد ما يدعوها الآن لامتصاص المزيد منها".
وهذا يتفق تماماً مع ترامب الذي قال إن إيران تروج للشر وتعد مصدراً رئيساً لتمويل جماعات متشددة ودعمها. كما أقام الأمير محمد علاقة وثيقة مع جاريد كوشنر صهر ترامب الذي يتمتع بنفوذ كبير وسنه قريبة من سن الأمير محمد إذ إنه في الـ 36.
وقال المسؤول الأمريكي إن رغبة الأمير محمد "في التصدي لإيران أو حتى هزيمتها تجد صدى في البيت الأبيض حيث حقق ولي العهد إنًجازا يحظى بالإعجاب في صياغة علاقة مع أسرة كوشنر التي تنتمي لجيله".
وقد تناول كوشنر وزوجته إيفانكا ترامب العشاء مع الأمير محمد عندما زار الرئيس الأمريكي الرياض الشهر الماضي في أول محطة في جولته الخارجية الأولى.
وقال مسؤول كبير آخر بالإدارة الأمريكية، إنه "رغم أن واشنطن لم تتلق إخطارا مسبقا باختيار الأمير محمد وليا للعهد فقد كانت تتوقع ذلك" مضيفا "لهذا السبب حاول الرئيس إقامة علاقات جيدة معه".