"مخابئ الصحراء والاودية المغيبة".. "الخليفة" أبو بكر البغدادي بين الموت والهروب!

آخر تحديث 2017-07-05 00:00:00 - المصدر: زوراء

العراق/ بغداد

قبل ثلاث سنوات، ظهر مقطع فيديو لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، وهو يخطب في جامع النوري الكبير بمدينة الموصل ، التي كان التنظيم الجهادي قد استولى عليها للتو، وأعلن قيام "الخلافة" الإسلامية.

وفي ذلك الوقت، كان داعش قد سيطر على منطقة بمساحة المملكة المتحدة. لكن منذ ذلك الحين، أدت حرب عالمية ضد الجهاديين إلى تراجع التنظيم، ولا يزال مكان البغدادي - الذي وضعت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يعلن عن مكانه - غير معلوم.

وفي الذكرى الثالثة لأول وآخر ظهور علني للبغدادي، لم يعد تنظيم داعش يسيطر على معظم الأراضي التي كانت بحوزته من قبل، والتزم زعيم التنظيم الصمت بشكل واضح منذ مخاطبة أتباعه في رسالة صوتية مسجلة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد بداية معركة طرد التنظيم من الموصل.

ووسط هذا الصمت، ظهرت في الآونة الأخيرة تقارير غير مؤكدة عن وفاة البغدادي.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي إنه "من المرجح للغاية" أن البغدادي قد قُتل في غارة جوية روسية على الرقة في 28 آيار. وأكد مسؤول إيراني الأسبوع الماضي أنه "مات بكل تأكيد". غير أن مسئولين أمريكيين قد شككوا في كلا الادعاءين.

وفي مقطع فيديو نُشر من الرقة بعد أسبوع من ظهور التقرير الروسي، استخدم أعضاء بتنظيم الدولة كلمة "شيخنا"، بدون ذكر البغدادي بالاسم، ما أثار علامات استفهام بشأن مصيره. وكانت حركة طالبان وتنظيم القاعدة قد أخفيا وفاة زعيم حركة طالبان الملا عمر لمدة عامين.

ويعد غياب البغدادي في هذه اللحظة الحرجة أمر محير للغاية، بالنسبة لمؤيديه وأعدائه على حد سواء.

وقد تكون الإجابة على السؤال المطروح بشأن مكان البغدادي مرتبطة بمطالبته بالشرعية كخليفة، أو "أميرا للمؤمنين".

ووفقا لقاعدة دينية مثيرة للجدل، يمكن للمرشح للخلافة (من بين معايير أخرى) المطالبة بأن يكون خليفة للمؤمنين إذا كان لديه "أرض التمكين"، يحكمها وفقا للشريعة الإسلامية.

واليوم، تتقلص مساحة "أرض التمكين"، بعد أن أصبح داعش قوة مستنفدة في الموصل، ويواجه ضغوطا هائلة في الرقة، وهما العاصمتين الفعليتين للتنظيم في العراق وسوريا.

وفجّر تنظيم داعش جامع النوري قبل أسبوعين، قبل أن تتمكن قوات الأمن من الاستيلاء على الموقع.

وقد يختبئ البغدادي في ما يمكن وصفه بأنه "العاصمة الثالثة" لتنظيم داعش أي المناطق التي يسيطر عليها التنظيم حاليا على جانبي الحدود السورية والعراقية.

ويطلق تنظيم داعش على هذه المنطقة اسم "ولاية الفرات"، التي تتكون أساسا من مدينة القائم وبلدة البوكمال السورية.

وفي عام 2014، بدأ صعود تنظيم داعش في "ولاية الفرات" والمناطق المحيطة بها، ووفقا لروايات التنظيم نفسه، في مقاطع فيديو خرجت مؤخرا من محافظة الأنبار العراقية، استخدم المسلحون المنطقة كقاعدة انطلاق لعملياتهم السريعة والخاطفة في العراق وسوريا.

وتضم المنطقة أيضا ميليشيات وقبائل مسلحة ضعيفة نسبيا، لكن يمكنها أن تحافظ على المنطقة وتأمنها في حال استعادتها.

وحتى في المناطق التي يُفترض أنها قد حُررت بالفعل، مثل مدينة الرطبة التي تقع في جنوب العراق، ما زال تنظيم داعش قادرا على شن هجمات كر وفر قاتلة بشكل متكرر.

ولم تُطلق أي حملة حتى الآن لتحرير هذه المدن النائية، ولا تزال المناقشات جارية في واشنطن بشأن ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة أو الحكومة السورية وحلفاؤها أن يقودوا هجوما على الجانب السوري من الحدود.

وإذا شنت الولايات المتحدة الحملة، لا تزال هناك أسئلة حول الجهة التي ستقود العمليات القتالية: مقاتلو المعارضة أم قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.

البغدادي استغل الفوضى التي عصفت بسوريا من أجل وضع موطئ قدم هناك لتنظيم داعش.

وفي العراق، تبدو أماكن مثل تلعفر، غرب الموصل، تمثل أولوية حالية للقوات الموالية للحكومة.

ويشير هشام الهاشمي، مستشار للحكومة العراقية وخبير في شؤون الجماعات الجهادية العراقية، إلى أن "ولاية الفرات" هي على الأرجح المخبأ الحالي للبغدادي.

وقد شنت الحكومة عدة هجمات جوية على البوكمال خلال العامين الماضيين. ورُصد إياد الجميلي، أحد أقرب مساعدي البغدادي، في بلدة البوكمال السورية، وفقا للهاشمي.

كما شوهد عدد من المقربين من زعيم تنظيم داعش في البوكمال وفي مدينة الميادين، التي تعد أحد المعاقل الرئيسية لتنظيم داعش في محافظة دير الزور السورية، حسب الهاشمي.

وتعد "ولاية الفرات" هي المنطقة الوحيدة المتبقية التي يمكن أن يزعم تنظيم داعش أنها "أرض التمكين".

وقد تبدأ عملية تطهير المنطقة من عناصر التنظيم بعد عدة أشهر، وقد تستغرق وقتا أطول بكثير حتى تنتهي.

وحتى بعد تحرير هذه المناطق، من المرجح أن يلجأ تنظيم الدولة الإسلامية إلى المناطق الصحراوية ووديان الأنهار والمناطق الحدودية كمخابئ، ويشن هجمات على المراكز الحضرية.

ويميل البغدادي، على عكس الزعماء الجهاديين الآخرين، إلى الكلام أو الظهور فقط عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى ذلك - كما رأينا في إعلان إقامة الخلافة الإسلامية، وتوجيه نداء لأتباعه للصمود والقتال في الموصل.

وكلما تصعد في سلسلة القيادة في تنظيم داعش، يصبح التواصل مع الزعماء مقصورا على عدد قليل من الموالين الموثوق بهم.

وبالتالي، لا يعرف مكان البغدادي سوى عدد قليل للغاية من الأشخاص، وهو ما يصعب من مهمة الولايات المتحدة، التي لديها قوات خاصة تعمل باستمرار على البحث عن أية آثار لأكثر رجل مطلوب في العالم.

وتعد الأراضي الحدودية في سوريا والعراق مناطق آمنة ومألوفة نسبيا للبغدادي، حيث يمكنه الاختباء هناك والهروب من أية محاولات للقبض عليه أو قتله.

كما أنها تجعله قادرا على الاستمرار في المطالبة بالشرعية كخليفة للمؤمنين.